نور العتمة.. قادم
خولة مطر
آخر تحديث:
الثلاثاء 31 مايو 2011 - 9:34 ص
بتوقيت القاهرة
فى العتمة شىء من النور أو ربما هو استنارة القلب والعقل معا.. كلما ضاقت الاضاءات الواضحة عدنا لنلتهم بعضا من الصبر او ربما الامل عبر العودة الى كل التاريخ الحافل بمثل هذه الاوقات الصعبة.. يبدو حوار كثير من العرب اليوم اكثره يدور فى التشاؤم وأقله فى مغازلة الأمل رغم أنه «ايه فى أمل» كما قالت فيروز مؤخرا وكأنها كعادتها تبقى قريبة من دقات قلوبهم.. قلوب الكثيرين من الشيبة والشباب فى شوارع لم تعرفهم قبل هذه الأشهر الأخيرة كما تعرفت عليهم الآن.
●●●
والعتمة لم تكن يوما كما هى الآن ورقة ناجحة لإطفاء شعلة الفرح التى اجتاحت مدنا اتشحت بالحزن لزمن طال أمده.. راحوا ينشرون خطوط السواد وينقشون حروفه ويودعونه عتمة الليل لينشروه مع صباحاتنا على مدى الكون.. ثم يعودوا ليلا ليكثر الحديث.. كلام فى كلام فى كلام حول العتمة المقبلة.. ينتشر الخوف رديف العتمة ويتسلل الى قلوب زرع فيها الخوف لعقود.. هذا ما جنته ايديكم قالوا فرددنا لا بل هو سلك الزمن الذى خلقوه هم بأيديهم، وهو ايضا سيرة الثورات فى رحلتها الطويلة فى مجارى تفضى الى بحور الامل والنور وكثير من الشفافية الرقراقة.
يعرفون حتما أن من زرع الشوك يجنى العاصفة ولكنهم يعملون على تأخيرها اما عبر كثير من اوراق ملوثة او عبر محطات وجرائد واعلام ملكوه فامتلكوا ما نسمع ونعرف ونقرأ ونشاهد!
●●●
محبوسون نحن فى صناديق اعلامهم لا نعرف كيف ومن أين نبدأ هل منه أولا أو منهم هم؟ بعضنا يعرف تماما أن الثورات تبدأ من الساحات ولكنها لا تنتهى الا بعد مشوار طويل من التعب والدم وهم ايضا يعرفون ذلك كثيرا فـ«درزيتهم» قد قرأوا كتب التاريخ القديم والحديث لكثير من الشعوب على امتداد اوروبا مرورا بآسيا وتعرجات افريقيا.. قالوا لهم أكثروا من الدم الأحمر القانى الطاهر واذا لم ينفع فلا مانع من استخدام السواد الداكن.. هى ايامنا التى يلونها الدم وسواد الخوف اما من الحاضر او القادم المجهول..
ها هو حصاد الشوك الذى زرع على مر عقود يغرس الذل فى طين الارض حتى لا ينبت زهرة او نبتة مثمرة.. وها هى العاصفة تصارع جذور الفقر والفساد والقمع على ألوانها وأشكالها المختلفة رغم ايضا تشابهها الكبير.. فى الماضى قالوا اعطنى كرسى ومحطة اذاعة (حينها لم تكن التلفزة قد ظهرت بعد) وارفع علما فأكون انا ويكونون هم أنا.. فلا وجود للعبد الا فى ظل سيده.. هكذا اريد لهم.. هكذا اريد لنا جميعا على امتداد الأرض بتعاريجها وتقاسيم الوانها الآتية من درجات البنى لون الصحراء والازرق لون البحر.. البنى والأزرق عندما يلتقيان لا يخلقان سوى النور فى الصحراء كما فى بطون البحر كثير منه ولكنهم وفى عتمة ليالينا سرقوه شيئا فشيئا.
●●●
هم ينشرون العتمة فى كل المدن الفرحه.. يقولون لاولئك المبشرين بالقادم الاجمل والاسعد والافضل والاكثر نقاء بأنكم لستم سوى حفنة من الحالمين فانعموا فى احلامكم طويلا وأغرقوا فيها حتى الثمالة فيما نحن نعيد للعتمة حيواتها فيخيم السواد والظلمة.
البعض راح ينبش بين الاوراق القديمة ويفتح صفحات على الشبكات المتحررة من قبضتهم يعيد التذكير بتجارب كثيرة كانت ويزيد بعضا من عنده حتى لا تسرق نشوة الانتصارات على الظلمة.. يذكرون فهل ينفع التذكير؟ ويحذرون من ذاك الذى زرع الشوك طويلا ولايزال يدفع بالعاصفة بعيدا عنه.. عنهم.. لوحوا بالمغازلة تارة والتحذير مرارا وتكرارا وضعوا امام الاعين الشابة والاعناق المشرئبة للقادم مليون علامة واشارة لإغواء الشهرة والمال فى مقابل وأد الحلم.. الشهرة والمال هى ذاتها التى كانت مصدر سواد صباحاتنا قبل ليالينا.
●●●
صوت قادم من هناك لا تدعوهم يسرقون الفرح والامل معا، وهو ذاته يكرر من العتمة قد يولد النور.