كتب: موشيه أرينز
يجب أن نصغى إلى نصر الله. صحيح ألا جديد فى ما يقوله لنا. ونحن نعرف أن لديه أكثر من 100 ألف صاروخ، وأن بعض هذه الصواريخ يصل إلى أى مكان فى إسرائيل، وأن جزءا منها قادر على أن يصيب المطارات وأهدافا أخرى بدقة. لكن على الرغم من ذلك يجب أن نصغى إليه. فالعديد منا يميل لأن ينسى أو يخدع نفسه باعتقاد أننا نجحنا فى ردع حزب الله عن مهاجمتنا مرة أخرى. لكن هذا الافتراض يحتاج إلى إعادة درس من جديد.
من الصعب ردع تنظيمات إرهابية، فآفاق مخططاتها بعيدة المدى وهى مستعدة لأن تخسر فى المعارك اعتقادا منها أنها ستربح الحرب. لقد بدأت دولة إسرائيل تدرك بعد معاناتها من هجمات إرهابية مستمرة على مدار سنوات، أن معنى الردع اليوم ليس القضاء على خطر الإرهاب، وإنما زيادة المدة الزمنية التى تفصل بين هجوم إرهابى أول وهجوم إرهابى ثان. اعتقدنا بعد العمليتين العسكريتين «الرصاص المصهور» و«عمود سحاب» ضد «حماس» فى قطاع غزة، أنهما ستردعان الحركة عن شن هجوم صاروخى جديد على إسرائيل. وفى كل مرة اتضح لنا أننا كنا على خطأ. الآن وللمرة الثالثة خلال عملية «الجرف الصامد» يبدو أن الهدف كان الحصول على بضع سنوات من الهدوء قبل هجوم جديد لـ«حماس».
خلال الحرب الأخيرة التى استمرت 50 يوما، أطلقت «حماس» والجهاد الإسلامى أكثر من 4000 صاروخ على إسرائيل. واضطر مليونا إسرائيلى إلى اللجوء إلى الملاجئ، وأغلق مطار بن غوريون يوما واحدا. وفى الواقع، فإن الهجوم الذى قامت به «حماس» والجهاد الإسلامى يمكن أن يشكل نموذجا لما يمكن أن يحدث إذا قرر حزب الله مهاجمة إسرائيل بصواريخه.
إن اعتقاد أن التنظيمات الإرهابية التى اشترت صواريخ لن تستخدمها وستتركها تصدأ فى المخازن، فكرة لا يقبلها العقل. أما فكرة أن حرب لبنان الثانية وقصف مربع الضاحية الشيعية فى بيروت على يد سلاح الجو شكلا رسالة ستردع الحزب عن القيام بهجمات جديدة ضد إسرائيل، فيجب وضعها على الرف. واستفزازات حزب الله على حدودنا الشمالية فى الفترة الأخيرة أبرز دليل.
وعلى الرغم من أن حزب الله غارق فى مستنقع الحرب فى سوريا، لكنه لم يستخدم بعد صواريخه، وهو ما يزال يحتفط بها لضرب أهداف فى إسرائيل.
وإذا قرر الحزب مهاجمتنا فإنه من المحتمل أن تنضم إليه «حماس»، فقد تركنا وراءنا عددا من المواضيع من دون حل عندما وافقنا على وقف إطلاق النار مع «حماس»، فالحركة لم تتخلّ عن سلاحها وليس لديها أى نية لتفعل ذلك. ومن المنطقى الافتراض أنها بصدد إعادة التسلح فى هذه اللحظات بالذات، كما أنه من المحتمل أن نضطر إلى خوض حرب على جبهتين.
لا تشكل «القبة الحديدية» ردا شاملا على هجوم صاروخى من اتجاهات متعددة، وفى إمكان المنظومة الدفاع عن بضعة أهداف مهمة، لكن لا يمكنها الدفاع عن السكان كلهم.
إن الخطر الإرهابى من الجنوب ومن الشمال الذى يستهدف جميع السكان المدنيين فى إسرائيل مشكلة خاصة بها ويجب ألا تبقى من دون حل لوقت طويل. ولسوء الحظ ضيعنا فرصة القضاء على الخطر من قطاع غزة فى العملية الأخيرة. كان يجب أن تكون معالجة موضوع الصواريخ أكثر أهمية من معالجة الأنفاق. واليوم ما زلنا نواجه تحديات على جبهتين.
وفى ضوء الاهتمام الكبير الذى خصص فى الأشهر الأخيرة لداعش والخطر الذى ينطوى عليه هذا التنظيم بالنسبة للدول القريبة والبعيدة، ازداد التوجه نحو نسيان أن حزب الله هو تقريبا أقوى تنظيم إرهابى فى المنطقة، وأنه يشكل خطرا مباشرا على إسرائيل وسوريا ولبنان. وما لم يجر تفكيك ترسانته الصاروخية، فإن الاستقرار لن يعود إلى المنطقة. لذا علينا الإصغاء إلى نصر الله.