يوئيل جوزنسكي
شكل القرار السعودى قبل شهر بعدم إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارها الجديد هذا الأسبوع بالتنازل عن مقعدها المؤقت فى مجلس الأمن، مفاجأة بالنسبة للكثيرين. هناك من سيقول إن السعودية خسرت بذلك قدرتها على التأثير فى الأحداث من خلال وجودها فى مجلس الأمن. لكن من وجهة النظر السعودية، فإن الفيتو الصينى والروسى يمنعان سلفا أى محاولة من هذا النوع. لكن الأمر الأساسى وراء الكلام السعودى المراوغ بشأن عدم رضا المملكة عن الدور الذى تقوم به الأمم المتحدة، هو الخلافات مع الولايات المتحدة التى يقول البعض إنها حقيقية. تعتبر المملكة العربية السعودية إحدى الدول العربية الأساسية الحليفة للولايات المتحدة، وذلك منذ اللقاء بين روزفلت ومؤسس الدولة السعودية الحديثة ابن سعود على ظهر سفينة حربية أمريكية فى قناة السويس سنة 1945 . لكن مواقف الإدارة الأمريكية الحالية تشير إلى أن المنطقة لم تعد موجودة على رأس اهتماماتها. أما السعوديون فهم غير راضين عن السياسة الأمريكية حيال إيران وما يسمى «الربيع العربى» ووجهوا انتقادات حادة إلى واشنطن جرّاء ذلك. هناك أولا التقارب بين الولايات المتحدة وإيران، إذ يتخوف السعوديون من أن تقوم الولايات المتحدة بإخراج إيران من العزلة التى تعانيها وتجعلها دولة شرعية، كما تتخوف السعودية وسائر دول الخليج من أن تأتى المصالحة بين إيران والغرب على حسابها.
يجب ألا ننسى أنه حتى سنة 1974 كانت إيران الشريك الاستراتيجى الأساسى للولايات المتحدة فى الخليج. وتتخوف العائلة المالكة فى السعودية من أن تؤدى الاتفاقات فى الموضوع النووى الإيرانى إلى اتفاقات على موضوعات اخرى لا تقل أهمية فى نظرهم من شأنها أن تمنح إيران موقعا متقدما فى الخليج. كما أن السعوديين ليسوا راضين عن السياسة الأمريكية حيال الموضوع السورى، فالاتفاق الذى توصلت إليه واشنطن مع روسيا هو فى نظرهم، اتفاق خنوع. فموضوع السلاح الكيميائى لم يكن فى أى وقت من الأوقات أساسيا فى نظرهم، والمهم بالنسبة إليهم هو رحيل الأسد.
وفى الواقع تحول إسقاط الأسد وإضعاف إيران و«حزب الله» إلى الهدف الاستراتيجى الأكثر أهمية بالنسبة إليهم. وبات الهدف دعم عناصر من بين الثوار بحيث يسيطر السّنة على ما يتبقى من الدولة السورية عندما يسقط الأسد. لقد دفعت السياسة الأمريكية فى المنطقة السعوديين إلى التشكيك فى تعهدات الولايات المتحدة وصدقيتها، ولا سيما فى ضوء التصريحات الأمريكية بشأن التوجه نحو آسيا واحتمالات الاستقلال بالنسبة لمصادر الطاقة. لكن على الرغم من ذلك، فإن هذا لن