خالد صلاح كاتب سيناريو معاوية يدافع عن المسلسل: أردنا الاقتراب من إنسان وجد نفسه وسط زلزال لا يهدأ
آخر تحديث: الأحد 2 مارس 2025 - 11:05 م بتوقيت القاهرة
منة عصام
- خالد صلاح: الحياة أجبرت معاوية على أن يكون لاعبًا رئيسيًا في صراعات لم يخترها بنفسه
أكد الكاتب الصحفي خالد صلاح كاتب سيناريو وحوار المسلسل التاريخي "معاوية"، أن معاوية بن أبي سفيان لم يكن مجرد رجل دولة أو قائد عسكري يخوض معاركه على أسنة الرماح، بل كان إنسانًا صاغته الأيام كما تصوغ النار الحديد، قاسيًا حين تستدعي الحاجة، ولينًا حيث ينبغي التروي والتدبر.
وكتب في منشور بصفحته على "فيسبوك" يوضح أمورًا ونقاطا بعينها عن المسلسل المثير للجدل الذي كتب له السيناريو والحوار: "حين بدأنا هذا المشروع مع MBC Studios، لم تكن غايتنا أن نصوغ حكاية تُضاف إلى سجل الروايات المتضاربة، ولم يكن قصدنا أن ننتصر لرؤية على أخرى، أردنا أن نقترب من معاوية، لا كخليفة نقش اسمه على دواوين الحكم، بل كإنسان وجد نفسه في قلب زلزال لا يهدأ، وأجبرته الحياة على أن يكون لاعبًا رئيسيًا في صراعات لم يخترها بنفسه، بل ألقتها الأقدار بين يديه".
وأضاف: "تأمل معي ماذا جرى في دراما التاريخ، تصور فتى نشأ في بيت العظمة، تحت سقف أغنى بيوت قريش، ثم فجأة تهتز الأرض من تحته، أخته رملة، الأقرب إلى قلبه، تترك أهلها وتفر مع زوجها إلى الحبشة، تاركة خلفها إرثًا من التساؤلات والوجع، وأمه هند، التي كانت سيدة مكة بلا منازع، تهوي أمام عينيه من قمة الجبروت إلى وادٍ من الخسائر والانكسار، فقدت أباها وأخاها وعمها في بدر، وظلت تحمل جراحها حتى جاء يوم أحد، فتنفست الصعداء بالانتقام المجرم المقيت، لكن الرياح لا تستقر طويلًا، فما لبثت أن وقفت بعد أعوام، وهي التي كانت تملأ الدنيا عنادًا، وقفت أمام النبي محمد بن عبد الله، ترفع صوتها بالشهادة، وتدخل دين من كانت بالأمس تسعى للنيل منه بالدم والنار".
وتابع: "كيف يقرأ فتى صغير آنذاك في مثل عمر معاوية هذا المشهد؟ كيف يفهم التحولات الجارفة التي جعلت من قريش القوية، قريشاً المغلوبة، ثم من قريش المغلوبة بالأمس إلى القبيلة القائدة للدين الجديد؟".
وواصل: "لم يكن معاوية رجل سيف كخالد بن الوليد، ولا ناسكًا زاهدا كعلي بن أبي طالب، ولا قارئا حافظا كعبد الله بن مسعود، ولا أقرب للنبي مثل حذيفة بن اليمان أو عمار بن ياسر، لكنه كان رجل التدبر الطويل والانتظار الصامت، من طفولته أدرك أن الانتصارات ليست كلها في ساحات القتال، وأن الحرب ليست دائمًا حلًا، بل أحيانًا تكون الحرب هي المصيدة التي يقع فيها المتعجلون، تعلم أن النصر الحقيقي هو أن تصمد حين يسقط الآخرون، وأن تدير المعركة بالعقل لا بالغضب".
وقال: "لكن أي حياة يمكن أن تمضي بلا خسائر؟ فقد أحب، وعرف مرارة الفقد، رحلت عنه زوجته الأولى، التي كانت أقرب إلى قلبه من كل شيء، مات ابنه عبد الرحمن، فانطفأت في داخله شعلة الأبوة، ورأى أخاه يزيد ينهار أمامه تحت وطأة الطاعون، ولم يكن في يده سوى أن يشاهد الموت وهو يأخذ منه أحبته واحدًا تلو الآخر، ثم جاء حب آخر، ميسون بنت بحدل، لكن الحب وحده لم يكن كافيًا، لم تحتمل حياة القصور، لم تر في الذهب والحرير ما يغريها بالبقاء، فتركت كل شيء وعادت إلى البادية، إلى حياة البساطة التي لم يستطع معاوية، بكل ما لديه، أن يمنحها إياها".
وأضاف: "ثم جاءت الطعنة الكبرى، مقتل ابن عمه وخليفة المسلمين عثمان بن عفان، وفجأة، لم يعد معاوية واليًا يدير شئون الشام من بعيد، بل أصبح الرجل الذي يرى نفسه مسئولًا عن دم عثمان، عن الثأر، عن تحقيق العدالة كما يراها هو من وجهة نظره، صار هو ولي الدم في عائلة تطالبه بالانتقام من القتلة".
وواصل: "لم يكن الصراع مع علي بن أبي طالب خيارًا سهلًا، ولم يكن كرهًا في الإمام العادل، ولكنه وجد نفسه وسط معادلة لم يعد يملك رفاهية الانسحاب منها، معادلة حكمتها السياسة بقدر ما حكمها الدم".
وتابع: "حكايتنا في هذا المسلسل ليست عن رجل يبحث عن السلطة لمجرد السلطة، ولم تكن قصة رجل خُلق لينتصر أو يُهزم، بل كانت مسيرة رجل تعلم كيف يتحايل على الريح، كيف لا يواجه العاصفة بعناد المغامرين، بل بحكمة من يعرف أن البحر لا يخضع إلا لمن يتقن فن الإبحار؛ لهذا كان معاوية شخصية درامية بامتياز، لأنه لم يكن ذلك القائد الذي يحسم الأمور بحد السيف وحده، بل كان ذلك العقل الذي يحسب كل خطوة، ويدرك أن الزمن، في النهاية، هو أذكى اللاعبين".
ونوه: "في معاوية، لم نكتب التاريخ بمنطق المنتصر والمهزوم، لم نبحث عن الحقيقة في صياغاتها الجامدة، بل حاولنا أن نرى الإنسان خلف السياسة، وأن نعيد قراءة القصة بعيدًا عن صخب الروايات المتضادة، لم ننظر إليه كحاكم نقش اسمه في كتب التاريخ، بعض الكتب مجدت سيرته، وبعضها لعنته بلا هوادة ، بل رأيناه كروح عاشت، وتألمت، وانتصرت، روح ساقتها الضرورة إلى الهدى أحياناً، وإلى الخطايا أحياناً أخرى ، ثم سارت إلى قدرها مثل كل من سبقوها، المسلسل ليس عن صراع صحابة تقاتلوا، لكنه عن إنسان خاض صراعه الأول مع نفسه، ثم دارت به طاحونة الصراعات مخيراً أو مجبراً حتى نهاية العمر".
يذكر أن مسلسل معاوية أثار موجة من الجدل بين فئات الجمهور، وذلك بعد طرح البرومو الخاص به، إذ إنه يجسد حياة معاوية بن أبي سفيان، وجيل من الصحابة يجسد شخصياتهم مجموعة من الفنانين، حيث يجسد شخصية "معاوية بن أبي سفيان"، الفنان السوري لجين إسماعيل.
ويقدم الفنان إياد نصار شخصية "علي بن أبي طالب"، في حين يؤدي أيمن زيدان شخصية "عثمان بن عفان"، وسامر المصري شخصية "عمر بن الخطاب"، ويؤدي وائل شرف شخصية "عمرو بن العاص".
كما أن الأزهر الشريف، ممثلًا في هيئة كبار العلماء، أكد أن موقفه تجاه تجسيد الصحابة واضح وثابت منذ سنوات، إذ سبق له رفض أعمال سابقة تناولت شخصيات تاريخية إسلامية مثل مسلسل «عمر بن الخطاب»، إذ أكد عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الدكتور عبد الفتاح عبد الغني العواري، أن تجسيد شخصية معاوية بن أبي سفيان، أمر مرفوض دينيا، لا سيما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تجسيد الصحابة في الأعمال الدرامية.