نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب عزلى رحمن، يعرض فيه حوارا موجزا، دار على مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، بينه وبين ناشط ماليزى، يُدعى سيد فريد، ابتدع نظرية جديدة «لإعادة أسلمة المعرفة بالكامل» بحجة أن مصادر المعرفة الأمريكية والأوروبية «ضيقة الأفق» للغاية مما يعنى ضرورة «نزع الطابع الغربى» عن المعرفة تمامًا حتى يتمكن العالم الإسلامى من التحرر أكثر فى تفكيره وأفعاله.. نعرض منه ما يلى.يجادل الناشط سيد فريد أن الأمر لا يتعلق بنزع الطابع الغربى عن اللغة فحسب لكن أيضا بالإبداع فى إنتاج المعرفة بدلا من الاقتصار على المصادر الأمريكية والبريطانية. وجاء رد الدكتور عزلى رحمن عليه بالآتى: اللغة هى النظام الرمزى للمعنى الذى يبنى الواقع ويفسره. تلك اللغة هى الفكر، والأفكار هى من تحدد الواقع. وإذا كانت لغة عصر ما بعد الصناعة والمعلوماتية متجذرة فى اللغة الإنجليزية اليوم، فكيف «إنهاء الطابع الغربى للغة» سيساعدنا على فهم الواقع العلمى والتكنولوجى اليوم؟
•••
يقتنع الناشط فريد أن مصادر المعرفة الأمريكية والبريطانية ضيقة الأفق، مستشهدا بمثال وهو طريقة تدريس النظرية الاجتماعية. فالأخيرة يتم تدريسها بطريقة مركزية أوروبية وذكورية، مع استبعاد مساهمات النساء والمفكرين غير الغربيين فى النظرية الاجتماعية فى القرن التاسع عشر، كما لو أن عددًا قليلا فقط من الذكور البيض، مثل ماركس ودوركايم، فكروا بشكل إبداعى فى المجتمع ويستحقون أن يكونوا مؤسسى النظرية الاجتماعية. جاء جواب الدكتور رحمن: ليست بالضرورة المصادر الأمريكية والبريطانية ضيقة الأفق كما زعمت. البراجماتية تحكم أيديولوجية إنتاج المعرفة. اليوم، عصر المشاريع الأمريكية والرأسمالية العالمية هى التى توفر الوظائف وتحرك الدول. البراجماتية الأمريكية فى العمل. البحث العلمى والتطبيق فى العمل، وليس ضيق الأفق.
أما بالنسبة لاستبعاد مساهمات المرأة، فأنا لا أرى أهمية كبيرة إذا قبلنا حقيقة أن النساء لم يكن جزءًا من العملية التعليمية الرسمية التى ساعدت فى إنتاج المنظرين. لا يزال بإمكاننا التأسف على ذلك، لكن لا أرى أى قلق كبير.
***
يستغرب الدكتور عزلى رحمن من نظرية «أسلمة» المعرفة والعلوم قائلا: كيف سيشعر غير المسلمين تجاه مدى الأسلمة التى تؤدى الآن إلى دفع أجندة التطبيق الكامل للشريعة؟
كيف يمكن أن تتحول المعرفة الإسلامية الباطنية عن الإسلام (علم التصوف) إلى نموذج للتعليم العام يشمل حياة غير من يدينون بالإسلام وكذلك عندما يكون التصوف بالدرجة الأولى (والأهم) ممارسة خاصة فى حد ذاته؟ أليس هذا عيبًا فادحًا فى الفكرة التى طرحها أنصار عملية الأسلمة الأوائل؟ الادعاء بأن الفهم العميق والخاص للإسلام يجب أن يكون مقبولا للعامة؟ شكل طائفى للإسلام يجب أن يكون نموذجًا تعليميًا للجماهير؟
***
يختتم الدكتور عزلى رحمن مقاله قائلا: على الرغم من أنه كان حوارا موجزًا وعرضيًا، إلا أنه كان مثمرا بشأن فهم هذه النزعة التى تسمى حركة «إزالة الاستعمار ونزع الطابع الغربى عن المعرفة»، إنها متجذرة فى الجامعات الماليزية وأعتقد أن الأوساط الأكاديمية وغير الأكاديمية تتحدث عنها بإسهاب. ولكن السؤال هو: كيف نزيل «المعرفة الغربية» عن حياتنا الفكرية، لأننا ببساطة نحتج على الاستعمار الغربى للعلوم والمعارف؟. وما هى تلك المصادر التى ستدرس للطلبة، بخلاف تلك التى تأتى من مصادر أمريكية أو بريطانية أو أوروبية أو عامة «غربية»؟ ما هى المصادر لكى تحرر عقولهم من أن تكون أسيرة للغرب، ما هى مصادر «المعرفة الإسلامية» باعتبارها النموذج الأكثر اكتمالا للمعرفة كما يصر من يروج لهذه الحركة؟
بوكو حرام: خطرت لى هذه الكلمة فى نهاية تفكيرى حول ما يطرحه الناشط فريد. هذه الكلمة تعنى، فى اللغة النيجيرية، «التعليم الغربى خطيئة». فهل هذا ما تدور حوله النظرية؟ التخلص من خطيئة البشر، خطيئة التفكير بشكل عام؟
إعداد: ياسمين عبداللطيف زردالنص الأصلى: