بأى ذنبٍ سُجِنت؟
نادر بكار
آخر تحديث:
الجمعة 29 نوفمبر 2013 - 10:22 ص
بتوقيت القاهرة
كانت أراذل العرب قبل الإسلام تأد بناتها أحياء، فيهيل الأب منتكس الفطرة منزوع القلب التراب على ابنته ولا ذنب قد اقترفته زاعما أنه يأمن بتلك الفعلة الشنيعة من فقر أو معرة.... وحقيقة لا أدرى أيهما أشد إيلاما على فتيات حكم عليهن بإحدى عشرة سنة سجنا، أن يدفن أحياء تحت التراب، أم تدفن أحلامهن وأحلام أهلهن، وتذبل زهرة حياتهن فى سجون لا تعرف حتى الحفاظ على الآدمية.
أى جرم ارتكبته فتيات فى الخامسة عشرة ذلك الذى يزج بهن فى غياهب السجون سنوات تقارب أعمارهن طولا.
ولم تقل ْإحداهن زورا ولم تغش فجورا؟.... مأساة لم تحدث حتى فى أحلك فترات مبارك سوادا.
فتيات فى المرحلة الثانوية سيقاسين مرارا يفوق الوصف وهن يجاورن المجرمات الحقيقيات من قتلة وداعرات ومروجات مخدرات، كل هذا لأجل مشاركتهن فى تظاهرة؟ هل أصبح التظاهر فى حد ذاته جريمة، أم أنه تنكيل بكل من انتمى لفصيل بعينه بغض النظر عن اعتبارات العدل والرحمة؟
بالأمس يقضى على شباب قاصر بالسجن سبعة عشر عاما دفعة واحدة واليوم فتيات تمزق أعمارهن فى السجون وتهمتهن التظاهر، بربك أخبرنى أى سلوك تتوقعه من هؤلاء الشباب عند خروجهم؟ أى فائدة يرجوها وطن من هؤلاء وذويهم وأترابهم؟ كل هذا والبلطجية مطلقو السراح وعتاة المجرمين يمرحون فى الأرض بغير نكير، ومبارك نفسه يوشك أن ينعم بالحرية كحمل وديع.
المسألة فى غاية الخطورة، والنار تأكل قلوب الناس، ويكاد لهيبها يطال الجميع... والظلم شؤم على الوطن بأسره يوشك أن يستمطر لعنات لن تبرح الأرض حتى تتركنا للناس عبرة، والظلم ظلمات يوم القيامة، وفى الحديث القدسى: «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا».... ولقد سكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم من قبل، أليس منكم رجل رشيد؟
لا نستجدى منك عطفا أو رحمة يا قاضى الدنيا، فلسنا نجادلك عن مجرمات باغيات، بل عن حرائر شريفات وإن اختلفنا معهن فى الرأى والتوجه، لكنى أخوفك بالجبار قاضى السماوات والأرض، أخوفك بالقهار قاضى اليوم الآخر، أخوفك بمن اطلع على ضميرك ويعلم سرك وأخفى، بالذى لا يظلم مثال ذرة ويحصى عليك أنفاسك ويعلم خواطرك.
يا قاضى الدنيا أما سمعت يوما عن حديث لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقسم القضاة إلى ثلاثة أقسام اثنان منهم فى النار؟ اعرض نفسك على هذه الأقسام وتخير منها لنفسك ما شئت فالأمر بيدك الآن وغدا تسأل عن نتيجته.... ((القضاة ثلاثة: اثنان فى النار وواحد فى الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو فى الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار فى الحكم فهو فى النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو فى النار )).