فلسطين في العلمين
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 31 يوليه 2023 - 7:20 م
بتوقيت القاهرة
لا يختلف فلسطينيان على أن منع الأخطار الإسرائيلية المحدقة بهم ينطلق من وحدة الصف، والعمل على نبذ الفرقة والانقسام، لكن، وآه من لكن، تبقى الطريق بعيدة عن الوصول إلى هذه الغاية، ما يمنح الاحتلال المزيد من الفرص لارتكاب الجرائم وإلحاق الدمار بكل ما هو فلسطينى سواء كان فى الضفة أو غزة أو فى القدس والمسجد الأقصى الشريف، بل وداخل ما يسمى الخط الأخضر حيث يرزح فلسطينيو الـ 48 تحت رحمة الدولة العبرية.
تستغل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الانقسام الفلسطينى فى نهب وسرقة المزيد من الأراضى الفلسطينية لبناء مستوطنات جديدة، فتنطلق دعوات أمريكية وأخرى أوروبية لوقف الاستيطان، وهى ادعاءات لا دعوات حقيقية لمنع إقامة البؤر الاستيطانية على أنقاض بيوت فلسطينية عاش فيها أصحابها مئات السنين، فيما سياسة التهجير والإخلاء القسرى للفلسطيين تمضى على قدم وساق.
وسط الانقسام الفلسطينى، وتراجع الدعم العربى، تعربد إسرائيل فى الضفة الغربية وتشن الهجوم تلو الآخر على مدينة جنين ومخيمها، وتقتل وتعتقل مئات الفلسطينيين، وعندما يلجأ الفلسطينيون إلى الدفاع عن أنفسهم تنطلق أبواق الدعاية الصهيونية بتهم الإرهاب والتخريب بحق المقاومين، وسرعان ما تجد تلك التهم صداها فى آلة الإعلام الغربية، والتى يردد أكاذيبها، للأسف، بعض المتصهينين العرب، وأولئك الذين ينعقون بمقولات الاستسلام، لا السلام، الذى يستعصى على التحقيق حتى الآن!
فى ظل هذه الأجواء جاء الأمناء العامون لـ 14 فصيلا فلسطينيىا بدعوة من الرئيس الفلسطينيى محمود عباس «أبو مازن»، لاجتماع فى مدينة العلمين الجديدة، برعاية مصرية، انتهى بدعوة أبو مازن إلى تشكيل لجنة من الأمناء العامين لتلك الفصائل، لاستكمال الحوار حول القضايا والملفات المختلفة التى جرى مناقشتها بهدف إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
بعض التقارير تحدثت عن توافق الفصائل على ما أسمته «تشكيل حكومة تكنوقراط»، وأن حركة حماس تجاوبت مع فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها مع وضع شروط تتعلق بالنظام الانتخابى وإعلان إطار زمنى لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لكن تقارير أخرى تحدثت عن عدم توافق على عدد من الأمور المهمة التى تعرقل تجاوز الانقسام.
غير أن مربط الفرس، كما يقال، أن فصائل فلسطينية مهمة غابت عن اجتماع العلمين، وهى على خلاف بشأن قضية الإفراج عن معتقليها لدى السلطة الفلسطينية، فى ظل خلاف أيضا بشأن قضية المقاومة المسلحة، مقابل الدعوة إلى الاكتفاء بالمقاومة السلمية فى مواجهة الجرائم الإسرائيلية اليومية، والاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك من غلاة المتطرفين اليهود، والسعى الدائم للتقسيم المكانى والزمانى للأماكن الإسلامية المقدسة فى القدس المحتلة.
الخلافات الفلسطينية لن تحل عبر لجان تشكل للهروب من الاستحقاقات التى تؤدى إلى وحدة الصف، وهنا يتحمل الجميع المسئولية، سلطة وفصائل على اختلاف أيديولوجياتها وأفكارها، عن غياب وحدة الصف، فهل يعقل أن يتم اجتماع العلمين الهادف إلى التوافق ومناقشة مواجهة المخاطر الإسرائيلية، بينما كان مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين فى مدينة صيدا بجنوب لبنان يشهد سقوط قتلى وجرح إثر اشتباكات بين عناصر من حركة فتح وجماعة أخرى؟!
نتمنى للجنة اجتماع الفصائل فى العلمين النجاح فى لم الشمل، وأن تتوصل إلى توافقات تقود إلى «إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية» وإن يكون الاجتماع «خطوة أولى وهامة لاستكمال الحوار» كما قال أبو مازن فى ختام اللقاء، وألا يظل الفلسطينيون، ومن يهمه أمرهم، دخل حلقة مفرغة، من تصعيد إسرائيلى ورد فلسطينيى، ووساطة مصرية للتهدئة، فتصعيد جديد، بينما يبقى عدم التوافق بين الفصائل قائما.
نريد أن يسارع الفلسطينيون إلى الخروج من بئر الانقسام العميقة، وأن يسعوا جادين إلى وحدة صف تجعل منهم «عالم واحد» وإن اجتمعوا فى العلمين.