العاصفة العارمة فى الشرق الأوسط - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:55 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العاصفة العارمة فى الشرق الأوسط

نشر فى : الإثنين 12 سبتمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : الإثنين 12 سبتمبر 2016 - 9:30 م
نشرت مؤسسة الدراسات الفلسطينية مقتطفات من كتاب «فوضى سببها عاصفة عارمة فى الشرق الأوسط». يقول فيه الكاتب إن دولة إسرائيل تقف فى لجة هذا البحر الهائج مثل جزيرة متوحدة. فإسرائيل هى الدولة الوحيدة غير المسلمة وغير العربية فى هذا الفضاء الشاسع، من مضيق جبل طارق حتى الهند. وفوق هذا، إسرائيل هى الدولة الديمقراطية الوحيدة فى هذا الفضاء القائمة على مجتمع منفتح بالمفهوم الأعمق لهذه الكلمة.

ولذا يعتبر الكاتب أن قدرة إسرائيل على التأثير وتغيير ما يجرى فى المنطقة محدودة جدا، فهى لا تستطيع تغيير الشرق الأوسط بالقوة ولن يكون لأى اتفاق بينها وبين الفلسطينيين أثر على ما يحدث فى المنطقة. ومع ذلك يتعين على إسرائيل أن تكون متيقظة لاحتمال أن تؤدى التغيرات فى البيئة الشرق أوسطية وفى العالم إلى تهيئة فرص جديدة للتعاون مع بعض جاراتها، من بين تلك التى تفضل الوضع القائم على تغييرات راديكالية، وتلك التى تتخوف من إيران النووية. والطريق إلى تعاون علنى كهذا لابد وأن تمر بالضرورة عبر اتفاق مع الفلسطينيين. وللاتفاق أهمية حيوية لأن أيا من القادة العرب يعتبره مهما، ولا لأن حكام الدول العربية معنيون بمصير الفلسطينيين ــ فهم ليسوا كذلك، لكن أيا منهم لا يستطيع تجاهل الشارع فى هذه الأيام، وبالتأكيد ليس بعد أحداث الربيع العربى. وربما، فى فترة ما بعد الاتفاق، وجراء فقدان الثقة التى توليها عدة دول عربية للولايات المتحدة، قد يكون مِن بين الدول العربية مَن سيتخذ إسرائيل، القوية والمستقرة، بديلا عن المرساة الأمريكية الآخذة فى التلاشى. وإذا ما حصل ذلك، وتطور التعاون مع تلك الدول وتعمق، فمن المحتمل أن تساهم تطورات ما بعد الاتفاق فى تعزيز الاستقرار فى الشرق الأوسط.

***

لا تستطيع إسرائيل، سواء باتفاق أو بدونه، تجاهل ما يحدث على طول حدودها وفى ما وراء الحدود، نظرا لوجودها فى قلب العالم العربى والإسلامى الكبير. إن جزءا مهما من الجيوش النظامية فى المنطقة، تلك التى كانت تهدد إسرائيل منذ إنشائها، تفكك وتبدد (الجيش العراقى) أو تضرر جدا (الجيش السورى). لكن ثمة قوى من العالم الظلامى فى الشرق الأوسط الهائج تعزز مواقعها على حدود إسرائيل: فى شبه جزيرة سيناء «الدولة الإسلامية» (داعش)؛ فى قطاع غزة ــ الذراع الفلسطينية المسلحة التابعة لتنظيم «الإخوان المسلمون»، «حماس»، و«الجهاد الإسلامى»؛ فى لبنان تنظيم «حزب الله»، والذى لا يزال نظام الأسد صامدا بفضله.

إن إسرائيل محاطة بتنظيمات إرهابية من جميع الجهات تقريبا وهى تمتلك قدرات هجومية غير قليلة. وقد لا تكون قدرات هذه التنظيمات على مستوى قدرات الجيوش النظامية (باستثناء «حزب الله»)، لكن طابعها يحتم أخذها فى الحسبان؛ فسيتعين على إسرائيل، خلال السنوات القريبة، مواجهة تنظيمات مسلحة غير دولية مجهزة ومستعدة تنتشر حولها، صراع يتداخل فيه مقاتلو التنظيمات الإرهابية مع المواطنين المدنيين، سواء كانوا مؤيدين للإرهاب أو غير مبالين، لكن مجرد وجودهم هناك يجعل القتال أكثر صعوبة وتعقيدا، ويحد من قدرة الجيش الإسرائيلى على العمل بحرية. ويستطرد الكاتب قائلا إن جميع هذه التنظيمات الإسلامية الراديكالية تقوم على أساس مشترك: جميعها يؤمن بأن الإسلام ينبغى أن يحكم العالم وهى جميعا متحدة فى كراهيتها لإسرائيل، بل ومستعدة لتجاوز الصراع فيما بينها فى بعض الحالات، ومساعدة بعضها بعضا لمحاربة إسرائيل، مع بقاء كل منها فى موقعه على جانبى المتراس الإسلامى.

***

لن يكون ثمة أى معنى عملى للاتفاقيات التى ستتوصل إليها إسرائيل وتبرمها فى العالم المتشكل الآن فى الشرق الأوسط إذا لم تكن تمتلك القوة اللازمة لحماية هذه الاتفاقيات، بل ينبغى لأى اتفاق مع الفلسطينيين أن يرتكز على إدراك حقيقة أنه ليس فى مقدور مَن يوقع على الاتفاق، أو أية جهة ضامنة له، منع التطرف الإسلامى بين أوساط الفلسطينيين أنفسهم أيضا.

كما يؤكد الكاتب على أنه يتعين على إسرائيل مواصلة المحاولات للتوصل إلى اتفاق، على الرغم من أنه لا يلوح فى الأفق الآن. كما أنه لا توجد طريقة سهلة لتحقيق ذلك، والخلافات بين إسرائيل والفلسطينيين لن تزول وتختفى بحركة سحرية أو لقاء تنازل إسرائيلى، كهذا أو ذاك. المشكلة الرئيسية التى تضايق الفلسطينيين ليست الاحتلالات التى حصلت فى العام 1967 والسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية. لكنهم لا يتقبلون نتائج المواجهة التى أعقبت قرار الأمم المتحدة فى العام 1947. إنهم لا يتقبلون وجود دولة إسرائيل فى حدود اتفاق وقف إطلاق النار من العام 1949. لذلك، ينبغى على الفلسطينيين أولا استبطان حقيقة أن إسرائيل ستظل قائمة كدولة قومية للشعب اليهودى، واللاجئون الفلسطينيون سيكونون ملزمين بتقبل حقيقة أنهم لن يعودوا إلى داخل إسرائيل.

إذن، إلى أين يسير الشرق الأوسط؟ فى حالة الفوضى العارمة التى تسود الشرق الأوسط الآن من الصعب جدا أن نعرف. ويختتم الكاتب قائلا إن من الصعب التكهن بما سينتج فى نهاية المطاف عن مجمل الصراعات المعقدة هذه، غير أنه استنادا إلى تجربة الماضى (بمدى ما لها من صلة وأهمية)، يبدو، للأسف، أن المنحى المرتسم هو الأكثر تشاؤما.
التعليقات