هدنة غزة.. بين خيارات استكمال مراحلها أو العودة إلى المربع رقم واحد
آخر تحديث: الثلاثاء 4 فبراير 2025 - 11:01 ص بتوقيت القاهرة
القاهرة-د ب أ
وسط حالة من الضبابية والغموض التي تكتنف مصير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، تتجه الأنظار إلى واشنطن اليوم الثلاثاء حيث من المقرر أن يستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مترقبة ما سيتمخض عنه هذا اللقاء المهم، وما يعنيه من استمرار الهدنة أو العودة إلى المربع رقم واحد.
وبينما تباينت التفسيرات والآراء بشأن الأهداف التي يسعى نتنياهو لتحقيقها من خلال هذا اللقاء، تبقى حقيقة بدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار من عدمها موضع تساؤل، فبينما يرى فريق أن إسرائيل انتهكت الاتفاق ولم تلتزم ببدء تلك المرحلة في موعدها المحدد سلفا أمس الإثنين، وتحديدا في اليوم السادس عشر من بدء تطبيق الهدنة، اعتبر فريق آخر أن لقاء نتنياهو مع المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف أمس بداية لمفاوضات المرحلة التي وصفت بمرحلة السير على الأشواك، لما تتضمنه من قضايا شائكة تحمل في مضمونها عوامل نسف الاتفاق.
ووصفت صحيفة جيروزاليم بوست الأهداف التي يسعى نتنياهو للخروج بها من هذا اللقاء بأنها "مهمة السير على حبل مشدود"، مشيرة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين "يرغبون في التوصل إلى توافق مع ترامب بشأن المحادثات ومسألة استئناف القتال".
وفندت الصحيفة ما تردد عن أن اجتماع نتنياهو مع ويتكوف يعد بمثابة بداية مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن، قائلة إنه على العكس من ذلك، فإن أحد الخيارات الرئيسية المطروحة على الطاولة الآن هو تمديد المرحلة الأولى، أي استمرار إطلاق سراح 3 إلى 4 رهائن إسرائيليين كل أسبوع، بينما تفرج إسرائيل عن سجناء أمنيين فلسطينيين، بعضهم ملطخة أيديهم بالدماء، مع استمرار وقف إطلاق النار.
ووسط اتهامات له بالسعي للمراوغة والمماطلة لتعطيل استكمال مراحل الاتفاق، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي تعديلات، أشارت إليها جيروزاليم بوست، موضحة أن المحادثات والاجتماعات التي ينخرط فيها نتنياهو في واشنطن تأتي في الوقت الذي يتم فيه إجراء تغييرات على آلية الوساطة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي، لم تسمه، أن "محادثات صفقة الرهائن ستجرى بطريقة مختلفة تماما عما شهدناه حتى الآن. سنعود إلى الدبلوماسية المكوكية، حيث سيكون ويتكوف هو الوسيط الرئيسي، وسيتحدث مع الإسرائيليين والقطريين والمصريين".
وليست الآلية فقط التي تسعى تل أبيب لإدخال تغيير عليها، بل امتد التغيير ليشمل أفراد الفريق الإسرائيلي الذي سيقود المفاوضات.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو نفسه ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الذي تربطه علاقات وثيقة بإدارة ترامب، سيتوليان إدارة المفاوضات في المرحلة المقبلة، بدلا من رئيس الموساد ديفيد برنياع ورئيس الشاباك رونين بار.
وعزا مراقبون هذا التغيير إلى رغبة نتنياهو، المحاط بتهديدات من قبل اليمين المتطرف في حكومته، في جني تعهدات أمريكية أكبر، ربما تتخطى أهداف الحرب في غزة.
وأرجع مكتب رئيس الوزراء السبب وراء هذا التغيير لما وصفه بالطبيعة الدبلوماسية التي تتسم بها محادثات المرحلة الثانية، ومن ثم "يجب أن يتولاها المستوى الدبلوماسي وليس الدفاعي".
وانتقد البعض قرار نتنياهو بالإمساك بزمام المفاوضات، معتبرين أنه "قد يعرض المرحلة الثانية من الاتفاق للخطر، بل قد يؤثر على المرحلة الأولى الحالية".
وفي السياق، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن نتنياهو يسعى لإجراء تغييرات على اتفاق صفقة التبادل وتعديل شروطها.
ورأت الصحيفة أن نتنياهو "يريد إضعاف الوفد المفاوض لكي لا يستكمل مراحل الصفقة بنفس الشروط"، ووصفت الصحيفة لقاء نتنياهو وترامب بالمصيري والحاسم "وقد يشكل اختبارا حقيقيا للحكومة الإسرائيلية".
وبينما أعربت حركة حماس عن التزامها ببنود الاتفاق واستعدادها لبدء مفاوضات المرحلة الثانية، استبق الرئيس الأمريكي لقاءه برئيس الحكومة الإسرائيلية بتصريح أثار العديد من علامات الاستفهام حول مصير الاتفاق وزاد الغموض حوله.
وقال ترامب: "ليس لدي أي ضمانات لصمود وقف إطلاق النار في غزة". ويرى مراقبون أن هذه هي الكلمات التي يود نتنياهو أن يسمعها مجددا خلال الاجتماع الذي سيجمعه بترامب، مشيرين إلى أن إعلان الأخير أن الحرب لن تستأنف سيصعب الأمر على نتنياهو أمام معسكر اليمين المتطرف داخل ائتلافه الذي أعلن أن عدم استئناف القتال هو خط أحمر بالنسبة له.
ويدرك نتنياهو أن هذا الاجتماع حاسم، إذ يرغب المسؤولون الإسرائيليون في التوصل إلى توافق مع ترامب بشأن المحادثات ومسألة استئناف القتال.
ونقلت جيروزاليم بوست عن مصدر دبلوماسي لم تسمه قوله: "ترامب لا يحب الأفكار المعقدة أو الطرق المعقدة لتحقيق الأهداف. ستحتاج إسرائيل إلى إقناع الرئيس بأن هناك طريقة للإفراج عن المزيد من الرهائن دون إنهاء الحرب... هذا هو الهدف الرئيسي لـ(نتنياهو)، وهو (تحديد) مسار سريع وبسيط لتحقيق هذا الهدف".
من جهتها، وصفت شبكة (سي إن إن) رفض إسرائيل بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق في الموعد المحدد سلفا، وإرجاء ذلك لما بعد لقاء نتنياهو – ترامب بأنه "خرق لبنود الاتفاق".
وأشارت الشبكة الإخبارية الأمريكية إلى أنه سيكون على رأس اهتمامات نتنياهو إدراك ما يريده ترامب، "فالرئيس الأمريكي لم يكن قد تولى منصبه بعد خلال الجولة الأولى من محادثات وقف إطلاق النار، على الرغم من أن فريقه لعب دورا كبيرا في دفع إسرائيل نحو التوصل إلى اتفاق".
ونقلت (سي إن إن) عن جيرشون باسكين، المفاوض الإسرائيلي المخضرم وناشط السلام، قوله في بيان إن "رفض نتنياهو بدء المفاوضات في اليوم المنصوص عليه في الاتفاق هو انتهاك واضح له... إسرائيل تطالب حماس بالالتزام بجميع بنود الاتفاق، وفي الوقت نفسه تنتهكه بشكل كبير. ومرة أخرى يتخلى نتنياهو عن الرهائن ويعرضهم للخطر".
وفي ظل الرؤى المتباينة والأهداف المتغيرة يعقد لقاء نتنياهو وترامب الليلة، وسط حالة من عدم اليقين بشأن إمكانية إيجاد سبيل للمضي قدما في تنفيذ ما تبقى من مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، يرضي جميع الأطراف.