ماذا بعد اغتيال رئيس المشروع النووى الإيرانى؟ - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:39 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا بعد اغتيال رئيس المشروع النووى الإيرانى؟

نشر فى : الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 - 8:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 - 8:15 م

بدأت سنة 2020 باغتيال جنرال الحرس الثورى الإيرانى قاسم سليمانى وقبل انتهائها نُفذت عملية اغتيال جنرال الحرس الثورى محسن فخرى زادة الذى قاد الجهد الاستراتيجى الثانى لإيران ــ جهد التوصل إلى سلاح نووى.
المسئولية عن اغتيال قاسم سليمانى تحملها الأمريكيون أنفسهم. كل العمليات الأُخرى لم يعلن أحد مسئوليته عنها. لقد أثبتت إدارة ترامب فى عملياتها فى الماضى ضد إيران أنها ترفض وجهة النظر السائدة فى الولايات المتحدة القائلة إن كل هجوم عسكرى على إيران سيتدهور بالضرورة إلى حرب.
يبدو أن ترامب مصر على أن يترك وراءه إرثا مهما من خلال المس بمهندسى التهديدات المركزية فى الشرق الأوسط: التهديد النووى، الإرهاب والهيمنة الإقليمية لإيران، والراديكاليون السنة (فخرى زادة، سليمانى، البغدادى، عبدالله أحمد العبدالله). نتنياهو من جهته مصر على استغلال ما تبقى من ولاية ترامب للدفع قدما بإنجازات أخيرة، حتى لو كان الثمن بدء العلاقة بإدارة بايدن بنبرة حادة.
زيارة بومبيو فى الأسبوع الماضى يبدو أنها لم تكن مخصصة فقط لزيارة معمل النبيذ فى بساغوت. التسريب فى الولايات المتحدة لصحيفة النيويورك تايمز بشأن اغتيال مسئول رفيع المستوى فى القاعدة فى طهران، والاجتماع الليلى فى السعودية الذى سُرِب فى إسرائيل، وإعادة ترامب لتغريدة من إسرائيل بأن فخرى زادة «كان المطلوب رقم واحد من الموساد» كلها أمور تشير إلى اتجاه واحد... البنتاجون رد «لا جواب»، ومصادر استخباراتية فى الولايات المتحدة قالت لوسائل الإعلام إن إسرائيل وراء العملية. لم تقدم إسرائيل ردا رسميا، لكن رئيس الحكومة قال إنه لا يستطيع أن يقول كل شىء عما فعله فى هذا الأسبوع. التكذيبات والتسريبات تساعد الإيرانيين فى توجيه الاتهام إلى إسرائيل.
إذا كان هناك مشروع سلاح نووى إيرانى سرى فإنه تلقى ضربة مؤلمة، ليس فقط بسبب خسارة المعلومات العلمية، بل بسبب خسارة قيادة المشروع... قبل الاتفاق النووى فى سنة 2015، كانت إيران على مسافة أشهر معدودة للحصول على مواد مخصبة على درجة عسكرية تكفى لصنع القنبلة الأولى. اليوم أيضا، وفى ضوء تطوير أجهزة الطرد المتطورة وخرقها للاتفاق النووى، هى قادرة خلال وقت قصير على تجميع ما يكفى من مواد مخصبة. تقاس المسافة التى تفصل عن القنبلة فى الأساس بالقدرة على تحميل المواد فى رأس حربى نووى. من دون شك غياب فخرى زادة سيمدد الوقت لحصول إيران على سلاح نووى. هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يملكون صفات قيادية وإدارية ومهنية، والمس بهم يترك فراغا من الصعب ملؤه. يبدو أن فخرى زادة ينضم إلى قاسم سليمانى ــ من الصعب إيجاد بديل حقيقى لهما.
السؤال الأكثر أهمية الآن ماذا سيكون الرد. بعد اغتيال سليمانى تحرك الإيرانيون خلال أيام قليلة ضد الجهة التى تحملت المسئولية عن الاغتيال ــ الأمريكيون، فأطلقوا عشرات الصواريخ على قاعدة أمريكية فى العراق.
الرئيس الإيرانى يتهم اليوم إسرائيل باغتيال فخرى زادة. هل سنرى ردا إيرانيا؟ من جهة تعهد الإيرانيون بالرد ــ انتقاما وأيضا لترميم ردعهم. من جهة أُخرى، الإيرانيون حذرون جدا من رد يؤدى إلى سقوط كثير من المصابين، رد من المحتمل أن يوفر ذريعة لهجوم أمريكى على المنشآت النووية الإيرانية، وهذا احتمال قيل إن ترامب فحصه مع مستشاريه أخيرا. أثبت الإيرانيون فى الماضى قدرة على التحليل والتفكير المعمقين، وعرفوا كيف يؤجلون عمليات ثم ينفذونها ضد الهدف فى الوقت والمكان الملائمين. تنتظر إيران بفارغ الصبر بدء عمل إدارة بايدن. وسواء قامت إيران بالانتقام أو ضبطت نفسها، فإن هذا الأمر سيجعل من الصعب عليه العودة إلى الاتفاق النووى. وربما هذا كان هو هدف العملية فى طهران.
ماذا يجب أن تفعل إسرائيل حاليا؟ أولا يجب أن تلتزم صمتا إعلاميا. وبينما إيران تتهجم ولكن أيضا تتخبط، ومن البنتاجون «لا يوجد رد»، تشير وجهات استخباراتية فى الولايات المتحدة إلى مسئولية القدس ــ من المهم أن تكون السياسة الرسمية فى إسرائيل «مقيدة بحكمة الصمت». يتعين على إسرائيل أن تفترض أن الرد الإيرانى يمكن أن يوجَه إليها أيضا. لذا المطلوب يقظة استخباراتية عليا وجهوزية عملانية فورية فى منظومات الدفاع الصاروخى. هناك حاجة إلى توجيه الاهتمام إلى احتمال أن تستخدم إيران وكلاءها فى لبنان وسورية والعراق واليمن للهجوم على أهداف إسرائيلية، سواء داخل إسرائيل أم فى الخارج. ضمن هذه الأُطر كلها من المهم التنسيق مع الولايات المتحدة التى تشكل قوة استخباراتية وعملانية ودبلوماسية مضاعفة. يوجد الآن القليل من قنوات التواصل مع كبار المسئولين فى إدارة بايدن– من الممكن والمتوقع أن تستمر الأزمة خلال ولايتهم.
فى الخلاصة، مَن نفذ الاغتيال حاول على ما يبدو أن يحقق 3 أهداف: ضرب المشروع النووى الإيرانى، وخلق تصعيد ينتهى بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، ومنع عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووى. الهدف الأول على ما يبدو تحقق ــ التصعيد فى أعقاب العملية لا يزال أمامنا وثمنه يمكن أن يكون باهظا. الهدفان الآخران مرتبطان جدا بالرد الإيرانى، وفى كل الأحوال هما هدفان بعيدا المدى وفرص تحققهما ضئيلة.

التعليقات