ثلاثة تطورات إيجابية بالنسبة إلى إسرائيل
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الخميس 31 يناير 2019 - 12:10 ص
بتوقيت القاهرة
«العجلة تدور»، هذا تحديدا ما جرى الأسبوع الماضى على الصعيد الأمنى. بدأ الأسبوع بالتصعيد العنيف على الجبهة السورية، واستمر مع التصعيد العنيف على الجبهة الغزاوية والتوتر الذى استمر حتى يوم السبت على الجبهتين، لكن منذ ليل الجمعة تغيرت الأمور نحو الأفضل. حدثت ثلاثة تطورات مهمة فى الأيام الأخيرة على الجبهتين ــ السورية وأيضا الغزاوية ــ حسنت بشكل حقيقى صورة الوضع الأمنى من زاوية رؤية إسرائيل.
التطور الأول: حدث يوم الجمعة عندما أعلن نائب وزير الخارجية الروسية ريفكوف فى المقابلة التى أجرتها محطة «سى إن إن» أن روسيا ليست حليفة الإيرانيين بالتحديد وأن ثمة ضرورة إلى الأخذ فى الاعتبار أمن إسرائيل أيضا. هذا الكلام الصادر عن نائب وزير الخارجية الروسية يمكن أن نرى فيه انعطافة دبلوماسية روسية. وكانت الناطقة بلسان الخارجية الروسية قالت يوم الثلاثاء إن الهجمات الإسرائيلية «العشوائية»، بحسب قولها، يجب أن تتوقف. ومرت ثلاثة أيام، ثم سمعنا كلاما مغايرا من وزارة الخارجية الروسية – أى من مصدر أعلى درجة من الناطقة.
روسيا اليوم، حتى لو بدا الأمر مستغربا، بحاجة إلينا أكثر مما هى بحاجة إلى إيران. لقد أدرك الروس أخيرا أن إسرائيل مستعدة للذهاب بعيدا حتى النهاية لإحباط التمركز الإيرانى فى سوريا ومشروع تحسين دقة الصواريخ التى لدى حزب الله فى لبنان ولدى القوة الإيرانية فى سوريا. وساهمت إزالة الغموض من جانب إسرائيل إلى حد ليس كبيرا.
ويبدو أن الاستنتاج التى استخلصته روسيا هو أن الإيرانيين يجرون إسرائيل إلى مهاجمة سوريا، الأمر الذى يمكن أن يمنع روسيا من تحقيق هدفها الاستراتيجى، أى استقرار نظام الأسد والبدء بإعادة إعمار سوريا المدمرة؛ إذ من المفترض أن يربح الروس من إعادة الإعمار اقتصاديا وسياسيا.
بيد أن الأهم فى الحقيقة هو أن الإيرانيين يحتاجون إلى الروس أكثر بكثير مما الروس بحاجة إليهم، ليس فقط فيما يتعلق بالحرب الأهلية فى سوريا، بل أيضا فيما يتعلق بالعقوبات التى فرضتها عليهم الولايات المتحدة فى قضية الاتفاق النووى. ذلك بأن روسيا هى الدولة الوحيدة التى تسمح لإيران بتصدير النفط عبرها.
فى الكرملين، يبدو أنهم أجروا تقديرا للوضع بسرعة وقرروا تغيير الاتجاه. وزارة الخارجية الروسية والمؤسسة العسكرية الروسية تريدان فى الحقيقة تقييد حرية النشاط الجوى لإسرائيل، لكن فى الكرملين يعتقدون أن الإيرانيين تصرفوا بصورة سيئة فى الفترة الأخيرة، ولذا حدثت الانعطافة. وكما يبدو، ما دفع الروس إلى موازنة سياستهم هو التقرير الذى تحدث عن مشاهدة قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى، قبل 10 أيام يتجول فى جنوب سوريا على مسافة نحو 40 كيلومترا من حدود إسرائيل فى هضبة الجولان. الأمر الذى شكل انتهاكا واضحا للتعهدات التى أعطاها الإيرانيون لروسيا، والتى أعلن بوتين فى إثرها أن الإيرانيين والتنظيمات التابعة لهم سيبقون على مسافة 80 كيلومترا من الحدود.
لقد أثبتت إسرائيل للروس علنا أن الإيرانيين أخلفوا بوعودهم. ويبدو أن بوتين لم يعجبه الأمر وقرر، على الرغم من نصائح العسكريين والدبلوماسيين له، أن يوضح للإيرانيين أن عليهم الوفاء بتعهداتهم ــ وفى نهاية الأمر عبر علنا عن عدم رضا روسيا عن تمركزهم العسكرى فى سوريا.
«إيران ليست حليفة روسيا فى سوريا» ــ هذا كلام واضح للغاية يُظهر تعديلا فى السياسية المؤيدة لإيران التى انتهجتها روسيا منذ يوليو 2018، بعد إسقاط طائرة إليوشن 20 الروسية بواسطة المضادات الجوية السورية.
وثمة تطور آخر إيجابى من وجهة نظر إسرائيل فى الجبهة الشمالية، أوردته المجلة المعروفة «فورين أفيرز»، التى تصدر فى الولايات المتحدة. فبحسب تقرير نشرته هذه المجلة قررت الولايات المتحدة إبقاء قوة غير كبيرة فى قاعدة التنف على الحدود السورية – العراقية بالقرب من الحدود مع الأردن. وتضم هذه القاعدة مطارا وقاعدة عمل للقوات الخاصة ولسلاحى الجو الأمريكى والبريطانى، وتكمن أهميتها الأساسية فى موقعها قرب خط النقل البرى الأساسى الذى يربط بغداد بدمشق ومن هناك بلبنان. وهذا الطريق هو أحد الشريانيين الأساسيين لحركة الإيرانيين، فمن خلالهما يحاولون فتح ممر برى من طهران يمر بالعراق إلى منطقة دمشق ومن هناك إلى لبنان.
يسمح وجود الأمريكيين والبريطانيين فى قاعدة التنف للحلفاء الغربيين بمراقبة الحركة على الطريق الأساسى ومنع الإيرانيين من استخدام هذا الطريق بحرية كممر برى يحاولون إقامته. كما يعنى قرار ترامب إبقاء قاعدة التنف على حالها مع قوة غير كبيرة فيها، استمرار إغلاق القسم الغربى من الممر المخطط له، وهذه طبعا أخبار جيدة لإسرائيل.
لقد كان ثمة تخوف حقيقى فى الجيش من أن مغادرة الأمريكيين لهذه القاعدة ستجعل كل الممر البرى مفتوحا أمام الحرس الثورى، وأمام تهريب الأشخاص والسلاح الصاروخى إلى سوريا ولبنان. ويمكن الافتراض أن قرار ترامب إبقاء قاعدة التنف لم ينجم عن ضغط إسرائيلى فحسب، بل أيضا عن ضغط أردنى وسعودى.
أما التطور الثالث الإيجابى من ناحية إسرائيل فهو الاتفاق بين قطر والأمم المتحدة و«حماس» والتنظيمات الفلسطينية الأُخرى، والذى بموجبه لن يحول المال القطرى إلى «حماس» فحسب كى توزعه، بل ستستخدم معظمه، الأمم المتحدة فى تمويل مشاريع إنسانية فى أنحاء غزة. وبالتالى، تستطيع «حماس» أن تحسن صورتها، وأن تمنع وقوع مواجهة بينها وبين التنظيمات الأُخرى فى قطاع غزة، وأن تظهر أيضا أنها لم تتخل عن المقاومة فى مقابل الحصول على رواتب موظفيها.
كذلك تستطيع إسرائيل الادعاء أنها لا تدفع لـ«حماس» بدل حماية وأنها تشترى الهدوء على السياج الحدودى بمال قطرى. يجب أن نرى كيف ستعمل هذه الآلية، لكن من الوضح جدا أن الأمم المتحدة هى العنوان الذى يجب بواسطته مساعدة القطاع من الناحية الإنسانية.
فى الختام، يجب الإشارة إلى حقيقة أنه كما يمكن أن تدور العجلة ويتغير الوضع نحو الأفضل كما حدث فى الأيام الأخيرة، يمكن أيضا أن نعود إلى الوراء خلال أيام وربما خلال بضع ساعات.