تأملات انتخابية
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
السبت 31 مايو 2014 - 6:35 ص
بتوقيت القاهرة
1 ـ تساءل الخبراء عن سر ضعف إقبال الشباب على الانتخابات، وأعتقد أن سببه هو يأس بعض الشباب من تكرار ضياع صوته كما حدث من قبل.. أو ظهور بعض أقطاب الحزب الوطنى فى المشهد الانتخابى.. وغياب شباب معظم التيار الإسلامى.. وهجمات الإعلام المتواصلة على شباب الثورة.. وبعضه على ثورة 25 يناير ذاتها.. كل ذلك جعل الشباب يخشون من التهميش.. أو يخافون من عودة القبضة الأمنية غير المنضبطة بالقانون.. فضلا عن الآثار الجانبية لقانون فض التظاهر على شريحة الشباب عامة وطلاب الجامعات خاصة.
2 ـ لأول مرة فى تاريخ الانتخابات تصل نسبة الأصوات الباطلة إلى 4 %.. وهذا يعنى أن نسبة كبيرة من المصوتين لم تصل إلى قرار وظلت فى حالة التذبذب السياسى وعدم الاستقرار على أى رأى تجاه المرشحين أو تجاه الانتخابات نفسها فآثرت إبطال رأيها.. وبعضهم فعل ذلك إيثارا للسلامة وخاصة مع قصف الفتاوى الدينية التى تحرم مشاركته فى الانتخابات من جانب علماء التحالف والأخرى التى توجب المشاركة دينيا من قبل الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء المصرية.. فأصبح الشباب المتدين ممزقا بين الأمرين فاختار أن يرضى الفريقين معا وأن يلتزم بالفتويين معا عن طريق الذهاب مع إبطال صوته.
3 ـ تعجب البعض من أمر عدم الاحتشاد القوى لأعضاء حزب النور فى اللجان بينما ناصر الحزب وقادته المشير السيسى صراحة وبوضوح وحاولوا قدر طاقتهم دعمه.. فلماذا لم يستجب أعضاء الحزب لقادتهم.
أعتقد أن أهم الأسباب هى:
أ ـ تعرض حزب النور لانشقاقات كثيرة أبرزها انشقاق حزب الوطن وتلته الاستقالات التى أعقبت فض رابعة.
ب ـ الضربات الإعلامية المتواصلة من الإخوان والتحالف على النور وقادته.. والتى وصلت إلى حد الإسفاف والابتذال والتكفير بالاسم والعين.
ج ـ عزوف أكثر السلفيين المصريين عن العمل السياسى بعد أن أيقنوا أن عملهم بالسياسة أضعفهم وشتت شملهم.
د ـ التنشئة السلفية المبكرة والتى تميل إلى سد الذرائع والأخذ بالأحوط فى الدين.. مع قناعة الفرد باستفادته من موقف الحزب المتوافق مع الدولة وفى الوقت نفسه لا يكلف نفسه بأى كلفة سياسية أو دينية.
هـ ـ تكوين الدعوات السلفية يختلف عن تكوين الإخوان.. فالدعوة السلفية نشأت كمدارس علمية لا تلزم أفرادها بأمور عملية محددة أو رأى سياسى أو دينى محدد.. أما الإخوان فهو تنظيم محكم يلزم أفراده بالسمع والطاعة المطلقة ويربيه على ترك فكره ورأيه لفكر ورأى القائد.. ويربطه اقتصاديا واجتماعيا وأسريا.. فلا يستطيع الفكاك منه وإلا تعرض لكوارث معنوية واجتماعية واقتصادية وإنسانية.. أما الدعوة السلفية فرباطها الوحيد هو الارتباط العلمى وهو أضعف الارتباطات فى دنيا الناس اليوم.
4 ـ أثبتت هذه الانتخابات عناد الشعب المصرى فقد قال لى البعض: يجب أن تكتب أن غرامة الـ500 جنيها ستأتى بأثر سلبى.. ونحن من أنصار السيسى.. ولكننا لن نذهب مادام الموضوع بقى «إجبار».. فضلا عن استفزاز بعض الإعلاميين للشعب واستعدائهم له بطريقة منفرة مثل «قرفتونا».. و«انزل يا روح أمك».. أو «ماترباش».. كل هؤلاء نسوا أنه قيل للرسول صلى الله عليه وسلم وقد جمع له بين رئاستى الدين والدنيا: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
5 ـ أثبتت هذه الانتخابات أن المرأة هى التى تحسم كل الانتخابات.. فالمرأة الإخوانية وفى التحالف استطاعت الحشد بكل الطرق لإنجاح مرسى.. والمرأة الآن هى التى سجلت أعلى نسبة تصويت ومشاركة رغبة فى الاستقرار وخوفا على أولادها سواء كانوا فى الجيش أو فى الشرطة أو فى أى موقع.. فالمرأة تحب الاستقرار وتكره التقلبات الثورية.. وتفضل الأمن والأمان والاستقرار الاقتصادى على الديمقراطية.. كما أن كبار السن كان لهم دور حاسم فى الانتخابات ومعظم الطوابير كانت منهم.. سواء كانوا بسطاء أو أطباء أو مهندسين أو أساتذة جامعات أو مديرى بنوك.
أجمع كل المراقبين على أنه لم يحدث أى تزوير فى الانتخابات.. وأن الجيش والشرطة كان لهم موقف حيادى تماما.