الإعلام الغربى.. وتطورات فلسطين ولبنان
خولة مطر
آخر تحديث:
الأحد 30 يونيو 2024 - 5:55 م
بتوقيت القاهرة
عندما كتب أحد «الإنفلونسرز» فى أمريكا، وآخرون فى أوروبا، من الفنانين والمشاهير والمهتمين بالشأن الإنسانى ما معناه «كنا نتصور أننا نحرر غزة وجدنا أن غزة تحررنا» لم يستوعب كثر منا المعنى رغم أن الأحداث المتسارعة والتطورات التى قسمت العالم بأكمله فإما أن تكون مع الحق ويعنى ذلك مع فلسطين أو تكون مع المحتل وإبادته وتطهيره العرقى ولا ثالث لهما.
• • •
بقيت تلك الجملة بين كثير، غيرها من التى تكررت وبرزت حتى وضحت الصورة أكثر فأكثر كما رأينا وتابعنا وكتبنا. وقد يفسر كل فرد فعل التحرر هذا على طريقته أو ما يعايشه، فمثلا الشخصيات الأكاديمية والطلاب وكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان وجدوا أنهم استطاعوا للمرة الأولى أن يكشفوا عن ذاك الوجه الإجرامى لما يسمى بدولة إسرائيل. كثير منهم كانوا على علم وعايشوا كل جرائمها ولكن طاردتهم المنظمات الصهيونية وأتباعها فلم يرتح لهم بال إلا ومن ينتقدهم يفصل من عمله ويطارد فى قوت يومه وعياله وكل أهله. أما المفكرون فتمنع كتبهم فى نفس تلك المجتمعات التى «صدعتنا» فى تكرار حديث سمج عن حرية التعبير والحق فى المعرفة والرأى والرأى الآخر..
• • •
حتى أعلامهم عندما تحدث كثر منا؛ إعلاميون ومراقبون ومتابعون عن أن «حياديتهم» ما هى سوى كذبة تحولت إلى مادة دسمة فى مناهج تدريس الإعلام والصحافة فى جامعاتهم وما لبثت وأن انتقلت إلى جامعاتنا فصدقناها أو كدنا!
• • •
فى السنوات، ليست البعيدة كثيرا، تكشف أعلامهم مرة ومرات وبقينا محافظين ومرددين أن إعلامهم أى الإعلام الأمريكى والأوروبى وحتى الإسرائيلى/الصهيونى هو إعلام منفتح وأنه لا رقابة عندهم ونحن من أكثر الشعوب معرفة بالرقابة على أنواعها وفجاجتها فى الكثير من الأحيان، بل ربما قبحها وتخلفها وجهلها حتى بفن ما يمكن أن نسميه «اللعبة الإعلامية الحديثة».
• • •
حررت غزة كثيرا من الإعلاميين فى العالم فبعضهم خرج علنا منددا بالمؤسسات «العريقة» التى يعمل أو عمل لديها وآخرون كان فى فصلهم من وظائفهم كمحررين ومراسلين وفنانين كاريكاتير ومصورين، خير مثال على أن إعلامهم كما حكوماتهم ومؤسساتهم كلهم ليسوا أحرارا بل عبيدا!
• • •
سقطت مؤسسات كان العرب أكثر من يقول عنها ومنذ سنين طويلة أنهم يأخذون أخبارهم منها كالـ بى بى سى التى وحسب كثير من الاستطلاعات القديمة منها والحديثة بقيت المحطة الناطقة باللغة العربية الأكثر استماعا، ثم التلفزيون الأكثر مشاهدة حتى ساهمت فى نشر الأكاذيب التى لم تكن كارثية وكاذبة فقط بل أدت أيضا وفى الكثير من الأحيان إلى استهداف المستشفيات ومراكز الإيواء والجامعات والمدارس والمرافق العامة، على أنها مقرات لما يسمونه «الإرهابيين» أو أسلحتهم. فسقطت حتى تلك المذيعة العريقة التى التقيتها فى الكثير من المناسبات والتغطيات وكنت حتى طوفان الأقصى أحترمها بشدة وأحيانا أعطيها صفة «الصديقة» رغم أننى أدرك أنها تتقن «لعبة» البقاء فى محطتها التلفزيونية العريقة! ألم تقل أن أحد المستشفيات هو مقر لمقاتلى حماس فما كان من الجيش الصهيونى سوى أن قصف المستشفى حتى آخر قطرة دم لطفل أو جريح أو طبيب أو ممرض أو مسعف؟ أين هى الآن؟ هل تستطيع أن تنام قريرة العين ويسجل لها التاريخ «مهنيتها» الرائعة؟ أم أنها خسرت كل ما عملت من أجله لسنين وسنين؟
• • •
لم تكن هى الوحيدة فكثير منهم سقط وكثير منا، أى من الكتاب والمذيعين ومقدمى البرامج على المحطات «العربية»، سقطوا أيضا حتى أن بعضنا منحهم أسماء وألقابا ربما هى الأقرب لدورهم ولوصف محطاتهم فصعب علينا بعد كل هذه الإبادة أن نراهم بعين أنهم عرب مثلنا ومثل أهلنا فى فلسطين أو حتى المسلمين أو المسيحيين لم تتعبهم مشاهد الموت أمام عدسات الكاميرات وأصوات الأطفال تردد "استشهد كل أهلى.. كل عيلتى».
• • •
لم تتوقف الحرب الإعلامية الكونية على فلسطين ولبنان واليمن بل هى مستمرة كما اتضح من ما ينشر مؤخرا وبشكل ممنهج فى التحضير لحرب كبرى على لبنان من أخبار فى صحف بريطانية عريقة كلها كذب، وعندما يكشف كذبها ترفع التفاصيل من الخبر فقط لا غير فيما تقوله كتبهم فى الإعلام أن عليهم الاعتذار ورفع الخبر كله أو أن يضعوا صورا لمطار بيروت وهو مكتظ بما يصفونه بالمسافرين والمسافرات الهاربين خوفا من «حرب الإبادة» القادمة لا محالة حتى يتبين أنها صور قديمة جدا وهى للمغتربين والمغتربات اللبنانيين فى عودتهم بعد مواسم الإجازات. ولم يكتفوا بذلك بل هم وعلى مواقعهم وفى برامجهم يكررون أن كل الزوار قد تركوا لبنان والشعب اللبنانى فيما مطاعم وفنادق وشواطئ لبنان مكتظة و.. و.. ولا أحد يتحدث عن عدد المواطنات والمواطنين الإسرائيليين الذين غادروا منذ السابع من أكتوبر ولا عن الأعداد الهائلة التى غزت قبرص واليونان وغيرها من الدول الأوروبية بحثا عن منزل للإيجار خوفا من القادم.. ربما صار لازما أن أعيد ما كتبته مرارا وفى مناسبات عديدة من الحروب الصهيونية بل الكونية على لبنان وهى ما كان يردده الشعب اللبنانى دوما «نحن بخير طمنونا عنكم».