فى نهاية الأسبوع الماضى أعلن وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان تعيين كوخافى رئيسا لهيئة الأركان العامة. وفيما يلى التحديات المركزية التى سيواجهها:
التحدى الأكثر إلحاحا: غزة
ما من سبب يدعونا إلى الإعجاب أكثر من اللازم بالكلام عن «تسوية». فالوضع فى قطاع غزة قابل جدا للانفجار، فى الأساس لأن لعبة الشطرنج ليست فى مواجهة «حماس» وحدها، بل أيضا ضد حركة الجهاد الإسلامى الفلسطينى التى تخدم ما تريده سوريا وإيران اللتان «تحاسبان» إسرائيل على هجماتها فى الشمال.
يعرف كوخافى جيدا الجبهة الجنوبية، منذ الفترة التى كان فيها قائدا لفرقة غزة. العنوان الرئيسى لولايته كان تطبيق أسلوب «إقامة ساتر من النار» لإغلاق الدوائر بسرعة فى منطقة مكتظة. لاحقا، عندما كان رئيسا للاستخبارات العسكرية فى عملية «الجرف الصامد»، عانت الاستخبارات جراء الانشغال بتفاصيل كل هدف بحد ذاته وضيعت جزءا من الصورة الكبيرة المتعلقة باعتبارات العدو التى اتضحت فى وقت متأخر.
اليوم أيضا، كل إطلاق نار على إسرائيل أو اغتيال عنصر من «حماس» أو من حركة الجهاد يمكن أن يشعل من جديد حربا شاملة فى مواجهة غزة، والهدف السياسى لهذه الحرب يمكن أن يكون أيضا إسقاط حكم «حماس».
التحدى الأكثر تعقيدا: الشمال
إذا كانت جبهة غزة معقدة، فإن اللعبة الدائرة فى الشمال هى من الأكثر تعقيدا فى العالم بسبب اللعبة المزدوجة الثنائية والثلاثية للقوة العظمى الروسية الموجودة على أرض سوريا، والتى تدير مصالح متعارضة فى مواجهة إسرائيل، والأسد، وتركيا، وإيران. هذا من دون أن نذكر حزب الله الذى له اعتباراته الخاصة.
فى أساس الوضع فى الجبهة الشمالية، يوجد الإصرار الإسرائيلى على منع تمركز إيران فى سوريا ولو بالقوة، وعلى منع حصول حزب الله على سلاح استراتيجى. وفى مقابل ذلك يصر الطرف الثانى على تحقيق هذه الأمور. بينما لا يهم واشنطن فعلا ما يجرى فى سوريا. وسيضطر كوخافى إلى إيجاد السبل لاستمرار القيام بهجمات متكررة ومتعاقبة على أهداف إيرانية، من دون خوض حرب، ومن دون أن تعترضها بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات الروسية التى جرى إحضارها إلى سورية بعد إسقاط الطائرة الروسية.
التحدى الأكثر خطورة: إيران
يُعتبر تهديد قنبلة نووية لإسرائيل الوحيد الذى يمكن أن يكون تهديدا وجوديا. إيران غارقة عميقا بمشكلاتها الداخلية وفى سوريا، وتئن تحت عبء العقوبات الاقتصادية المتجددة، لكن لهذا السبب تحديدا، ليس من المستحيل حدوث سيناريو مقبل: ظهور زعماء إيران ذات يوم على منبر فى طهران وإعلانهم الحصول على سلاح نووى أنهوا تطويره سرا بعد إلغاء الاتفاق مع الولايات المتحدة. مثل هذا الإعلان يمكن أن يأتى، سواء كان لدى إيران سلاح نووى فعليا أو لم يكن. فى مثل هذه الحالة ماذا سيقترح الجيش برئاسة كوخافى على المستوى السياسى؟
التحدى فى الأمد البعيد: التكيف وفق العصر الجديد
فى العصر السيبرانى، تتغير طبيعة التحديات العسكرية بسرعة. يقوم الجيش الإسرائيلى بتغيير بنيته بصورة كبيرة، وخطة «جدعون» المتعددة السنوات التى بدأ تنفيذها فى سنة 2018، تحظى بميزانيات ضخمة. المشكلة هى أن الواقع يتغير بوتيرة أسرع بكثير.
ومن ثم فإن تكيف الجيش وفق العصر الجديد هو تحدٍ لا يمكن التقليل من أهميته ومن تعقيده، وهو سيرافق كوخافى طوال سنوات عمله. قراران مهمان متوقعان فى السنة الأولى: قرار يتعلق بالطائرات المستقبلية فى الجيش الإسرائيلى، وربما أيضا شراء إضافى كبير لصواريخ أرض ــ أرض دقيقة.
يبدو أيضا أن الجيش سيشترى طائرات جديدة للتزود بالوقود من إنتاج بوينج، وثمانى طوافات تدريب من إنتاج «ماكى» من إيطاليا من أجل مدرسة الطيران.
على صعيد الصواريخ الدقيقة التى يصل مداها إلى 150 كيلومترا، يُعتبر كوخافى بين الذين أيدوا خطة وزير الدفاع ليبرمان للتزود بهذا السلاح الدقيق جدا من إنتاج شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية. ومن المفترض أن يأمر كوخافى بشراء كميات كبيرة من الصواريخ من أجل استكمال رؤية إنشاء «سلاح للصواريخ»، ومن أجل القيام بهجمات دقيقة على أهداف دقيقة وبعيدة، من دون الحاجة إلى طائرات معرضة لخطر الصواريخ المضادة للطائرات الأكثر تطورا.
التحدى الأكثر حساسية: الجيش والمجتمع
هذا هو الموضوع الذى لا يحب الجيش الحديث عنه بإسهاب فى وسائل الإعلام، لكنه ينتظر أيضا رئيس الأركان المقبل: التغيرات التى طرأت على مزاج المجتمع، تؤثر فى استعداد الضباط الجيدين للخدمة فى الجيش النظامى كمهنة طويلة الأمد. جزء من تحذيرات مفوض شكاوى الجنود التى تتعلق باستعداد الجيش للحرب المقبلة، وهى تحذيرات أغضبت رئيس الأركان المنتهية ولايته أيزنكوت، لها علاقة أيضاَ بنوعية الجيش النظامى فى الفئات العريضة للجيش (وليس بالضرورة فى وحدات النخبة)، والعبء الثقيل الملقى على الجنود بعد عدة جولات من التقليصات.
من المحتمل أن يشكل هذا صراعا مصيريا على نوعية الخدمة النظامية فى الجيش، من أجل منع نشوء وضع يكون فيه الجيش بالنسبة إلى المجندين، قبل كل شىء، «مكان عمل»، يذكر بحرس الحدود وشرطة إسرائيل.
عمير رابوبورت
محلل عسكرى
مكور ريشون
مؤسسة الدراسات الفلسطينية