نتنياهو يريد من الفلسطينيين أن يصبحوا إسرائيليين!!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 29 يوليه 2024 - 7:15 م
بتوقيت القاهرة
من أخطر ما قاله بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى فى خطابه أمام الكونجرس يوم الأربعاء الماضى أن من بين شروط إسرائيل للسلام مع الفلسطينيين أن يتعلم الجيل الجديد من الفلسطينيين عدم كراهية اليهود، وأن يؤمن قادة الفلسطينيين الجدد بعدم تدمير إسرائيل.
نتنياهو كذب كثيرا أمام الكونجرس، وحاول بكل الطرق شيطنة كل من يقاوم إسرائيل، وسعى بكل ما يملك من مهارات فى الكذب والخداع والدعاية إقناع أمريكا بأنها يجب أن تحارب مع إسرائيل ضد إيران، باعتبار الأخيرة منبع كل الشرور حسب رأيه، بل وصل فجره إلى قوله إن جيش الاحتلال لم يقتل المدنيين الفلسطينيين ولم يمنع دخول المساعدات!!
لكن كل ما سبق يمكن أن يندرج فى إطار الكذب السياسى الذى تعود عليه نتنياهو، وإذا كان يكذب على جزء كبير من شعبه، فهل نستكثر عليه أن يكذب على العرب وأمريكا والعالم أجمع؟!
أعود إلى ما بدأت به وهو المتعلق بالرؤية الإسرائيلية لتحقيق السلام، والشرط الأساسى الذي قاله نتنياهو هو ضرورة أن يتغير الفلسطينيون والعرب أولا حتى تفكر بلاده في عدم قتلهم!!
طبقا لما يقوله ويطلبه نتنياهو ومتطرفوه، فإن على الفلسطينيين أن يشكروا الجيش الإسرائيلى على ما فعله ويفعله بهم من قتل وتدمير وتخريب وتشريد. وأن يشجبوا ويدينوا وينتقدوا ويقاوموا أى فلسطينى يفكر فى المقاومة، وأن يعجبوا بالنموذج الإسرائيلى ويقبلوا بالعيش معهم كخدم وعبيد، وليسوا كأصحاب أرض منذ آلاف السنين.
نتنياهو ليس أول من وضع هذا الشرط الغريب والعجيب بل سبقه العديد من قادة إسرائيل منذ نشأتها وحتى الآن، لكن هذا الشرط كان يتم الالتفاف عليه بطرق كثيرة، مثل ضرورة أن تغير منظمة التحرير الفلسطينية ميثاقها ثم حركة حماس، بحيث لا يشير الميثاق من قريب أو بعيد إلى تدمير أو القضاء على إسرائيل أو حتى محاربتها.
ورغم أن كل الفلسطينيين قبلوا منذ عام ١٩٧٤ فكرة حل الدولتين، وهو ما تم رسميا بعد توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، أى الاعتراف بوجود إسرائيل على حدود ما قبل يونيو ١٩٦٧، ورغم أن حماس عدلت فى ميثاقها مؤخرا لتقبل بذلك، فإن إسرائيل لا تقبل بأقل من تغير تفكير وقناعات الفلسطينى العادى ليصبح إسرائيلى الهوى والمزاج والثقافة بل وربما فى وقت لاحق تغيير هويته ودينه!!!!
عندما كنت أستمع للقادة الإسرائيليين وهم يتحدثون عن هذا الشرط أى ضرورة أن يتغير الفلسطينيون حتى تقبل إسرائيل بالعيش معهم، كنت أعتقد أنه شرط مجازى لتعجيز الفلسطينيين، لكن كلام الإسرائيليين ابتداء من العدوان الغاشم على غزة فى ٧ أكتوبر وحتى الآن، كشف بكل جلاء أنهم يقصدون فعلا ما يقولونه، وأنهم قد أسفروا عن جوهر موقفهم بلا أى مساحيق.
هم جميعا ينكرون حل الدولتين، وقد سنوا العديد من القوانين التى تؤكد ذلك، ويدمرون غزة بلا رحمة، ويهودون الضفة ليل نهار. وأكثر من كان واضحا فيهم هو بتسلئيل سموتريتش وزير المالية ورئيس حزب «الصهيونية الدينية» والشريك الأساسى فى الائتلاف الحاكم.
سموتريتش لديه دراسة خطيرة من عام ٢٠١٧ وأعاد نشرها فى يونيو من العام الماضى وتضع الفلسطينيين بين ثلاثة خيارات لا رابع لها، وهى إما أن يقبلوا العيش فى فلسطين كمواطنين درجة ثانية وإما الرحيل وإما القتل.
حينما كنت أتحدث مع أحد خبراء الملف الإسرائيلي المصريين قبل أيام، قال لى إن هذه الخطة ليست خطة سموتريتش وحده بل هى خطة اليمين الإسرائيلى بأكمله، وربما غالبية الأحزاب والقوى السياسية الإسرائيلية، والدليل أن كل هذه الأحزاب صوتت فى الكنيست قبل أيام على مشروع قانون يمنع قيام دولة فلسطينية.
لم يكن الإسرائيليون يعبثون حينما طالبوا بإعادة كتابة القرآن الكريم وحذف كل الآيات التى تنتقد بنى إسرائيل أو تحض على الجهاد!!! كنا نظن أن ذلك مجرد شطط للحصول على مكاسب سياسية فى المفاوضات المختلفة سواء مع الفلسطينيين أو مع العرب. لكن من الواضح أن معظم العرب لم يفهم العقلية الإسرائيلية جيدا خصوصا فى المفاوضات، ربما باستثناء المصريين إلى حد ما.
النقطة الجوهرية التى ينبغى أن يفهمها كل العرب أن هذه هى العقلية الإسرائيلية ليس فقط مع الفلسطينيين، ولكن مع كل العرب، بل ربما مع كل العالم.. فانتبهوا يا أولى الألباب.