منذ عامين كانت انتخابات الاتحادات الطلابية بجميع الجامعات المصرية، وقد كانت هناك منافسة حقيقية بين القوائم الانتخابية والتي تمثلت في قائمة صوت الطلبة، وهي قائمة ضمت الحركة الطلابية لطلاب مصر القوية والدستور والتيار الشعبي و6 إبريل وقائمة أخرى ضمت شباب التيارات الاسلامية بمختلف اتجاهاتها، شهدت نسبة التصويت في هذه الانتخابات كثافة عالية من الطلاب، وقد حصدت قائمة صوت الطلبة على مقاعد أعلى بأغلب الجامعات المصرية، وأصبح هناك تحديا حقيقيا لهذا الاتحاد المنتخب، فريقان كانا يتصارعا بضراوة على نيل ثقة الطلاب، وقد أصبحوا الآن في فريق واحد، ولنأخذ مثالا على ذلك باتحاد الطلبة بكلية طب طنطا الذي كنت عضوا به، والذي قد مارس دوره بحرفية عالية وأصبح من أكفأ وأنشط الاتحادات الطلابية، كيف نجح هذا الاتحاد؟
أولا: مبدأ الديموقراطية
القرارات الصادرة عن كل اللجان كانت تدار بديموقراطية وحرفية عالية، لا تصادر أراء أحد بل تطرحه لللمناقشة والحوار وفي النهاية نحن اصحاب القرار، وبالفعل نجح الاتحاد في صنع القرارات في مختلف الأنشطة عن طريق الحوار والتشاور البناء من أجل الانجاز لا من اجل التناحر والهدم، وهذا المبدأ قد جعل اتحاد الطلبة يخرج بمشاهد رائعة، فعلي سبيل المثال في النشاط السياسي سمح اتحاد الطلبة للأسر الطلابية باختلافها أن تعرض رأيها في الاستفتاء على دستور 2012، فعند مدخل الكلية قد وجد معرضان رئيسيان لمناقشة مواد الدستور أحدهما يعرض موقفه من الدستور بالرفض ويطرح أسبابه لذلك والاخر يعرض موقفه بـ(نعم) ويعرض أسبابه لذلك، مثال اخر قامت اللجنة الثقافية بعمل ندوات بهدف التوعية السياسية والثقافية استقبلت فيها شخصيات من مختلف أطياف المجتمع (نادر بكار، يوسف زيدان، انس حسن، وائل غنيم، مصطفي النجار، رباب المهدي) مع حفظ الألقاب، وكذلك في باقي الانشطة الاجتماعية والعلمية والفنية، حيث كان مدخل كلية طب طنطا محفلا من المعارض الفنية الراقية والأنشطة الخيرية والاجتماعية.
ثانيا: مبدأ الفريق الواحد
كانت التعليمات واضحة وحاسمة من مجلس الاتحاد بأننا قد أصبحنا فريقا واحدا ولم نعد فريقين متناحرين، حتى نسي الجميع بعد ذلك القوائم الانتخابية تماما ولم يتبق في ذهنهم سوى أنهم قد أصبحوا فريقا واحدا لا يرى هدفا له سوى مصلحة الطلاب وخدمتهم، بالطبع واجهنا صعوبات ومشاكل لكن كان مبدأ الفريق الواحد وتغليب المصلحة العليا والاصرار على اكمال المشوار لنهايته هو السمة المشتركة بيننا، وقد نجحت الاتحادات الطلابية في مهمتها وانتهت بمشهد احتفالي، امتزجت فيها فرحة الانجاز بحزن الفراق..
ونحن نشهد الآن حالة من التضييق الأمني والاعتقالات العشوائية بحق الطلاب مثلما تشهد أغلب الجامعات المصرية، ونود أن نؤكد ان الجامعة هي جزء مصغر مما يشهده المجتمع المصري من حالة من الاحتقان المجتمعي، واتحاد الطلبة لم يمارس يوما دور في التحزب السياسي، لكن له مواقفه التي تدين اعتقال الطلبة لأسباب غير موضوعية وانتهاك قدسية الحرم الجامعي، وهذا من واجباته المكفولة بحماية الطلاب وحقوقهم، بالإضافة إلى التوعية السياسية والتي تختص بها اللجنة الثقافية والسياسية وهذا ما نجح فيه اتحاد الطلبة بامتياز.
تجربة الاتحادات الطلابية بعد ثورة 25 يناير عامة وخاصة اتحاد طلبة كلية طب طنطا هي تجربة جديرة بالاحترام والنظر، وهذا ما يدعونا للتساؤل اذا كان (الصغار) قد فعلوها فلماذا لا يفعلها الكبار؟، إقامة الديموقراطية البناءة ومبدأ الفريق الواحد هو الحل الوحيد لبناء النظام السياسي الأمثل للدولة المصرية، وحاشا لله أن تكون هذه نصيحة قدمناها نحن -الصغار- للكبار، بل هي مجرد رسالة، رسالة من الصغار للكبار.