تريد إيران أن ترد الصاع صاعين. فقد أعلن الناطق الرسمى الإيرانى أن إيران يجب أن ترد على الهجوم الإسرائيلى على مطار Tــ4. يمكن الافتراض أن السبب الأساسى ليس الرغبة فى الانتقام أو الدفاع عن الكرامة؛ بل هو ناجم عن الفهم بأن إسرائيل مصرة على اقتلاع التموضع الإيرانى فى سوريا. بالنسبة إلى إيران، وجودها العسكرى فى سوريا له أهمية استراتيجية من الدرجة الأولى، ولذلك هى تنوى الدفاع عنه.
لكن قدرة إيران على مواجهة إسرائيل على الساحة السورية محدودة. لا تستطيع إيران مواجهة تفوق سلاح الجو الإسرائيلى وهجماته. ولا يملك سلاح الجو الإيرانى خبرة قتالية وطائراته قديمة. صحيح أن إيران فى 2015 حصلت من روسيا على منظومة صواريخ دفاعية متطورة من طراز Sــ300، لكن هذه الصواريخ بقيت فى إيران للدفاع عن المواقع المهمة، وفى طليعتها المواقع النووية.
فى مثل هذا الوضع، لا مصلحة لإيران فى مواجهة شاملة مع إسرائيل، ستمس أيضا بناء تموضعها فى سوريا. وفى مواجهة واسعة، هناك تفوق إضافى لإسرائيل: القتال سيدور على بعد مئات الكيلومترات من حدود إيران وتستطيع إسرائيل عرقلة نقل قوات وسلاح وامدادات إلى سوريا. ثمة اعتبار إضافى: إيران ستضطر إلى أن تأخذ فى حسابها استغلال إسرائيل الفرصة والتبرير لمهاجمة المواقع النووية فى إيران، وستقف إدارة ترامب فى هذه المواجهة إلى جانب إسرائيل.
فى سيناريو مواجهة واسعة، سيكون لدى إيران أداة مهمة من المهم أن تأخذها إسرائيل فى الحسبان: المخزون الكبير من الصواريخ والقذائف المتطورة التى تملكها إيران وحزب الله، والتى تغطى جميع أراضى إسرائيل. ويشكل هذا المخزون جوهر التهديد الإيرانى لإسرائيل. لكن استخدامها الكثيف معناه مواجهة واسعة، لا ترغب فيها إيران.
بالاستناد إلى هذه الاعتبارات، يمكن أن تفكر إيران فى عدة خيارات: الأول، الامتناع من رد هجومى كما فعلت حتى الآن بصورة عامة. معقولية هذا الخيار ضئيلة لأن إيران ترى نفسها ملزمة بالتحرك للجم الهجمات الإسرائيلية. حينها، قد تنتظر حتى يحين الوقت الملائم وعندئذ تحاول مفاجأة إسرائيل، مثلا خلال تدهور للوضع فى غزة.
الخيار الثانى، تستطيع إيران الرد بصورة محدودة، تشير لإسرائيل بأن استمرار الهجمات الإسرائيلية سيؤدى إلى رد قاس. ويمكن أن يتضمن مثل هذا الرد إطلاق صواريخ منفردة، توجيه ضربة فى منطقة الحدود السورية أو فى مكان آخر فى العالم، أو إطلاق طائرة هجومية من دون طيار. بهذه الطريقة من المنطقى الافتراض أن إيران ستفضل عملية يقوم بها وكلاؤها الشيعة، وخصوصا حزب الله. صحيح أن إيران تملك قدرة عملية جيدة جدا، إنما فى حزب الله هناك تذمر من استخدام مقاتليه طعاما لمدافع إيران؛ لكن حزب الله مدرب جيدا لعملية هجومية، واستخدامه يسمح لإيران بمزيد من المرونة. وفى جميع الأحوال إطلاق صواريخ بصورة مكثفة أقل معقولية، لأن معناه مواجهة شاملة لا يرغب فيها حزب الله ولا إيران.
يبقى خياران، تستطيع إيران أن تطلب من روسيا فرض قيود على خطوات إسرائيل فى سوريا، من خلال ضغط سياسى وتحذيرات. ولقد قامت روسيا بخطوة فى هذا الاتجاه بعد الهجوم على Tــ4. بالإضافة إلى ذلك يتحدثون فى روسيا عن تزويد سورية بمنظومة Sــ300 التى ستمس حرية تحرك إسرائيل، ثانيا، يمكن أن تشن إيران هجوما سيبرانيا على إسرائيل. مشكلتها هنا أن إسرائيل تُعتبر كقوة عظمى فى مجال السايبر المتطور، الدفاعى والهجومى، وفى صراع كهذا إيران هى التى ستخرج متضررة.
فى الخلاصة، لا تملك إيران خيارات جيدة لمواجهة إسرائيل على الساحة السورية، وتنطوى جميعها على مخاطر كبيرة. مع ذلك، الإحساس بأنه يجب الرد يمكن أن يؤدى إلى عملية مضادة. على الأرجح ستفضل إيران عملية محدودة، لكن حتى عملية كهذه يمكن أن تتدهور إلى مواجهة واسعة ستلحق الضرر بإنجازات إيران على الساحة.
إفرايم كام
باحث فى معهد دراسات الأمن القومى
يسرائيل هَيوم
مؤسسة الدراسات الفلسطينية