نشر موقع Eurasia Review مقالا بتاريخ 24 مايو للكاتب أندرياس ثونهوزر، تناول فيه آراء بعض الأساتذة خلال مؤتمر «طوبولوجيا الذكاء» حول إمكانيات الذكاء الاصطناعى وتأثيره على حياة البشر بحضور علماء من شتى المجالات.. نعرض من المقال ما يلى. هل ستكون الروبوتات ذات يوم أفضل فى الطب والقانون من البشر؟ كان هذا أحد الموضوعات التى ناقشها العلماء واللاهوتيون فى اجتماع عقد أخيرا فى روما. استضافت مؤسسة تمبلتون الخيرية مؤتمر «طوبولوجيا الذكاء» يوم التاسع عشر من مايو حضره خبراء فى الهندسة والرياضيات وعلم الأحياء والفلسفة واللاهوت.
سعى علماء كل من الجامعات العلمانية والكاثوليكية إلى وصف «العلاقة بين العلم والفلسفة» من خلال التركيز على «التعقيد والواقع والبحث فى الذكاء». حيث قالت مارتا بيرتولاسو الأستاذة بجامعة حرم روما للطب الحيوى، والتى ساعدت فى تنظيم المؤتمر: «أعتقد أننا نعاصر لحظة إيجابية لمناقشة الذكاء وخاصة الذكاء الاصطناعى، لأن هناك العديد من الأسئلة حول هذه المواضيع». وأوضحت أن الذكاء الاصطناعى (AI) هو مصطلح يعود تاريخه إلى القرن الماضى، «تمت صياغته بدقة من أجل توضيح كيف يحاول البشر تعبئة بعض الجوانب، وبعض الوظائف، لقدراتنا الفكرية». إن التحدى الذى يمثله الذكاء الاصطناعى لا يكمن فى إمكانياته التكنولوجية، بل كيف يمكن للبشر استخدامه لبناء بيئات جديدة يُستحق العيش فيها. بشكل عام، كانت بيرتولاسو متفائلة إلى حد ما بأن التطورات الجديدة سيكون لها تأثير إيجابى على مستقبل البشرية. وشارك هذا التفاؤل أندرو سيرازين، رئيس مؤسسة تمبلتون الخيرية العالمية، «أعتقد أنه تم تذكيرنا اليوم أننا شركاء المستقبل مع علماء اللاهوت.. والكنيسة هى وسيلة لتحقيق هذا التعاون». وأضاف أنه «متفائل للغاية بشأن تطبيق العلم والتكنولوجيا»، فضلا عن تطوير الذكاء الاصطناعى، ولكن فقط «إذا احتفظنا بقيمنا الأساسية فى السعى وراء الحقيقة وكرامة الشخص».
بدأ ماكس بونيلا، المدير الدولى لـthe Expanded Reason Institute بجامعة فرانسيسكو دى فيتوريا فى إسبانيا، الدعوة من أجل بناء «جسر بين الكنيسة والعلم»، لتعزيز فهم أعمق للذكاء الاصطناعى، وكذلك لتعميق الحوار بين العلوم التجريبية والفلسفة واللاهوت.
تكون المؤتمر من ثلاثة أجزاء تدور حول مفاهيم التعبير عن الذكاء وتعريفه وفهمه. ففى الجزء الأول، استمع الجمهور إلى آراء أندرو بارون، أخصائى الأمراض العصبية بجامعة ماكوارى الأسترالية، الذى شرح كيف يُظهر النحل نوعا معينا من السلوك الذكى فى أنماط رحلاته وقراراته المتعلقة بالتنقل. ناقش العالم اللاهوتى والفيزيائى جوليو ماسبيرو مع الفيزيائى النظرى ماريو راسيتى خلال الجزء الثانى، لماذا قد يكون من الصعب قياس الذكاء الاصطناعى العام؟ على الرغم من أن العلماء يدرسون بالفعل أمثلة على الذكاء غير البشرى مثل رقصة النحل. سلطت اللجنة الثالثة الضوء على أن الذكاء الاصطناعى يفتقر حتى الآن جودة الوعى الذاتى، مازالت تلك اللحظة التى تصبح فيها أجهزة الكمبيوتر ذكية بما يكفى لتكون واعية بذاتها بعيدة بعض الشىء، ولكن عرض المؤتمر أن أجهزة الكمبيوتر ستتقن مهارات أو فنونا معينة مثل الطب والقانون والرياضيات على مستوى متساوٍ أو أفضل من البشر فى النهاية. سيكون لهذه التطورات تأثير على نظرتنا للإنسان وحقوقه وفهمنا لذاتنا.
أكد سرازين أن المؤتمر كان متعدد التخصصات، وقال: «إن أهمية هذا المزيج الفريد من الأشخاص الذى جمعناه معا يكمن فى فهمنا لذاتنا، وفهمنا لكيفية ازدهار البشر ومن أجل الوصول إلى الحقيقة، فإن تلك الحقيقة لها كمال لا يتم وصفه فقط بالرياضيات، أو بالفن، أو بالتاريخ، بل من خلال معرفة وجهات النظر المختلفة هذه. لهذا السبب جمع هذا المؤتمر بين علماء الدين والعلم التجريبى لأنهما ركائز حضارتنا. «ولذلك عندما نفكر فى حل أى مشكلة سواء كان ذلك تغير المناخ أو الفقر أو تطبيقات الذكاء الاصطناعى، يجب علينا توفير جميع الموارد التى يمكن أن تقدمها البشرية»، فالاختلاف من أهم السمات البشرية. اختتم سيرازين قوله إن هدف مؤسسته هو «إبقاء البشر فى هذه الحلقة».
هناك المزيد والمزيد من الخوارزميات التى تتخذ القرارات للناس. وهذا سبب آخر لضرورة تعامل الفلاسفة وعلماء الدين مع علماء الكمبيوتر ومطورى التكنولوجيا الجديدة. «أعتقد أن ما هو مهم جدا بشأن الاحتفاظ بالمنظور البشرى وفهم الإنسان الذى يأتى من اللاهوت والفلسفة، هو الكرامة الأساسية المتأصلة داخل الإنسانية وليس الاستناد إلى مصادر خارجية لهذه القرارات للخوارزميات أو الآلات. والاحتفاظ بسلطة الناس فى اتخاذ القرار، لأن الناس لديهم السلطة الأخلاقية للتصرف فى العالم بشكل أساسى».
ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمرالنص الأصلى