باحثون: ذكرياتنا مع الطعام تؤثر في كمية الغذاء التي نستهلكها

آخر تحديث: السبت 1 فبراير 2025 - 11:16 ص بتوقيت القاهرة

سان فرانسيسكو - د ب أ

توصل باحثون في الولايات المتحدة إلى أن الذكريات تلعب دورا رئيسيا في تحديد كمية الغذاء التي يتناولها الفرد، ويمكن أن تكون من أسباب مشكلة الإفراط في تناول الطعام لدى البعض.

ووجد فريق بحثي من مركز مونيل لأبحاث الحواس الكيميائية في الولايات المتحدة أن مجموعة من الخلايا العصبية في منطقة الحصين داخل المخ هي المسؤولة عن تخزين الذكريات الخاصة بالسكريات والدهون، وأنها ترتبط بشكل مباشر باستهلاك الغذاء وزيادة الوزن، وربما يكون لها دور في سبل علاج السمنة وزيادة الوزن.

وردا على سؤال بشأن مدى تأثير الذكريات على نوعية وكمية الغذاء التي يتناولها كل فرد، يقول الباحث جويلوم دي لارتيج رئيس فريق الدراسة، إن الإجابة على هذا السؤال هي "بالقطع نعم"، حيث استطاع الفريق للمرة الأولى تحديد منظومة الذاكرة المتعلقة بالطعام داخل المخ وارتباطها المباشر بالإفراط في الغذاء والسمنة المرتبطة بالعادات الغذائية.

وسلطت الدراسة، التي نشرتها الدورية العلمية Nature Metabolism المتخصصة في مجال أبحاث الأيض الغذائي، الضوء على مجموعة من الخلايا في مخ الفئران تختزن الذكريات الخاصة بالسكريات والدهون، ورصدوا تأثيرها الملموس على معدلات استهلاك الغذاء ووزن الجسم. ويقول الباحث دي لارتيج: "في الوقت الحالي، أصبحنا نتعرض بشكل دائم لمواد دعائية ومناخ عام يستهدف تذكيرنا بمتع تجارب الطعام التي نمر بها".

وأضاف في تصريحات للموقع الإلكتروني "سايتيك ديلي" المتخصص في الأبحاث العلمية أن "الأمر المدهش أننا حددنا مجموعة معينة من الخلايا العصبية داخل منطقة الحصين، وهي التي تقوم ليس فقط بتشكيل ذكرياتنا المتعلقة بالطعام، بل أيضا بتحرك سلوكياتنا الغذائية، وهذه الرابطة العصبية يمكن أن يكون لها تداعيات ملموسة على وزن الجسم وسلامة الأيض".

ويقول الباحثون إن هذه الخلايا العصبية تقوم بصنع الذكريات الخاصة بأماكن "المأكولات الغنية بالمغذيات"، كما لو كانت ذاكرة مكانية لاسيما بالنسبة للسكريات والدهون، وأضافوا أن وقف عمل هذه الخلايا يعطل قدرة الحيوان على استرجاع الذكريات الخاصة بالسكريات، وبالتالي يقلل من معدل استهلاكه للسكر ويمنع زيادة الوزن، حتى في حالة تعريض فئران التجارب لوجبات غذائية تسهم في زيادة الوزن. وعلى العكس، اتضح للباحثين أن إعادة تنشيط هذه الخلايا يعزز الذكريات الخاصة بالطعام، ويزيد من استهلاك الغذاء، وهو ما يكشف مدى تأثير ذكريات الطعام على سلوكياتنا الغذائية.

ويرى الباحث دي لارتيج أن هذه النتائج تطرح مفهومين علميين جديدين، أولهما أن هناك خلايا عصبية معينة في المخ مسؤولة عن الذكريات المتعلقة بالطعام، وثانيهما أن هذه الذكريات تؤثر بشكل مباشر على كمية الغذاء التي يتناولها الفرد. ويقول: "رغم أنه ليس من المدهش أننا نتذكر تجارب تناول المأكولات الشهية، فقد ظل من المفترض لفترة طويلة أن هذه الذكريات ليس لها تأثير على سلوكياتنا الغذائية، ولكن الأمر المثير للدهشة هو أن كبح جماح هذه الخلايا يمكن أن يمنع زيادة الوزن ويؤثر على الاستجابة تجاه الوجبات الغنية بالدهون والسكريات".

وذكر الفريق البحثي أنه في كثير من الأحيان يتم إغفال دور الذاكرة كمحرك رئيسي نحو تناول الطعام، ولكن هذه الدراسة تظهر الصلة المباشرة بين الذاكرة والأيض، وتختلف عن غيرها من الدراسات في أنها تسلط الضوء على تداعيات الذاكرة على سلامة عملية الأيض في جسم الانسان. وأكد الباحثون أن التخلص من الخلايا العصبية التي تستجيب للسكريات في الحصين داخل مخ الفئران لا يعطل ذكريات الطعام فحسب، بل يقلل كمية السكر التي يتناولها الحيوان ويحمي من زيادة الوزن، وهو ما يسلط الضوء على العلاقة بين بعض الدوائر العصبية في المخ وصحة عملية الأيض، وهو مجال يتم إغفاله في كثير من الأحيان في مجال دراسات السمنة.

ويقول الباحث مينج تشين يانج طالب الدكتوراة في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة وأحد المشاركين بالدراسة من مختبر دي لارتيج إن "نظم الذكريات في الحصين، الذي تطور بحيث يساعد الحيوانات على تحديد أماكن الطعام ومصادرها، يلعب دورا رئيسيا من أجل البقاء"، مضيفا في تصريحات للموقع الإلكتروني "سايتيك ديلي" إنه "في البيئات العصرية، حيث توجد وفرة في الطعام ومؤشرات على تواجده في كل مكان، ربما تؤدي هذه الدوائر العصبية إلى الافراط في تناول الطعام مما يسهم في حدوث السمنة". ومن النتائج الأخرى الرئيسية للدراسة أن الذكريات الخاصة بالطعام تتميز بخصوصية بالغة لكل صنف، بمعنى أن الخلايا العصبية الخاصة بالسكريات تختلف عن الخلايا الخاصة بالمأكولات الدهنية، وكل نوع من هذه الخلايا لا يؤثر على استجابة الجسم حيال المأكولات التي تندرج في إطار نوع أو صنف آخر.

وذكر الباحث دي لارتيج أن "درجة تخصص هذه الدوائر العصبية هي مسألة مثيرة للدهشة، حيث أنها تؤكد مدى دقة استجابة المخ حيال انواع الطعام المختلفة وانعكاساتها على السلوكيات الغذائية، مما يضمن أن الحيوان يستطيع التمييز بين مصادر أنواع المغذيات المختلفة في البيئة"، وأضاف: "لقد استطعنا التمييز بين الخلايا العصبية الخاصة بالمأكولات الغنية بالدهون والخلايا الخاصة بالسكريات. ويفترض الباحثون أن هذا الانفصال بين الخلايا يعود إلى أن الدهون والسكريات نادرا ما تجتمع في نوع واحد من المأكولات في الطبيعة.

وذكر دي لارتيج أن "هذه الدراسة تفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات جديدة للتعامل مع مشكلات السمنة، حيث يمكن عن طريق استهداف الحصين في المخ تعطيل عمل الذكريات التي تدفعنا نحو المأكولات غير الصحية والغنية بالسعرات الحرارية التي تسبب زيادة الوزن، وقد يقود هذا المبحث العلمي إلى التوصل لعلاج للسمنة في دول العالم الغنية بالغذاء في الوقت الحالي".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved