القصة الحقيقية لانتخابات 2020: المليارديرات مقابل أمريكا
العالم يفكر
آخر تحديث:
الخميس 31 يناير 2019 - 9:00 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع salon مقالا للكاتبة «AMANDA MARCOTTE» تناولت فيه الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة والصراع المحتمل بين الديمقراطية الأمريكية والرأسمالية الأمريكية.
وقد تساءلت الكاتبة عما إذا كان سيتم تعريف الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020 بأنها الانتخابات التى حرضت الأثرياء ضد الجميع؟ حيث تشير المؤشرات المبكرة ــ عندما يبدأ المرشحون فى دخول السباق ــ إلى أنه قد يكون الأمر كذلك. تسليط الضوء على الجانب الديمقراطى يركز على الفكرة الشائعة بالفعل المتمثلة فى «امتصاص» الأغنياء كطريقة لمعالجة عدد لا يحصى من المشكلات الاجتماعية الناجمة عن عدم المساواة الاقتصادية. فى هذه الأثناء، يشعر المليارديرات بالذعر، وينتقل جهاز الدعاية اليمينى إلى العمل، محاولا تصوير وجود إصلاحات اقتصادية معتدلة. هناك فرصة حقيقية، إذن، أن يصبح عام 2020 عام المواجهة بين الديمقراطية الأمريكية والرأسمالية الأمريكية. وهنا نجد أن سؤالا يطرح نفسه حول ما إذا كان المال يمكن أن يضع إرادة الشعب على المحك بطريقة لم تحدث من قبل.
أعلنت عضوة مجلس الشيوخ الأمريكى، الديمقراطية التقدمية إليزابيث وارِن، عن تشكيلها لجنة استكشافية بهدف خوض الانتخابات الرئاسية فى العام 2020 لتصبح أول منافسة من الديمقراطيين، من الواضح أن حملة وارن، مثل مسيرتها السياسية حتى الآن، سوف تركز على قضايا الإنصاف الاقتصادى. فى الأسبوع الماضى، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن وارن تقترح فرض «ضريبة الثروة» التى سيتم تطبيقها على أصول الأثرياء، مع التركيز على تحسين عدم المساواة الهائل مع مرور الوقت. وأضافت وارن على موقع «إم إس إن بى سى» أن الطبقة الوسطى الأمريكية كانت تدفع دائما ضريبة الثروة.
«إنها تسمى ضريبة الأملاك، على تراكم الثروة الرئيسى، وهى منازلهم». «كيف سنفرض أيضا ضريبة على الماس الخاص بك وعلى اليخوت وعلى مقتنياتك الفنية وكل الطرق الأخرى التى يجمع بها الناس الثروة؟».
***
يأتى ذلك بعد جولة من التغطية المكثفة للسيدة ألكساندريا أوكيسيو كورتيز، الناشطة الاشتراكية الديمقراطية، التى اقترحت رفع معدل ضريبة الدخل الهامشى إلى 70٪ مقابل أى شىء يزيد على 10 ملايين دولار فى السنة. فى محاولة لاستخدام هياكلنا الضريبية لمحاربة المشكلة المركزية لمجتمعنا والتى تتمثل فى أن حفنة صغيرة من الناس تمتلك ثروة هائلة، فى حين أن الملايين من الأمريكيين يعانون الفقر.
من العدل أن نقول إن الأثرياء قد لاحظوا هذا المد المتصاعد وهم على استعداد لبدء تعبئة مواردهم الهائلة. ذكرت مجلة بوليتيكو أن مجموعة من المديرين التنفيذيين فى وول ستريت، يتوقون إلى إنفاق مبالغ كبيرة للتأكد من أن المرشح الديمقراطى ينادى بأنواع «الوسطية الليبرالية والمحاسبية ماليا»، كما قال أحد المديرين التنفيذيين. «ولا يمكن أن يكون ذلك وارن ولا بيرنى ساندرز»، هكذا قال أحد الرؤساء التنفيذيين فى بنك آخر لمجلة بوليتيكو. «يجب أن يكون شخصا وسطا وشخصا يمكنه الفوز».
إن الفكرة القائلة بأن الاستراتيجية الفائزة هى التى ستكون «محافظة ماليا»، وهى رمز لدعم السياسات الاقتصادية التى تؤدى إلى تفاقم عدم المساواة الاقتصادية، تدفعها بشدة طبقة المليارديرات الآن. على وجه الخصوص، استغل الملياردير السابق فى شركة ستاربكس، هوارد شولتز، غضبه من خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية المستقلة إلى تغطية ضخمة من التغطية الإعلامية، فى محاولة لتخويف الديمقراطيين من تبنى السياسات الضريبية التقدمية. ووصف شولتز خطة وارن الضريبية بأنها «سخيفة» وشكا من أنها «عقابية». وردت وارن على تويتر قائلة: أعتقد أن شولتز يفكر جديا فى الترشح للرئاسة. وبدلا من ذلك، يحاول هو والرؤساء التنفيذيون للبنوك الذين تحدثوا إلى بوليتيكو تخويف الديمقراطيين للتخلى عن المنصات الاقتصادية التقدمية، وذلك من خلال دفع فكرة أن وجهات النظر «الوسطية» تحظى بشعبية واسعة وتهديد الديمقراطيين بسحب تبرعات الحملات الانتخابية. إذا استمروا فى الحديث عن زيادة الضرائب.
***
فى الماضى، كان الكثير من هذه الحجج الغاضبة يخلط بين فرض الضرائب التدريجية والضرائب «العقابية»، كما أشك فى المزيد من الجاذبية مع الجمهور لأن أسطورة الجدارة لا تزال تتمتع بنفوذ كبير. فكرة أن الناس أغنياء لأنهم كسبوا هذه الأموال كان لها تأثير حقيقى على الجمهور عندما كان وجه الثروة هو «بيل جيتس» و«ستيف جوبز»، الرجلان الذكيان اللذان صنعا منتجات يستخدمها الناس فعلا، ويشعرون تجاههم بمودة حقيقية.
لقد شهد العامان الماضيان كشفا كبيرا عن المليارديرات، بدءا من دونالد ترامب ــ الملياردير الذى نصب نفسه. ولكنه ليس ترامب فقط. إن الطبقة الكاملة من صغار المليارديرات الشباب الذين تم الحديث عنهم فى العقد الماضى كعباقرة يتعرضون الآن لبعض الانتقادات الواسعة مثل فشل مارك زوكربيرج وشيريل ساندبرج فى التعامل مع طريقة استخدام الفيسبوك للأخبار المزيفة، وكذلك جاك دورسى وغيرهم، وكل هذه الانتقادات تهدم فكرة أن الأغنياء هم ببساطة أشخاص أكثر ذكاء من البقية منا.
لا توجد دائرة انتخابية حقيقية لمرشح «الوسطية الليبرالية»، كما أشارت ميشيل جولدبرج فى صحيفة نيويورك تايمز. وكما تلاحظ، فإن 3.8 فى المائة فقط من الناخبين هم من يؤيدون ذلك. وعلى النقيض من ذلك، الناخبين من الناحية الاقتصادية ــ الذين لا يملكون حزبا يمثل وجهة نظرهم فى الولايات المتحدة ــ هم تقريبا 29 فى المائة من الناخبين. إذا ما هى أكبر مجموعة من الناخبين؟ سيكون هؤلاء أناسا تقدميين اجتماعيا واقتصاديا، والذين يشكلون 45 فى المائة من الناخبين.
تتخذ وسائل الإعلام اليمينية مقاربة مختلفة تجاه تشويه سمعة وارين وأوكاسيو كورتيز وغيرهم من السياسيين التقدميين. ولما كان من الصعب أن نتفق على أن هناك جريمة فظيعة تتمثل فى فرض الضرائب على الأغنياء بنفس الطريقة التى نطبق بها ضريبة على الطبقة المتوسطة، فإن أسلوب الدعاية المفضل هو توجيه العنصرية والتمييز الجنسى لدى الجمهور ضد الأفكار التقدمية بدلا من ذلك.
على سبيل المثال، جادل راش ليمبو، فى برنامجه، بأن إعادة معدلات الضرائب الهامشية إلى مستويات الستينيات ــ وهو ما ستفعله خطة أوكاسيو كورتيز ــ سيؤدى حرفيا إلى الإبادة الجماعية. ربط إدوارد هنرى خطة وارن الضريبية بانتهاكات حقوق الإنسان فى فنزويلا. هذا النوع من الخطاب محاولة للدفاع عن الأثرياء. وأن معارضة خطط الضرائب، بغض النظر عن مدى جاذبيتها على السطح، هى الطريقة الوحيدة لإنقاذ امتياز الرجل البيض.
يظهر البحث الذى أجراه العالم السياسى لى دروتمان، أن أقل من 23 فى المائة من الناخبين يدعمون المنبر الجمهورى للحكم الاقتصادى والاجتماعى المحافظ. لذا فى الواقع، فإن الطريقة الوحيدة لتنظيم الائتلاف المحافظ هى التركيز على التزامه المشترك بتفوق الذكور البيض، لأن الدفاع عن حق الأغنياء فى امتلاك كل شىء بينما يكافح بقية البلاد ليس بالأمر السهل.
***
التقدمية الاقتصادية تحظى بشعبية. لكن الأثرياء، بحكم تعريفهم، لديهم الكثير من المال لإنفاقه على محاولة تسخير ومراقبة الدورة الإخبارية. يمكن للدعاية ذات التمويل الجيد أن تحبط قرارات التصويت التى ينتهجها الناس عن طريق تشتيتهم، مثل اختبار الحمض النووى لـوارن أو نظام العناية بالبشرة لأوكاسيو كورتيز، أو تشويه المفاهيم حول ما هو طبيعى، كما يفعل شولتز بطموحاته الرئاسية المزورة.
قد تكون هذه الانتخابات الرئاسية المقبلة بمثابة محك تاريخى، وهو مقياس حقيقى لما إذا كانت ديمقراطيتنا تتحول إلى بلوتوقراطية، حيث تتغذى الرغبات الحقيقية للشعب على قوة المال فى السياسة. والخبر السار هو أن شخصيات مثل وارن وبيرنى ساندرز ــ بالإضافة إلى تبنى سياسات مثل رعاية صحية للجميع، و«الصفقة الخضراء الجديدة» لمعظم المرشحين الرئاسيين الطموحين ــ توحى بأن الشعب الأمريكى قد يستمر فى التغلب على المال فى صناديق الاقتراع.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى
https://bit.ly/2MIxeSl