افتتاحية «هاآرتس»
أنشئ مجلس حقوق الإنسان سنة ٢٠٠٦ كى يحل محل مفوضية حقوق الإنسان. وعلى خلاف الهيئات التابعة للأمم المتحدة التى تراقب تطبيق شرعة حقوق الإنسان وتتألف من خبراء مستقلين، فإن مجلس حقوق الإنسان يتألف من دول، لذا فإن قراراته عرضة للتسييس أكثر من الهيئات الأخرى.
وعلى الرغم من أن المجلس لم يكن على مستوى التطلعات المنتظرة منه بسبب الأجواء السياسية التى تسوده، فإنه يعتبر من أهم الهيئات الدولية العاملة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان، وتعتبر جلسات الاستماع الدورية التى يعقدها ــ والتى يجب على جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة حضورها ــ جزءاً من نظام حقوق الإنسان الدولى.
لقد قطعت إسرائيل علاقاتها مع المجلس فى مارس ٢٠١٢ بمبادرة من وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان كخطوة احتجاجية على نية المجلس تشكيل لجنة لدرس المستوطنات فى الضفة والقدس الشرقية. لكن فى الأيام الأخيرة تعرضت إسرائيل إلى ضغوط كبيرة كى تعود لحضور جلسات الاستماع الدورية. وفى الواقع، فإذا قررت إسرائيل عدم الحضور ستكون أول دولة تقاطع المجلس. وقد حذر وزير الخارجية الألمانى غيدو فسرتفيلا فى رسالة عاجلة بعث بها إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من أن هذه الخطوة من شأنها أن تلحق ضرراً سياسياً كبيراً بإسرائيل، وسيكون من الصعب على أصدقاء إسرائيل مساعدتها.
إن القرار الذى اتخذه ليبرمان من دون مناقشة المجلس الوزارى أو موافقة الحكومة، لقطع العلاقة بالمجلس كان قراراً خاطئا. إذ حتى لو كان المجلس يتخذ مواقف متحاملة بصورة غير منطقية ضد إسرائيل، فإن هذا لا يشكل سبباً لمنعه من تشكيل لجنة لدراسة المستوطنات ــ التى تشكل جزءاً من نظام التمييز ونهب أراضى السكان الفلسطينيين ــ أو لقطع العلاقة بهيئة دولية مهمة كهذه. كما أن عدم حضور إسرائيل 6 جلسات الاستماع الدورية كان خطوة خطأ، ليس بسبب الانتقادات الدولية التى يمكن أن تجرها مثل هذه الخطوة، بل لأن حضور جلسات الاستماع يساهم فى الحد من
التحيز السياسى ضد إسرائيل، ويساهم فى الدفاع عن المصالح الإسرائيلية مثل الانضمام إلى مجموعة الدول الأوروبية فى المجلس. فإسرائيل اليوم ليست عضواً فى أى من المجموعات الإقليمية، الأمر الذى يتسبب بعزلتها ويجعل من الصعب جمع التأييد لخطواتها السياسية.
لذا يمكن القول إن قرار نتنياهو والحكومة الإسرائيلية الاصغاء إلى ألمانيا وحضور جلسات المجلس قرار مهم لأنه يخدم مصالح إسرائيل ويحسن مكانتها الدولية.