نشرت صحيفة The Jerusalem Post مقالا للكاتب Dore Gold تناول فيه ما كتبه باحث العلوم السياسية الفلسطينى ــ اللبنانى حسين آغا والمحلل السياسى الفلسطينى أحمد سميح الخالدى عن أهمية تواجد دور إقليمى فى حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى بدلا من اعتبار الصراع شأنا ثنائيا بحتا.. نعرض منه ما يلى.
منذ ما يقرب من أربع سنوات، كتب حسين آغا وأحمد سميح الخالدى مقالا قويا فى مجلة نيويوركر بعنوان «نهاية الطريق: تراجع الحركة الوطنية الفلسطينية». كان الاثنان من الشخصيات المركزية فى النخبة الفكرية الفلسطينية وكتبا فى معهد الدراسات الفلسطينية فى بيروت فى عام 1975، كما شاركا فى كلية سانت أنتونى فى أكسفورد.
شارك آغا والخالدى فى المبادرات الدبلوماسية الفلسطينية المتكررة مثل اتفاقية بيلين ــ أبو مازن حول الوضع النهائى، وكمفاوضين فى القنوات الخلفية خلال فترة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى. باختصار، عندما يقرر الاثنان الكتابة عما كان يجرى وراء الكواليس فى الحركة الوطنية الفلسطينية، سيكون من المهم قراءته بعناية، خاصة من قبل أولئك الذين لا يتفقون معهم.
أصدر الكاتبان الشهر الماضى تكملة لمقالهما الذى صدر عام 2017، ونشراه فى مجلة فورين أفيرز بعنوان «تصفية الحساب الفلسطينى: حان الوقت لبداية جديدة». وبدلا من تشخيص المشكلات فى السياسة الفلسطينية، خططا للاستراتيجيات البديلة.
فى الوقت الذى يتراجع فيه مرة أخرى صناع السياسات إلى «حل الدولتين»، يتخطى أغا والخالدى الصيغ القديمة، اعترافا بالتغير الذى طرأ على منطقة الشرق الأوسط. اتخذا خطوة لم يكتب عنها من قبل سوى القليل، وهى الاعتراف بإخفاق اتفاقات أوسلو التى اعتبرت علاج الصراع الإسرائيلى الفلسطينى شأنا ثنائيا بحتا.
وبدلا من ذلك، فهم يدركان أن مصر والأردن يجب أن يكون لهما دور، ويؤكدان أن مستقبل الضفة الغربية لا يمكن تحديده بمعزل عن الأردن ومصالحها. يعترفان بأن سكان الضفة الغربية ينظرون إلى عمان على أنها «حاضرتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية»، ويعترفان بأن هذا التصور «نما فقط مع اضمحلال الحركة الوطنية الفلسطينية».
لسوء الحظ، ليست هذه هى الطريقة التى يختار بها أولئك المنشغلون بكتابة أوراق سياسات جديدة فى بروكسل، أو حتى فى واشنطن، رؤية الوضع. فنهج الكاتبان يمثل انفصالا حادا عن الطريقة التى طالما تعامل بها عالم صناعة السلام والمنظمات غير الحكومية مع مثل هذه القضايا، فالمحللان يدركان ما الذى يتحدثان عنه.
يتضمن الجزء الأكثر ثورية فى مقترحهما إعادة تقويم للأهداف الوطنية الفلسطينية، ويعترفان بأن فرص تأمين سيادة صارمة على أساس السيطرة الكاملة والتامة على الأرض والحدود والموارد من الصعب تحقيقها. يأمل الكاتبان أن تستقيم الأهداف الفلسطينية إلى ما أسموه «السيادة الناعمة». ويبتعدان عن المفهوم التقليدى لحل الدولتين وينظران بدلا من ذلك إلى الترتيبات المتعددة الأطراف، مثل النموذج الثلاثى للضفة الغربية.
توفر اتفاقيات أبراهام نموذجا جديدا بالكامل لمناقشة الحلول البديلة. يمكن لأبو ظبى رعاية حوار بين اللاعبين المعنيين توضح فيه كيف تعمل الفيدرالية فى الإمارات العربية المتحدة، ويمكن أن تكون الفيدرالية هى إطار «السيادة الناعمة» التى يقترحها آغا والخالدى.
تغافل أغا والخالدى عن العوامل العسكرية الاستراتيجية التى تشكل هذا النقاش. يمكن لدول الخليج أن تتبنى نموذج الكاتبين فقط إذا اقتنعت أنه قد يؤثر على القضية الإيرانية.. قبل سنوات علق زعيم فلسطينى أنه عندما تنسحب الولايات المتحدة بالكامل من العراق، فإن الحدود الجديدة بين إيران والعالم العربى ستكون الحدود الأردنية العراقية. لكنه تساءل عما إذا كان لدى الأردن قوة كافية لعرقلة التوسع الإيرانى. ففى تحليل هذا الزعيم الفلسطينى، فالأردن سيجد نفسه فى موقف ألمانيا ما بعد الحرب عندما واجهت حشودا من المدرعات السوفيتية. ولكن الاختلاف أن الأردن لن تجد مثل حلف الناتو ليدعمها.
مع رحيل الولايات المتحدة عن المنطقة، تظهر الحاجة إلى ترتيب إقليمى جديد بالنظر إلى الدور المتزايد للميليشيات الموالية لإيران اليوم فى العراق. إذا وجد الفلسطينيون مكانهم فى مثل هذا الترتيب، فلا شك أن دول الخليج ستميل للعمل معهم فى مخططات فيدرالية جديدةــ دبلوماسيا وماليا وغير ذلك.
آغا والخالدى يفتحان الباب لخطاب سياسى جديد فى الشرق الأوسط. لا يمكن إلا أن نأمل أن يتم النظر بجدية فيما يقدمانه من طريق سياسى واقعى جديد وعدم طمسه من قبل أولئك الذين ما زالوا متمسكين بمفاهيم بالية أثبتت فشلها فى الماضى.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى هنا