هل يمكن اعتبار توقيع «اتفاق المصالحة» فى القاهرة منعطفًا فى الساحة الفلسطينية؟ - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:48 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يمكن اعتبار توقيع «اتفاق المصالحة» فى القاهرة منعطفًا فى الساحة الفلسطينية؟

نشر فى : الأربعاء 18 أكتوبر 2017 - 9:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 18 أكتوبر 2017 - 9:25 م

فى 12 أكتوبر اجتمع كل من فتح وحماس فى القاهرة واتفقا على تنفيذ اتفاق المصالحة الموقع بين الحركتين عام 2011. والذى ينص على إقامة حكومة وحدة وطنية، تجرى خلال سنة انتخابات رئاسية وتشريعية وكذلك للمجلس الوطنى الفلسطينى التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، انضمام «حماس» إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وأن تواصل السلطة فى السيطرة الأمنية على الضفة الغربية، و«حماس» على قطاع غزة.
تضمن الاتفاق تعهدات ملموسة وجدولا زمنيا لتنفيذ بنود الاتفاق، وخاصة فيما يتعلق بانتقال السلطة المدنية فى قطاع غزة إلى الحكومة فى رام الله، والسيطرة على المعابر.
فى المقابل، وفى ما يتعلق بالبنود التى تسمى «موضوعات وطنية»، ومن بينها مصير الذراع العسكرية لـ«حماس»، وانضمام «حماس» إلى منظمة التحرير وإجراء انتخابات عامة للبرلمان والرئاسة، هناك فقط تعهدات بإجراء مفاوضات بشأنها.
هذا الاتفاق بمبادرة مصر والتى تخدم مصالحها ومصالح الكتلة السنية عامة وذلك من خلال قطع علاقة «حماس» بحركة الإخوان المسلمين وبالدول التى تدعمها، ومنع تعاون «حماس» مع كل من إيران والجماعات الجهادية وخاصة فى سيناء، وتفادى نشوب عنف بين إسرائيل و«حماس»، وأخيرا ترميم مكانة مصر الحالية فى العالم العربى من خلال استئناف دورها المركزى فى المفاوضات الإسرائيلية ــ الفلسطينية.
نجحت مصر فى تحقيق هدف إبعاد «حماس» عن الإخوان المسلمين وعن المجموعات الجهادية عندما أعلنت حماس قطع علاقتها بالإخوان، والتعهد بوقف الصلات مع المجموعات الجهادية التى تنشط فى سيناء وبالتعاون مع مصر فى محاربتها. كما اضطرت «حماس» إلى إبعاد قواتها عن المعابر، بما فى ذلك معبر رفح، واستبدالها بقوات تابعة للسلطة. لكن بالنسبة إلى أعضاء «فتح» لا يزال هناك تحدٍ صعب تطرحه الموضوعات التى تسمى «القضايا الوطنية»، وخاصة تحقيق هدف «حكومة واحدة، وسلاح واحد».
اضطرت «حماس» إلى الموافقة على هذا الاتفاق بسبب تفاقم الوضع فى قطاع غزة فى أعقاب الخطوات التى اتخذتها السلطة وشاركت فيها إسرائيل، وكذلك تفاقم النزاع بين الدول السنية بزعامة السعودية وقطر مما أدى إلى قطيعة بين«حماس» والمصدر الأساسى لمساعدتها المالية. كما لعبت التغييرات التى طرأت على زعامة «حماس» دورا مهما، فقد انتُخب اسماعيل هينة رئيسا للمكتب السياسى للحركة بدلا من خالد مشعل، وانتُخب يحيى السنوار من الذراع العسكرية زعيما للحركة فى قطاع غزة. وكانت النتيجة عمليا انتقال مقر قيادة «حماس» إلى غزة وتحول يحيى السنوار إلى شخصية مهيمنة. وبخلاف التقديرات التى سادت إسرائيل بعد انتخاب السنوار، والتى مفادها أن هذا يعنى سيطرة الذراع العسكرية على الذراع السياسية، وانتهاج السنوار سياسة أكثر كفاحية. غير أن السنوار تبنى سياسة براجماتية وعقلانية، ووفقا لتحليله للوضع فإن مفتاح حل مشكلات غزة موجود فى مصر وليس فى إيران، وهو يتصرف وفقا لذلك.
التوقيت الحالى لاتفاق المصالحة ملائم بالنسبة لسلوك إدارة ترامب وحكومة إسرائيل. حيث يؤيد جيمس غرينبلات ــ الموفد الأمريكى للشرق الأوسط ــ عملية المصالحة ويدفع نحو تحقيقها، على افتراض أن ذلك سيزيل عقبة من أمام العملية السياسية الإسرائيلية ــ الفلسطينية. كما صرحت اللجنة الرباعية التى تضم الولايات المتحدة بأن هناك حاجة إلى إعادة القطاع إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، وكان من الواضح أن مثل هذه الخطوة ستكون ممكنة فقط من خلال اتفاق مصالحة بين المنظمتين.
لقد ردت حكومة إسرائيل أيضا على الاتفاق باعتدال نسبى، وعلى الرغم من تصريحاتها ضده، فهى لم تتخذ أى خطوة عملية ضد السلطة بعد التوقيع. ويبدو أن عدم وجود رد يعود بصورة أساسية إلى عدم الرغبة بالدخول فى مواجهة مع إدارة ترامب ومع السيسى، لكن هذا أيضا يكشف إدراكا داخل إسرائيل بأن الاتفاق سيساهم فى استقرار الوضع فى قطاع غزة.
من الجدير بالذكر أن كل المحاولات السابقة للمصالحة بين «فتح» و«حماس» انتهت بالانهيار حتى بعد توقيع الاتفاقات وبدء تطبيقها، وذلك بسبب رؤية الطرفين العلاقات بينهما كلعبة خاسرة كل ربح فيها لطرف هو خسارة للطرف الآخر، بالإضافة إلى عدم الاتفاق على «الموضوعات الوطنية».
هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة: فى السيناريو الأول يجرى تنفيذ الاتفاقات التى جرت الموافقة عليها، لكن الموضوعات الوطنية المفتوحة تبقى موضع خلاف، وبهذه الطريقة سينشأ توازن جديد فى قطاع غزة حيث سيكون للطرفين وجود عسكرى. وهذا الواقع سيكون شبيها جدا بالواقع فى لبنان. فى السيناريو الثانى، سيؤدى عدم الاتفاق على هذه القضايا إلى انهيار الاتفاق وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل توقيعه. وفى السيناريو الثالث، الذى حظوظه ضئيلة، يتوصل الطرفان إلى الاتفاق أيضا على القضايا الوطنية وينفذانها.
فى جميع الأحوال، من الأفضل أن تواصل إسرائيل سياستها التى لا تعارض بصورة فعالة اتفاق المصالحة هذا، وتتعاون مع الولايات المتحدة ومصر والسلطة الفلسطينية. من الأفضل وجود وضع يكون للفلسطينيين فيه حكومة واحدة تمثلهم أمام إسرائيل، ويمكن أن يشكل ذلك فرصة أفضل للتقدم نحو تهدئة النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى، وربما حله فى المستقبل. كما أن السيناريو اللبنانى هو أيضا أفضل بكثير من الوضع الحالى، لأنه سيؤدى إلى استقرار قطاع غزة، وسيقيد أكثر النشاطات العسكرية لـ«حماس»، وسيكون معناه أن تمنح «حماس» الحكومة فى رام الله قيادة العلاقات السياسية مع إسرائيل بما فى ذلك المفاوضات معها.

التعليقات