لا بد من تفكير ونضال جديدين
علي محمد فخرو
آخر تحديث:
الأربعاء 29 نوفمبر 2023 - 6:55 م
بتوقيت القاهرة
لا يستطيع الإنسان أن يتنبأ بعد بالكوارث والأهوال التى تنتظر الأخوات والإخوة الفلسطينيين، ومعهم كل الشعوب العربية، فى نهاية الجحيم الذى أشعله الكيان الصهيونى فى غزة وسائر فلسطين، بمباركة عمياء من قبل بعض حكومات دول الغرب وبانحياز غير مسبوق من قبل إعلام تلك الدول، وبتجاهل غريب لمشاعر مئات الملايين من شعوب العالم المتظاهرين فى مئات المدن الكبرى رفضا لذلك الجحيم ومناداة بإعطاء الشعب الفلسطينى حقوقه الإنسانية المشروعة.
لكن الذى نعرفه بوضوح وبهاجس ملح بأن الكوارث والفضائح التى رأيناها طيلة الخمسين يوما الماضية والإهانات التى وجهت إلى هذه الأمة تستدعى وقفة جديدة من قبل مؤسسات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى ومجلس التعاون الخليجى للنظر فى الحالة المزرية التى وصلت إليها هذه الأمة. وهى وقفة يجب أن تطال العلاقات الدبلوماسية والسياسية الأخرى والاقتصادية مع الدول الغربية التى أظهرت استهتارا مخجلا بكل حقوق أمة العرب، لا فى فلسطين فقط، وإنما فى كل أرض الوطن العربى. وهى وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تاريخ الأخطاء والخطايا التى ارتكبتها بعض دول الغرب طيلة القرنين الماضيين وساهمت فى تمزيق هذه الأمة وإضعافها وإشغالها بما لا يحصى من مشاكل، وعلى رأسها بحل مشكلة اضطهاد اليهود فى أوروبا ومن قبل أوروبا، ولكن حلها على حساب شعب فلسطين وعلى حساب استقرار وتنمية كل الأقطار العربية.
وهى وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مستجدات التغيرات الدولية فى السياسة والأمن والاقتصاد من خلال مصالح هذه الأمة وليس من خلال، كما جرى فى السابق، إرضاء أمريكا أو دول الغرب الأوروبية الاستعمارية. وعلى الأخص تغيير التفكير الخاطئ السابق الذى كان يعتقد، خاطئا وضالا، بأن مفاتيح هذا الكون هى فقط فى يد قوى الاستعمار الغربى وحلفائه، خصوصا بعد تكون تكتلات منافسة لذلك الغرب الاستعمارى وفيها كل إمكانيات الحضارة التكنولوجية والعلمية الحديثة.
وهى وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن الغالبية الساحقة من الشعوب العربية قد تعبت من مؤامرات الغرب وابتزازاته وما عادت تحترم مواقفه، بعد أن تبين انحيازه التام المخزى الأخير لسفاحى الأطفال وساحقى العمران فى مدينة غزة المحاصرة بلا شفقة ولا إنسانية ولا تحضر.
وفى نفس الوقت، وبصورة جذرية، ستحتاج قوى مؤسسات المجتمع المدنى العربية أن تبدأ مناقشات فيما بين بعضها البعض بشأن هذا الموضوع برمته، خصوصا فيما يتعلق بمقاطعة بضائع كل شركات الغرب المساندة والممولة للعدوان الصهيونى فى فلسطين وفى أى مكان فى الوطن العربى.
لا يمكن لأية أمة تحترم نفسها أن تتعايش مع الحالة التى عاشتها وتعيشها، ولا يمكن لأية حكومة عربية أن تتحجج بأية حجج بعد الآن بالنسبة للصراع العربى ــ الصهيونى الوجودى الذى أوصلته القوى الصهيونية العالمية والقوى الصهيونية اليمينية الاستعمارية الاستئصالية فى فلسطين المحتلة إلى طريق مسدود تتلاعب فى أرجائه هى والقوى الاستعمارى المساندة.
نقولها لشباب وشابات الأمة العربية بصراحة لا غمغمة فيها بأنكم تحتاجون أن تناضلوا من أجل السير فى تلك الطرق، وأنه بدون نضالاتكم ستكون الطرق صعبة إن لم تكن مسدودة.