قصة شارع تمرد على الإخوان
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
السبت 29 ديسمبر 2012 - 7:50 ص
بتوقيت القاهرة
فى أحد شوارع وسط البلد اجتمع بعض سكان وأصحاب المحال مؤخرا وتناقشوا فى أحوال بلدهم، خصوصا أن ما يحدث بالقرب منهم فى ميدان التحرير يؤثر فى حياتهم تأثيرا كبيرا.
هذه المجموعة ليست مسيسة ولا يوجد عندها انتماءات سياسية محددة، معظمهم يختار نواب البرلمان اعتمادا على العامل الخدمى، وبعضهم صوت لنواب الإخوان فى الانتخابات الأخيرة ظنا منهم أنهم أكثر تقوى وأقل فسادا.
ومنذ قيام الثورة بدأوا يداومون على قراءة الصحف ومتابعة البرامج الإخبارية الفضائية، بعد أن كان جل اهتمامهم ينصرف إلى المسلسلات والدورى العام أو الدورى الإسبانى.
النتيجة النهائية لاجتماع مجلس إدارة هذا الشارع إذا جاز استخدام هذا التعبير أنهم صاروا معارضين إلى حد ما لجماعة الإخوان بعد التطورات الأخيرة من أول الإعلان الدستورى نهاية بالإصرار على السير فى طريق الاستفتاء حتى رغم الموافقة عليه.
قد يكون ذلك طبيعيا الآن فى أماكن كثيرة فى مصر، لكن الجديد أنهم قرروا أن يتحركوا خطوة للأمام، ويقنعوا بقية سكان الشارع بعدم التصويت للإخوان فى الانتخابات المقبلة.
القصة السابقة سمعتها من شخص أثق فيه تماما، ولم أقتنع بها حتى قابلت أحد سكان الشارع فأعاد لى القصة من بدايتها بتفاصيل أكثر. تقديرى المتواضع أن هذا التغيير فى تفكير المصريين ليصبحوا أكثر إيجابية هو أحد أفضل الثمار لثورة 25 يناير.
سيسأل سائل: وما هى اهمية هذه القصة التى قد يراها كثيرون عادية؟!.
الاجابة ان الاخوان المسلمين وانطلاقا من نظرتهم البرجماتية عليهم ان يفكروا طويلا فى مغزاها.
سكان هذا الشارع يصعب وصفهم بأنهم ليبراليون وعلمانيون لأن حياتهم مقسمة بين العمل والمسجد وهم لا يكنون الكثير من الود ايضا لغالبية رموز الحركة السياسية التقليدية وبالتالى هم ليسوا أعداء للإخوان.
لا يدرك الإخوان أنهم ركزوا كثيرا على القضايا السياسية البحتة وأهملوا كثيرا قضايا الناس اليومية خصوصا المعيشية، وبسبب ذلك يمكن اكتشاف تحول كثير منهم عن تأييد الاخوان وربما التصويت لأى حزب آخر، وبالطبع يظل هذا الأمر مجرد احتمال حتى تأتى الانتخابات.
عندى انطباع بأن الإخوان لا يزالون يتعاملون باعتبارهم «الجماعة المحظورة» أيام مبارك، فى مرات كثيرة تشعر أنهم يتصرفون وكأنهم لم يمسكوا حتى الآن بالحكم وببعض مفاصل الدولة.
المواطن البسيط قد لا يهتم كثيرا بالإعلان الدستورى أو الدستور نفسه وقد لا يشغله التظاهر والاعتصام فى التحرير أو أى ميدان آخر، بل قد يكون ناقما على كل هذه الأمور وعلى الجدل الذى يراه بلا معنى بين النخبة السياسية. حكم هذا المواطن على السلطة أى سلطة يتمثل فى أن توفر له الأشياء الأساسية المعيشية. ربما يكون جمال عبدالناصر ــ الذى حرمهم من الحريات ــ أكثر من فهم هذه المعادلة، ورغم ذلك أحبوه كما لم يحبوا رئيسا مثله، مبارك حرمهم من المأكل والمشرب والمسكن وأعطاهم هامشا من الحريات اقرب إلى «حرية النباح» وفى النهاية خلعوه وسجنوه.
الإخوان المسلمين لم يوفروا حتى الآن حياة اقتصادية مريحة، ورغم ذلك يريدون الالتفاف على هامش الحريات الذى خلفته الثورة ومعهم كل سلطات الدولة ودخلوا فى معارك مع الجميع.
خلاصة الكلام السابق ــ وأرجو أن يصل إلى من يهمه الأمر من أهل الحكم ــ أنه لا يمكن الضحك على كل الناس وخداعهم واللعب بالألفاظ طوال الوقت.
لم يستطع مبارك ونظامه ان يفعل ذلك، والمؤكد انه بعد ثورة 25 يناير صار مستحيلا على أى فصيل أن يكرره.
فانتهبوا أيها الإخوان يرحمكم الله.