أفغانستان.. المهمة لم تكتمل
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 30 أغسطس 2021 - 10:10 م
بتوقيت القاهرة
باكتمال انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وقبل أيام معدودات من الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن، هل نجحت الولايات المتحدة الأمريكية فى «إكمال المهمة» التى جاءت من أجلها إلى جبال وصحارى «مقبرة الامبراطوريات»، أم أن القضاء على الإرهاب لا يزال مهمة صعبة المنال بعد الهجومين المزدوجين على محيط مطار كابول الذى أوقع عشرات القتلى بينهم 13 جنديا أمريكيا استقبل جو بايدن توابيتهم مجللا بالسواد؟!
التفجيران الإرهابيان على مدخل مطار كابول، الذى شهد أوسع عملية إجلاء شملت الآلاف من رعايا عشرات الدول والمتعاونين مع قوات الاحتلال من الأفغان، جاءا بعد ساعات من تحذيرات أمريكية وأوروبية بل ومن حركة طالبان نفسها عن رصد تحركات لهجوم إرهابى، ما يضع عشرات علامات الاستفهام، بل والشكوك حول الهجوم، ودوافعه، والأسباب التى لم تمنع وقوعه رغم تلك التحذيرات!
قراءة المشهد، خاصة التضخيم الذى أعطى فجأة لتنظيم داعش أفغانستان، أو «ولاية خراسان» يجعلنا إزاء لعبة جديدة كتلك التى رافقت استيلاء تنظيم داعش على أجزاء واسعة من أراضى سوريا والعراق، قبل أن يتم دحره، بانتهاء دوره فى إحداث أكبر قدر من الفوضى، وبما ساعد بلا شك على تحقيق العديد من الأهداف للقوى المتنافسة على المسرح الدولى، على الخريطة الإقليمية.
اليوم نحن بصدد استبدال البيادق على رقعة الشطرنج، لضمان استمرار مشروع «الفوضى الخلاقة» التى يبدو حتى الآن أن لا نهاية لها، على الرغم من إعلان واشنطن إنهاء أطول حروبها، بالانسحاب من أفغانستان، وترك الساحة لحركة طالبان «عدوة الأمس، حليفة اليوم» لترتب المشهد، على عين «الأصدقاء الجدد» القاطنين في البيت الأبيض، ودع عنك المفاوضات أو المشاورات التى تجريها الحركة فى قندهار مع زعماء القبائل وممثلى عدد من القوى المحلية لضمان تشكيل حكومة.
الإرهاب المتنقل بين ربوع الشرق الاوسط ووسط آسيا، يقول إن المهمة الأمريكية فى إحداث أكبر قدر من الفوضى، التى تضمن تحقيق مصالح واشنطن، المعلن منها أو الخفى، لم تكتمل، وقد جاء الدور على تنظيم داعش خراسان ليدلي بدلوه فى البئر الآسنة، عل الوحش الأمريكى يروى عطشه من دماء أبرياء جدد لا ذنب لهم سوى أن القدر وضعهم فى طريق القوى الغاشمة.
طبعا سيذرف الأمريكيون قليلا أو كثيرا من الدموع على ضحايا المارينز الذين سقطوا فى الهجوم على مدخل مطار كابول الذى كان يعج بآلاف الفارين من «حجيم» طالبان المنتظر، وستستهدف الطائرات الأمريكية من دون طيار عناصر تنظيم داعش خراسان انتقاما، وسيستخدم البنتاجون صواريخ «نار الجحيم» لإيقاع أكبر قدر من الخسائر فى صفوف التنظيم الذى يقول الخبراء إنه ليس على هذا النحو من القوة التى يحاول الأمريكيون تسويقها، وكلها أمور متوقعة ضمن سيناريو يكاد يتكرر وإن اختلف الزمان والمكان!!
وتأمل معى تصريحات مستشار الأمن القومى الأمريكى، جايك سوليفان، عقب الهجمومين على محيط مطار كابول، التى قال فيها إن الولايات المتحدة أظهرت أنها قادرة على «قمع التهديد الإرهابى (...) على الأرض (...) وسنفعل ذلك فى أفغانستان» مرجحا وقوع هجوم جديد «كبير للغاية».
أما الرئيس الأمريكى فقد أكد، لدى استقباله جثامين ضحايا الجيش الأمريكى فى كابول، أنه أعطى وزارة الدفاع «البنتاجون» الضوء الأخضر لضرب أى أهداف تابعة لـ«داعش ــ خراسان» فى أفغانستان من دون السعى إلى الحصول على موافقة مسبقة من البيت الأبيض، قائلا إن «توجيهات الرئيس هى أن تفعلوا ذلك فقط»، مضيفا أنه بناء على ذلك «إذا وجدنا مزيدا منهم، سنضربهم».
هكذا ستستمر اللعبة، تنظيم إرهابى جديد يظهر على السطح، وملاحقات أمريكية لعناصره، وتجريب لأسلحة وخطط على أرض ستدمرها الفوضى العملاقة، وليس الخلاقة.