نحن لسنا دولة محتلة. نحن احتلال له دولة. الاحتلال هو المشروع الوطنى الأكبر لنا. وهو يستمر منذ فترة طويلة جدا بحيث لم يعد باستطاعتنا تخيل أنفسنا بدونه. لقد اعطوه كل ما كان لنا وما يوجد لدينا مع المعرفة بأنه دائما يريد المزيد. وقد أخذ منا روحنا؛ ليس الآن، عندما أراد ضم أيضا ما تبقى من الديمقراطية التى احتفظنا بها لأنفسنا، بل على الفور عند بدايته كرسوم دخول. نحن عرفنا الثمن. كان يمكننا أن نعرف. كان هناك من حذروا. وقد دفعناه مع ذلك بقلوب مرتاحة وطواعية ونحن نغمض العيون.
لقد أعطيناه دماء أبنائنا وبناتنا من أجل الأمن، هكذا قلنا، عندما كانت عملية تلو الأخرى، وكان أولادنا يقومون بأعمال الدورية فى أزقة وحقول أجنبية وحياتهم كانت مباحة. قمنا بتسمية ذلك «إدارة النزاع» وقص العشب. وقلنا إن هذا هو أفضل ما لدينا. بشكل ما هذا دائما كان أفضل الموجود. ودائما قمنا «بتغيير المعادلة». نحن نحب تغيير معادلات القوة. نحن نقوم بتغييرها فى قطاع غزة منذ عقود. جولات قتال، نسمى ذلك، ونفرض على سكاننا وسكان غزة عيد أضحى سنويا خاصا بنا. أيضا المستوطنات نحن نبررها بمبررات أمنية وكأن هناك منطقا أمنيا فى إرسال المدنيين إلى داخل منطقة معادية، وكأنه يمكن الحديث بعد ذلك بضمير طاهر بأن الطرف الثانى «يختبئ خلف المدنيين»، وكأن رياض الأطفال هى أدوات قتالية. هى ليست هكذا، لكن فى الأصل نحن الذين تنازلنا أولا عن المعايير.
قمنا بتجنيد أدمغة قانونية لامعة من أجل الاحتلال، خدعت نفسها فى التنقيب فى قوانين الطوارئ الانتدابية لتبرير السلب وتشريع سرقة كيرم نبوت وتبرير التعذيب والعقاب الجماعى والتفجيرات التى لا تميز. القانونيون كانوا هناك عندما رقصنا حول السلب من أجل شوارع لليهود فقط، ومعاقبة قرى ومدن بالكامل. وهم كانوا هناك من أجلنا عندما فحصنا كم سعرة حرارية للشخص يجب إدخالها إلى غزة كى نحافظ عليها دائما على شفا أزمة إنسانية (بعد ذلك، بالمناسبة، لم نعد بحاجة إلى صيغة، نحن نعرف ذلك تقريبا بالحدس).
لم يكن هناك أى شر لم يتمرغ فيه القانونيون والسياسيون. فماذا إذا قمنا بتوسيخ أيدينا بشكل قليل عندما يكون ذلك من أجل الدولة اليهودية النامية.
«الحكومة اليمينية الكاملة جلبت بشكل قانونى تصريحا بأن كل الاستيطان فى الضفة الغربية يعتبر جزءا من دولة إسرائيل، وهو أمر معقد قانونيا»، قالت بسذاجة عضوة الكنيست شيرين هسكل (المعسكر الرسمى) فى جلسة لجنة المالية التابعة للكنيست. هسكل تعرف الوضع القانونى، لكنها تثق بمصوتيها الذين لا يعرفون. عدد قليل يعرفون، كيف سيعرفون؟ لقد أنتجنا قانونا هو بمثابة ستارة ضبابية. مبنى قوى ومحامون يفعلون فيه ما يشاءون. يوجد لنا أسطول من المحامين. هم يفعلون كل شىء. من المحاكمة الإدارية وحتى المحاكمة الدولية. هم سيبررون كل شىء. لديهم القوة. عملهم سهل. القضاة لا يقسون قلوبهم أمامهم. قضاة المحكمة العليا صادقوا على إخلاء تجمعات فلسطينية كاملة من بيوتها فى مسافر يطا لأن الجيش بحاجة ماسة إلى منطقة تدريب جديدة، يجب أن تكون بالضبط مكان بيوتهم. هكذا هو الأمر. شخص ما دافع عن هذا الموقف فى المحكمة، وللأسف قضاة المحكمة العليا وافقوا على ذلك. وعلى هذا الانغلاق نحن مجندون الآن من أجل الدفاع بأن المحكمة العليا هى الحاجز الأخير الذى بقى والذى يدافع عن حقوقنا.
قمنا بتجنيد أفضل رجال الدعاية لدينا. هذه الوصمة يجب إزالتها. وقد صاغوا من أجلنا نسيجا من الادعاءات، بالإجمال، نحن جيدون فى التعود. المذبحة فى حوارة أخرجت الإسرائيليين إلى الشوارع. هم شاهدوا يهود جيدون يقومون بالصلاة أمام اشتعال قرية محترقة ويلحق بها الدمار. فى الأسبوع قبل الماضى خرج مستوطنون لإحراق بيوت فى جالود. وكالعادة الشرطة وصلت بعد الحادثة. وكالعادة لم يتم اعتقال أى شخص. قوات الجيش وحرس الحدود وصلت. وكالعادة هذا انتهى بإصابة ثلاثة فلسطينيين. قبل ذلك بسنة قام المستوطنون بإحراق خمس سيارات فى قرية جالود انتقاما على عملية إطلاق النار فى الخضيرة التى أطلقت النار فيها على جنديين من حرس الحدود وقتلتهم. ولكن لا حاجة إلى الذهاب إلى هناك. قبل أسبوعين غادر نحو 200 بدوى فلسطينى من سكان عين سامية بيوتهم، وقد قالوا بأن سبب المغادرة هو الأولاد. هم لم يعد بإمكانهم السماح لهم بالعيش فى خوف. الهجمات كانت لا تتوقف، وكانت محمية من قبل رجال الشرطة الذين كانوا ينظرون إلى الطرف الآخر، وتتم حمايتها من قبل أفضل أبنائنا، بعد يومين قام المستوطنون بإحراق كرفان وعدة بيوت فى برقة، هذه المرة الانتقام لم يكن بسبب عملية. سكان القرية ارتكبوا ذنبا فى استضافة بعثة الاتحاد الأوروبى، العدو القديم لنا. كل ذلك لم يخرج أى أحد إلى الشوارع. هذا بصعوبة نشر عنه. أيضا السياسيون لم يكلفوا أنفسهم عناء التطرق لذلك. هم أجروا حساباتهم ووجدوا بأنه الآن ليس الوقت المناسب. الآن هذا ليس الوقت المناسب فى أى وقت.
عندما سار آلاف الشباب الجيدون فى مسيرة الأعلام وصرخوا «لتحرق قريتكم» فى الحى الإسلامى فى شرقى القدس، وعندما تم ضرب الفلسطينيين، قال السياسيون الإسرائيليون لنا كم هذا اليوم مثير لهم.
لقد خلقنا لأنفسنا واقعا بديلا، عالما خياليا خاصا بنا. نحن نخلقه من جديد فى كل يوم، بالأكاذيب أو التجاهل.
هآرتس
زهافا غلئون
سياسية إسرائيلية يسارية
مؤسسة الدراسات الفلسطينية