خطاب أوباما فى واشنطن منعطف حقيقى فى العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:49 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطاب أوباما فى واشنطن منعطف حقيقى فى العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل

نشر فى : الأحد 9 أغسطس 2015 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأحد 9 أغسطس 2015 - 8:30 ص

نحو 200 شخص اجتمعوا مساء الأربعاء فى قاعة تحمل اسم الملك سلمان ملك السعودية فى الجامعة الأمريكية فى واشنطن فى انتظار خطاب الرئيس أوباما إلى الأمة بشأن الاتفاق النووى مع إيران. لقد جاء خطاب أوباما مفصلا ومنظما وواضحا. وخلال ساعة تقريبا عرض نظريته المؤيدة للاتفاق وحاول تفنيد ودحض حجج المعارضين للاتفاق الواحدة تلو الأخرى. وقد وجه كلامه إلى مجموعتين أساسيتين: أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب من الحزب الديمقراطى، وجمهور الناخبين من الوسط واليسار الليبرالى.

وأحد التكتيكات التى استخدمها أوباما هى التخويف، إذ حذر من اللوبيات المؤيدة للحزب الجمهورى ومن المنظمات التى تنفق عشرات ملايين الدولارات على حملات ضد الاتفاق. وفى مراحل معينة ذكّر كلامه بالفيديو العائد إلى فترة الانتخابات فى إسرائيل، والذى حذّر فيه نتنياهو من إقبال العرب إلى صناديق الاقتراع فى باصات تمولها جميعات يسارية. لكن على عكس نتنياهو، ففى مبالغة أوباما وتضخيمه شىء ليس قليلا من الحقيقة. وثمة شيطان آخر استحضره أوباما هو جورج بوش الابن الذى صوره بأنه هو الذى كان سببا فى نشوء المشكلة الإيرانية عندما شن حربا مضللة ضد العراق. وذكّر بأنه عندما تولى بوش منصبه لم يكن لدى إيران جهاز تخصيب واحد، لكن لدى مغادرته البيت الأبيض أصبحت إيران تملك الآلاف.

بيد أن الجزء الأكثر إثارة للقلق فى خطاب أوباما هو الذى تطرق فيه إلى موقف حكومة إسرائيل المعارض للاتفاق النووى. والكلام الذى قاله يمكن أن يتضح فى مستقبل ليس بعيدا أنه يشكل منعطفا حقيقيا فى العلاقات الاستراتيجية بين القدس وواشنطن. فقد تعامل أوباما مع نتنياهو ليس بوصفه حليفه الأساسى بل خصمه السياسى الأكبر. صحيح أنه أشار إلى أنه يتفهم قلق نتنياهو ويؤمن بصدق نياته، لكن اظهار هذا التعاطف كان مقدمة لهجوم حاد على رئيس حكومة إسرائيل. وفى بعض الأحيان كان فى الإمكان سماع نبرة احتقار لدى أوباما عندما كان يقلّد دون أن يعى ذلك صوت نتنياهو فى خطاباته ضد الاتفاق وهو يردد:«هذه صفقة سيئة، المطلوب صفقة أفضل».

لقد عزل أوباما نتنياهو وصوّره وحكومته بأنهما الوحيدان فى العالم اللذان يعارضان الاتفاق، ووضعه على رأس معسكر دعاة الحرب الرافض لأى تسوية دبلوماسية من أى نوع وتحت أى ظرف. وما أراد باراك أوباما قوله هو إن محاولات رئيس الحكومة الإسرائيلية افشال الاتفاق النووى تشبه الحملة التى شنّها مؤيدو الحرب فى العراق سنة 2003. ومن المشكوك فيه أن نجد مجموعة ينفر منها الجمهور الأمريكى كهؤلاء.

***
إن ما يجب أن يثير قلق كل إسرائيلى ويحرمه من النوم هو أن صراع نتنياهو ضد الاتفاق النووى دفع أوباما إلى وضع أصبح متوجبا عليه أن يُميز بين المصالح الأمنية للولايات المتحدة وبين مصالح إسرائيل، موضحا أنها ليست متماثلة. وقد قال الرئيس: «إنه خيانة لواجبى تجاه الدستور لو تصرفت بصورة تتعارض مع رأيى لأن ذلك قد يتسبب فى توتر مؤقت مع حليف وصديق عزيز». وهو بذلك بعث برسالة واضحة مفادها أن نتنياهو تخطى خطوطا حمراء فى نضاله ضد الاتفاق النووى من خلال تدخله السافر فى السياسة الأمريكية الداخلية ومحاولته أن يقدم نفسه على أنه يعرف أكثر من رئيس الولايات المتحدة ما هى مصالحها.

إن تصفيق الجمهور الكثيف لهذه العبارة هو نموذج صغير فقط للمشكلة الخطرة التى ستواجهها إسرائيل، والإحساس بالغربة الذى يشعر به جمهور كامل فى الولايات المتحدة إزاء سياسة إسرائيل وشعورهم بأنها تريد أن تتحكم بهم.

إن انعكاسات هذا المناخ على أمن إسرائيل القومى ستكون كارثية. وسواء جرت الموافقة على الاتفاق النووى، أو أعطت حملة نتنياهو ثمارها واستطاع الكونجرس التغلب على الفيتو الرئاسى وأسقط الصفقة، فإن الانعكاسات السلبية قد تؤدى إلى قطيعة حادة وخطرة بين الجمهور الليبرالى الذى يصوت إلى جانب الديمقراطيين وضمنهم أغلبية الجالية اليهودية، وبين إسرائيل.

التعليقات