عاموس هرئيل*
الزيارة المخطَط لها للرئيس الأمريكى جو بايدن إلى إسرائيل ودول الخليج خلال هذا الشهر، يمكن أن تسمح بقفزة مهمة فى العلاقات الأمنية بين إسرائيل ودول المنطقة. ففى الاتصالات بين واشنطن والقدس، طُرحت الحاجة إلى توطيد علاقات إسرائيل مع الإمارات، وربما أيضا مع السعودية. وأحد اتجاهات العمل المركزية هو بلورة منظومة دفاعية جوية إقليمية تساعد دول المنطقة على مواجهة التهديد المتنامى من إيران، صواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات من دون طيار (مسيرات).
من المتوقع أن يصل بايدن إلى إسرائيل بعد 3 أسابيع. برنامج الزيارة لم يُنشر بعد، وعلى ما يبدو، فإنه سيتأثر بالتطورات السياسية فى البلد، وبالتساؤلات عن استقرار الائتلاف. أحد الأهداف المركزية للإدارة الأمريكية هو تحسين العلاقات مع السعودية. فبعد مقتل الصحفى السعودى جمال الخاشقجى فى تركيا فى سنة 2018، تزعزعت علاقة الحزب الديمقراطى بالرياض كثيرا. وكان الرد السعودى على فوز بايدن فى الانتخابات باردا. لكن الولايات المتحدة الآن بحاجة ماسة إلى دول الخليج، فى ضوء الارتفاع فى أسعار النفط جراء الغزو الروسى لأوكرانيا.
وفى إطار المساعى لتوطيد العلاقات، طلبت الولايات المتحدة مساعدة إسرائيل للدفع قدما بصفقات تصدير أمنى إلى الإمارات، كما طلبت منها إظهار انفتاح حيال السعوديين. بناء على ذلك، تُبحث اليوم، بجدية كبيرة، فكرة ترددت كثيرا فى السنة الماضية: تأسيس هيكلية دفاعية إقليمية تتمحور حول تحسين الدفاع فى مواجهة الصواريخ والمسيرات الإيرانية.
إيران تقف وراء عشرات الهجمات بالمسيرات على مواقع النفط وبنى تحتية فى السعودية والإمارات، كانت ذروتها فى الهجوم الذى تسبب بالكثير من الأضرار والإصابات، والذى استهدف مجمع شركة النفط السعودية آرامكو فى سبتمبر 2019. ومنذ ذلك الحين، انشغلت دول الخليج انشغالا كبيرا بتحسين دفاعها فى مواجهة هجمات مشابهة. جزء من هذه الهجمات نُفِذ بواسطة الحوثيين فى اليمن، الذى يحصلون على مساعدة عسكرية واسعة النطاق من طهران.
وزير الدفاع بنى غانتس تطرق إلى خطر صواريخ كروز البعيدة المدى والمسيرات فى خطاب ألقاه فى جامعة ريخمان قبل أسبوعين، وقال: «يوجد فى العراق مئات المسيرات، وأُضيفَ إليها العشرات هذا العام. كذلك فى اليمن، فقد ارتفع عدد المسيرات فى السنة الأخيرة، ولدى الحوثيين العشرات منها، على الرغم من الحظر الدولى المفروض عليهم. فى سوريا، تتواصل فى هذه الأيام محاولات نقل وإنتاج الأسلحة الدقيقة. وستواصل إسرائيل كبح هذه المساعى ومنع تهديدها لمواطنيها والمنطقة».
لدى إسرائيل الكثير لتقدمه إلى دول أُخرى فى مجال المنظومات الدفاعية والتطوير التكنولوجى ووسائل جمع المعلومات الاستخباراتية والربط بينها. وبخلاف التقارير فى وسائل الإعلام الأجنبية، ليس المقصود بيع منظومة «القبة الحديدية». الرئيس السابق للشعبة السياسية فى وزارة الدفاع قال قبل شهرين لـ«هاآرتس» إنه لم يجرِ بيع أى منظومة قبة حديدية إلى أى دولة فى المنطقة. فى المقابل، فإن الارتباط بمنظومة الإنذار الإسرائيلية يمكن أن يؤدى إلى إطالة وقت الإنذار من هجوم إيرانى. وثمة ميزة أيضا فى الاتجاه الآخر، هى وضع رادارات فى الخليج تسمح بإرسال إنذار مبكر إلى إسرائيل بشأن عملية إطلاق صواريخ إيرانية.
فى العامين الأخيرين تحدثت التقارير أكثر من مرة عن محاولات إيرانية لإطلاق مسيرات هجومية بواسطة ميليشيات شيعية من على بُعد مئات الكيلومترات فى اتجاه إسرائيل. مرتان على الأقل جرى اعتراض هذه المسيرات. فى إحدى المرات، قامت بذلك طائرة حربية أمريكية، وفى مرة أُخرى، قامت إسرائيل بعملية الاعتراض. يمكن التقدير، بحذر، أن دول المنطقة عمقت التعاون الدفاعى فيما بينها، وهى تمارسه منذ توقيع «اتفاقات أبراهام» قبل عامين. فى الشهرين الماضيين، تحدثت مواقع مختصة بمتابعة حركة الطائرات عن حركة كثيفة لطائرات شحن كبيرة وصلت من الإمارات وحطت فى إسرائيل، ثم عادت إلى قواعدها فى الخليج.
توطيد العلاقات الأمنية بين دول الخليج له علاقة أيضا بالخطوة التى بادر إليها الأمريكيون فى العام الماضى، ألا وهى نقل التعاون مع الجيش الإسرائيلى إلى القيادة المركزية للجيش الأمريكى (CENTCOM) التى تركز على الشرق الأوسط، بدلا من القيادة الأوروبية (EUCOM). وقالت مصادر رفيعة فى الجيش الإسرائيلى لـ«هاآرتس»: إن الخطوة الأمريكية ساهمت بصورة كبيرة فى تحسين التنسيق بين الأطراف يوميا.
فى الشهر الماضى، زار القائد الجديد للقيادة المركزية فى الجيش الأمريكى الجنرال مايكل كوريلا إسرائيل، واجتمع بغانتس ورئيس الأركان أفيف كوخافى، كما زار تدريب «مركبات النار». وقريبا، من المفترض أن يعين الجيش الإسرائيلى مندوبا دائما، وهو ضابط فى سلاح البحر، فى قيادة الأسطول الخامس الأمريكى الذى تتمركز قيادته فى البحرين التى وقعت معها إسرائيل اتفاقا لتطبيع العلاقات ضمن إطار اتفاقات أبراهام.
* محلل عسكرى
هاآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية