الملك الذهبي توت عنخ آمون.. سر الخلود وبطل المتحف المصري الكبير

آخر تحديث: الأحد 2 نوفمبر 2025 - 8:49 م بتوقيت القاهرة

محمود عماد

احتفل العالم أجمع بافتتاح المتحف المصري الكبير في حفل مهيب، وبحضور عدد كبير من الوفود الأجنبية من مختلف بلدان العالم، بعد سنوات طويلة من العمل ليخرج المتحف كتحفة معمارية تشهد على عظمة الإنسان المصري القديم والمعاصر.

ولا يخفى على أحد أن بطل المتحف المصري الكبير، أحد أكبر متاحف العالم، هو الملك الأشهر توت عنخ آمون ومجموعته الأثرية الفريدة، التي ستُعرض بالكامل لأول مرة تحت سقف واحد.

 

الملك الصغير الذي صار أشهر ملوك الأرض

رغم صغر سنه عند توليه حكم مصر وقِصر مدة حكمه، إلا أن الملك الذهبي بسبب مقبرته الشهيرة وكنوزه المذهلة التي اكتُشفت عام 1922 على يد عالم المصريات البريطاني هوارد كارتر، أصبح أشهر ملوك العالم، وظل اكتشاف مقبرته الحدث الأثري الأهم في التاريخ الحديث.

وعلى مدار أكثر من قرن، ظل توت عنخ آمون في صدارة المشهد حين يُذكر تاريخ الحضارة المصرية القديمة، وها هي أنظار العالم تتجه إليه من جديد في المتحف المصري الكبير، الذي يُعد الملك الصغير بطله الأول.

 

كتاب "الملك الذهبي" لزاهي حواس.. قراءة في عالم توت

من بين الكتب المهمة التي تناولت عالم توت عنخ آمون يأتي كتاب «الملك الذهبي.. عالم توت عنخ آمون» لعالم المصريات ووزير السياحة والآثار الأسبق الدكتور زاهي حواس، بوصفه أحد المراجع البارزة لفهم طبيعة عالم هذا الملك الفريد.

يحاول الكتاب الإجابة عن سؤال جوهري: من هو توت عنخ آمون؟ ذلك الملك الصغير الذي حكم مصر لمدة عقد واحد فقط، ورحل قبل أن يحقق إنجازات كبيرة.

ويقدم حواس من خلاله إجابات شاملة عن كل ما يحيط بحياة الملك الشاب الذي جلس على عرش مصر في الرابعة عشرة من عمره، متناولًا أيضًا الإمبراطورية المصرية وأحمس محرّر البلاد من الهكسوس.


عصر الاضطراب الديني والسياسي

يقدّم حواس صورة بانورامية لأحوال مصر في تلك الحقبة، فيعرض نشأة الإمبراطورية المصرية وعصرها الذهبي، ثم يتناول عصر إخناتون، وكيف أحدث ثورة في العقيدة المصرية القديمة بتبديله للدين والأسماء والعاصمة وكل ملامح الحكم تقريبًا.

كما يتطرق إلى نشأة توت عنخ آمون، الذي تربّى في القصر الملكي بتل العمارنة خلال حكم إخناتون، وكان اسمه حينها توت عنخ آتون. ويشير حواس إلى أن الكهنة في طيبة جعلوه يعيد عبادة الإله آمون إلى مكانتها السابقة كرب عالمي، متخليًا عن عقيدة آتون.

 

مقبرة لم تكتمل.. لكنها خلدته

يوضح حواس أن الملك الصغير لم يتمكن من إتمام مقبرته، فدُفن في مقبرة صغيرة محفورة في الصخر لم تكن معدّة لملك، وأن العمل في المقبرة وزخرفتها انتهى خلال سبعين يومًا، هي فترة تجهيز المومياء وتزيينها بما يقرب من 143 قطعة من التمائم الذهبية والمجوهرات.

 

لغز زوجة الملك والرسالة الغامضة

يشير حواس إلى أن زوجة توت عنخ آمون أرسلت خطابًا إلى ملك الحيثيين تطلب منه أن يرسل أحد أبنائه ليتزوجها بعد وفاة زوجها ويتولى الحكم، فأرسل ابنه بالفعل، لكنه توفي في الطريق – ويُرجح أنه اغتيل بأمر من حور محب قائد الجيش، الذي تولى الحكم لاحقًا.

يمكن اعتبار هذا الجزء من الكتاب تاريخيًا بحتًا، إذ يسعى إلى تتبع سيرة توت عنخ آمون نفسه بعيدًا عن مقبرته، ولكن دون الانفصال عنها تمامًا.


من هوارد كارتر إلى الحكومة المصرية

يتناول حواس كذلك قصة اكتشاف المقبرة، متتبعًا تفاصيلها منذ البداية وحتى لحظة فتحها، وما وجد داخلها من كنوز، كما يخصص جزءًا كبيرًا من الكتاب للحديث عن المقبرة ومقتنياتها، وعن وادي الملوك، وما شهده من سرقات في العصور المتأخرة، إضافة إلى الاكتشافات المبكرة للمقابر الملكية هناك.

ويشير العالم المصري في كتابه إلى أن تنظيف المقبرة وتسجيل محتوياتها استغرق عشر سنوات كاملة، مقدّمًا تفاصيل دقيقة عن كل ما وُجد داخلها، حتى جرار الجعة التي تبين أن نسبة الكحول فيها كانت أعلى من جعة اليوم.

كما يستعرض الصراع الذي دار بين هوارد كارتر ومصلحة الآثار المصرية حول ملكية كنوز توت عنخ آمون، حيث اصطدم الطموح الشخصي لكارتر بحق مصر في كنوزها، لكن الحكومة المصرية انتصرت في النهاية.


لعنة الملك الذهبي.. بين الأسطورة والعلم

يفند الكتاب أيضًا أسطورة لعنة مقبرة توت عنخ آمون، التي راجت بعد وفاة اللورد كارنارفون، مؤكّدًا أنها مجرد خرافة لا أساس لها من الصحة، ولكنها دائما ما كانت مادة ثرية لسينما العالمية.

 

رحلة بصرية في عالم المقبرة

يختتم زاهي حواس كتابه بمجموعة من الصور الملوّنة لمقتنيات المقبرة، تقدّم للقارئ تجربة بصرية ثرية، وتكشف الكثير عن حياة الملك القصيرة ولغز موته، في رحلة شيقة تجمع بين المعرفة والجمال، وتعيد إحياء سحر العالم القديم في زمننا الحديث.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved