الذكاء الاصطناعي.. وأزمة السكن

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 - 7:25 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة الرياض السعودية مقالًا للكاتب خالد رمضان، تناول فيه التركيز على استخدام الذكاء الاصطناعى كوسيلة لتسريع عملية التخطيط والموافقات الإدارية لمعالجة أزمة الإسكان فى أستراليا، مع التنبيه إلى أن هذا الحل التقنى يجب ألا يصرف الانتباه عن التحديات الأعمق، وضرورة الحذر من الاعتماد الكلى عليه لضمان الجودة والمسئولية فى عملية التخطيط العمرانى المعقدة.. نعرض من المقال ما يلى:
مطلع هذا الأسبوع، أعلنت ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية، عن مناقصة لتسخير الذكاء الاصطناعى فى مواجهة أزمة الإسكان، حتى إن «بول سكالى»، وزير التخطيط فى حكومة الولاية، الأكثر اكتظاظًا بالسكان فى البلاد، امتدح هذه الخطوة، قائلًا: «هذه هى اللعبة التى ستغير مجرى الأمور»، فيما أيدها وزير الخزانة الفيدرالى جيم تشالمرز كنموذج واعد يعزز توفير المساكن ويدعم الإنتاجية الاقتصادية، ومع توقعات ببدء تشغيل النظام بنهاية 2025، يبرز السؤال: هل يمكن للذكاء الاصطناعى أن يكون مفتاح الحل السريع لأزمة السكن، ليس فقط فى أستراليا بل عالميًا؟
تصدرت قضية الإسكان والذكاء الاصطناعى النقاشات فى أستراليا مؤخرًا، حيث أشارت وزيرة الإسكان كلير أونيل إلى أن تقليص العوائق البيروقراطية أمام شركات البناء هو الحل الأمثل، ويتجلى ذلك فى تعليق 26 ألف مشروع سكنى، بسبب قوانين حماية البيئة، مما يشكل عقبة واضحة.. وهنا يأتى دور الذكاء الاصطناعى لتسريع عمليات التقييم والموافقة، لكن الأسئلة تظل معلقة: ما الدور الفعلى لهذه التقنية؟ هل سيقتصر على تنظيم الوثائق وتدقيقها أم سيمتد إلى صياغة تقييمات أو حتى اتخاذ قرارات مستقلة؟ وكيف سيندمج مع الأنظمة الحالية؟ وهل سيتمتع وكلاء الذكاء الاصطناعى ببعض الاستقلالية فى عملية التقييم؟ والأهم من ذلك، إلى أى مدى سيتم الاستغناء عن رأى الخبراء؟
رغم جاذبية الذكاء الاصطناعى كحل سحرى لنقص المساكن، فإن التركيز عليه قد يصرف الانتباه عن تحديات أعمق، مثل نقص العمالة، السياسات المالية والضريبية، وتراجع خيارات السكن الاجتماعى، والواقع، أن التخطيط العمرانى ليس مجرد إجراءات إدارية يمكن أتمتتها، بل عملية معقدة تتطلب زيارات ميدانية، وحوارات مع المجتمعات المحلية، وموازنة دقيقة بين الاحتياجات المحلية والأهداف الوطنية، ولا شك أن إهمال هذه العناصر قد يقوض جودة التخطيط، يقلل من قيمة خبرات المتخصصين، ويثير تساؤلات حول المسئولية عند حدوث الأخطاء، خاصة أن الذكاء الاصطناعى يعانى من تحديات فى قابلية التفسير، مما يجعل تتبع أخطائه أمرًا معقدًا.
باعتقادى، أن الاعتماد الكلى على الذكاء الاصطناعى فى معالجة أزمة الإسكان محفوف بالمخاطر، فالتقنية ليست أداة محايدة تنتظر الأوامر، بل قوة جبارة تشكل مسار القرارات، وتؤثر على ما يُبرز أو يُهمل فى عمليات التقييم، وقد تكون متحيزة لبعض البيانات دون سواها، وعلى سبيل المثال، قد يركز النظام على مخاطر بيئية معينة دون أخرى، متجاهلًا مخاوف المجتمعات المحلية، أو يقترح مسارات بناءً على أنماط بيانات غير واضحة، ما قد يوجه المخططين نحو خيارات غير مثالية ودون وعى منهم، وهنا تتجلى أهمية العنصر البشرى، الذى يظل لا غنى عنه لضمان قرارات متوازنة ومسئولة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved