لقاء مع رشاد البيومى
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
السبت 29 يونيو 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
فى التاسعة والربع من صباح الأربعاء الماضى، جلست حوالى الساعتين مع الدكتور رشاد البيومى نائب مرشد جماعة الإخوان فى المقر العام بالمقطم.
الرجل ــ الذى درس الجيولوجيا فى كلية العلوم بجامعة القاهرة ثم استكمل دراسته فى الولايات المتحدة ــ هادى جدا، صوته منخفض، دمث الخلق ابتسامته مريحة، وقناعاته لا يمكن زحزحتها.
سألت الرجل فى أمور راهنة يمكن أن يسألها صحفى لعضو فى مكتب الإرشاد ــ المتهم بأنه الحاكم الحقيقى والوحيد لمصر حاليا.
غالبية إجابات الدكتور رشاد كانت متوقعة من قيادى إخوانى، يرى أن الجماعة قدمت كل ما تستطيع وأن بقية القوى السياسية خذلتها وكانت متربصة بها.
لدى الدكتور رشاد وغالبية قيادات الإخوان يقين لا يتزعزع بأن هناك مؤامرة كونية شاملة على الإخوان وعلى الإسلام.
ويرى الرجل بوضوح أن واشنطن تشن حملة شعواء ضد الرئيس محمد مرسى وضد الجماعة بل وضد تونس وليبيا وتركيا، أى ضد الصعود الإسلامى فى المنطقة.
الرؤية السابقة وبغض النظر هل هى صحيحة أم خاطئة يمكن تفهمها فى إطار الصراعات السياسية ورسم خرائط المنطقة، وإن كان هناك من يجادل حتى هذه اللحظة بأنه لولا الضوء الأخضر الأمريكى لما وصل الإخوان إلى السلطة ليس فقط فى مصر بل فى كل المنطقة.
ما لم أستطع فهمه واستيعابه هو أن الدكتور البيومى يعتقد أن الصراع فى مصر الآن أيديولوجى أو بعبارة أكثر وضوحا بين الإسلاميين وغيرهم، صحيح أن الرجل استدرك بقوله إنه ليس صراعا دينيا، لكن مجمل وجهة نظره التى خرجت بها من اللقاء الذى تم بحضور الأستاذ وليد شلبى ــ المستشار الإعلامى للمرشد ــ هو أن المعارضة تتربص بالإخوان لأنهم فقط إسلاميون.
مبعث الخطورة إن ما قاله الدكتور البيومى يكرره جميع أنصار الإخوان فى كل المحافل، يتعاملون مع الأزمة الراهنة باعتبارها صراعا بين معسكرين الإيمان والكفر، الأطهار فى مواجهة الأشرار.
مع مثل هذه الذهنية يستحيل أن تناقش إخوانيا فى السياسات المتبعة، إذا تحدث معك عن الجنة والنار فسوف يكون من العبث أن تحدثه عن العلم والكفاءة والتخطيط والاطلاع على تجارب الآخرين والاستفادة منها.
للمرة المليون هناك تربص بالطبع من بقايا نظام مبارك بالإخوان، بل وبكل الثورة، لكن اختزال الأمر فى الفلول والثورة المضادة، تم اختزاله أكثر والنظر إلى المعارضين باعتبارهم من الكارهين للإسلام أمر فى غاية الخطورة، ويؤكد المخاوف بأن الورقة الأخيرة فى يد الإخوان ــ وربما الورقة الوحيدة ــ هى اللعب بسلاح الدين.
الإخوان بهذا المنطق يختزلون كل شىء فى الهوية الدينية، وبهذا المنطق ــ وإذا قدر لهم أن يقضوا على «العلمانيين الكفرة»، فسوف يتصارعون مع السلفيين على من هو الأكثر إسلاما، والفائز منهما سوف يقابل الجماعات الإسلامية فى «النهائيات الدموية» مثلما نرى فى سوريا والعراق وقبل ذلك فى الصومال وأفغانستان.
أخشى أن يتحول الفلول إلى أفضل شماعة يستخدمها الإخوان فى الفترة المقبلة، الأمر الذى ينذر بكارثة شاملة اجتماعية اقتصادية سياسية، وكما كتب أحد الساخرين على الفيس بوك فإن الإخوان يتعاملون الآن مع مصر التى تزوجوها مؤخرا باعتبارها كانت مطلقة، وإذا عاتبتهم على أى خطأ يرتكبونه، يسارعون بالقول: «ألسنا أفضل قليلا من الزوج القديم».