يانيف كوفوفسكى وعاموس هرئيل وهاجر سيزاف
يواصل الجيش والشرطة تقاذُف المسئولية إزاء ازدياد حوادث الجريمة القومية من طرف اليهود فى الضفة الغربية. وزير الدفاع الذى قام بجولة فى الضفة فى الأسبوع الماضى، سمع من ممثلى الجهازين تفسيرات متعارضة تتعلق بأسباب الصعوبات التى تعترضهما فى مواجهتهما لهذه الظاهرة. ويقول مصدر أمنى رفيع المستوى للصحيفة إن المقصود هو أن فشل المؤسسة الأمنية كلها نابع من عدم فهم مهمتها فى المناطق وغياب الحافز، مشيرا إلى «أجواء مؤاتية» يخلقها المستوى السياسى.
بالأمس قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلى: «من واجب الجيش، ومن صلاحياته العمل على منع أحداث عنيفة يقوم بها مواطنون إسرائيليون فى مناطق الضفة الغربية حتى وصول قوات الشرطة إلى ساحة الحادث. ومن المتوقع استخدام جنود الجيش صلاحياتهم هذه وعدم الوقوف موقف المتفرج تجاه أحداث من هذا النوع». وسبق لغانتس أن قال فى نقاش جرى فى ديسمبر الماضى إنه يتوقع من قادة الجنود التدخل فى حوادث مهاجمة مواطنين يهود لفلسطينيين.
وبحسب موقع «واللا»، شهدت جلسة الطاقم الأمنى المصغر فى الأسبوع الماضى نقاشا بين رئيس الأركان أفيف كوخافى ووزير الداخلية عومر بار ــ ليف، الذى قال إن لجنود الجيش الإسرائيلى صلاحيات رجال الشرطة حيال الإسرائيليين فى المناطق، وفى إمكانهم ملاحقة مواطنين متورطين فى حوادث عنف إلى حين وصول الشرطة. وفى رأى بار ــ ليف، الجيش لا يستخدم صلاحياته كما يجب. فى المقابل، ادّعى رئيس الأركان أن الوزير صوّر الواقع بصورة غير دقيقة، وبالاستناد إلى رأى المستشار القانونى للحكومة فى سنة 1998، من الأفضل أن تتعامل الشرطة مع مواطنين إسرائيليين، وليس الجنود.
كلام كوخافى استقبلته الشرطة باستياء، واعتُبر محاولة لتحميل الشرطة مسئولية ما يحدث فى مناطق خاضعة لسيطرة الجيش. وبحسب مصدر أمنى رفيع المستوى، «الجيش هو المسئول عن المنطقة ويجب عليه فقط استخدام صلاحياته». ويضيف المصدر أنه على الرغم من اعتقاد رئيس الأركان أن الشرطة هى المسئولة عن فرض القانون على المستوطنين، فإنه أوضح أن المطلوب من الجنود التحرك لمنع المستوطنين من مهاجمة الفلسطينيين.
لم يدخل غانتس فى تفاصيل الخلاف فى أثناء زيارته المنطقة فى بؤرة حوميش، حيث التقى ممثلين للجيش والشرطة، وذلك بحسب كلام مشاركين فى النقاش، وكرر دعوته الجنود إلى التدخل فى مثل هذه الأحداث، وعند الضرورة استخدام صلاحياتهم وملاحقة مشتبه بهم بارتكاب حوادث عنف. لكن بحسب كلام المصدر الرفيع المستوى، الجنود يقفون موقف المتفرج و«الجيش لا يريد الزجّ بنفسه فى مواجهات مع يهود».
واشتكى ممثلون للشرطة من مشكلات فى التنسيق مع الجيش فى الضفة. وكان غانتس شدد فى النقاش على أنه يعتبر محاربة الجريمة القومية أولوية عليا، لكن ممثلى الشرطة أوضحوا له أن قيادتهم لديها سلّم أولويات آخر.
فى الجيش يعترفون بأن الجنود يجدون صعوبة فى التحرك لمواجهة أعمال شغب يقوم بها يهود. وفى معظم الأحيان، يجرى استدعاء قوة صغيرة إلى المكان. وفى أحسن الأحوال، تعمل هذه القوة على إبعاد الأطراف المتطرفة من المكان، لكنها لا تلاحق مشتبها بهم، وغالبا يكون على رأس هذه القوة قادة لا يعرفون قواعد اللعبة المتعلقة بالدلائل المصورة المقبولة فى عملية قضائية. وقيل لغانتس إن الجيش بدأ يستخدم الغاز المسيل للدموع فى هذه الحوادث.
فى رأى مصدر أمنى رفيع المستوى، يُلقَى جزء من المسئولية عن ازدياد عنف المستوطنين على عاتق السياسيين. ويقول: «لا يمكن تجاهُل الجو الذى يسمح بذلك. عندما يصل الجيش إلى بؤرة حوميش يسمع انتقادات قاسية ضده من المستوى السياسى، ومن قيادة المستوطنين وأطراف أمنية. وبهذه الطريقة يدرك مثيرو الشغب أنهم يحصلون على دعم مراكز القوة فى إسرائيل، من دون أن يقال لهم ذلك علنا، وهو ما يسمح باستمرار العنف».
ويضيف المصدر: «من الصعب جدا أن تزرع لدى الجنود والقادة الإدراك بأن مهمتهم هى المحافظة على أمن الطرفين. فهم يُرسَلون إلى مهمة عملانية للدفاع عن السكان اليهود ومنع الإرهاب، ومن الواضح مع أى طرف يقفون فى النزاع». وفى رأيه، فى معظم الأحيان، القادة هم الذين يقررون ما الذى يجب فعله خلال حوادث العنف، وهم يحصلون على توجيهات غامضة من المستوى القيادى.
ويحذّر المصدر: «فى النهاية، هذا العنف سينفجر فى وجوهنا. واستمراره سيؤدى إلى تصعيد أمنى من الصعب تقدير قوته». وبالاستناد إلى معلومات عُرضت فى النقاشات الأمنية، يشير المصدر إلى أن شبانا فلسطينيين يعتقدون أنه يجب الرد على عنف المستوطنين بعنف. «وإذا حدث هذا، فإنه سينتهى بسقوط عدة قتلى، وسيشعل الضفة الغربية». وفى رأيه، هذا العنف يزعزع مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قبيل الانتخابات التى ستجرى فى الأشهر المقبلة فى مدن الضفة الغربية، الأمر الذى يُقلق السلطة كثيرا.
ويوضح المصدر الأمنى الرفيع: «فى إمكان المؤسسة الأمنية معالجة هذا العنف إذا اتخذت قرارا بأن هذا ما يجب القيام به. وكما فى استطاعة الجيش الإسرائيلى مواجهة عنف الأفراد الفلسطينيين واقتلاعه، فإن فى إمكانه العمل ضد الأفراد، أو المجموعات الصغيرة التى تطبق القانون بنفسها. المشكلة تبدأ فقط عندما يُعتبر سقوط جرحى من اليهود فشلا فى المهمة، بينما الأذى الذى يلحق بالفلسطينيين يُعتبر خطأ. فلو أعلمت المؤسسة الأمنية القادة على الأرض بأن الأذى اللاحق بالمزارعين وبنشطاء اليسار هو فشل فى مهمتهم، لكانوا نظروا إلى الموضوع بصورة مختلفة».
هاآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية