كتاب الحبيب.. زيارة جديدة للسيرة النبوية: زيارة أحمد الدريني المحب لسيرة الرسول بروح عصرية
آخر تحديث: الثلاثاء 4 فبراير 2025 - 7:01 م بتوقيت القاهرة
محمود عماد
بدأ شغفى بوقائع «السيرة النبوية» منذ زمن بعيد، بينما كنت أبحث عن ضالتى وإجابات لأسئلتى المُلحة: «كيف أدركت الأمة النبى محمدًا عبر العصور؟ وما الذى فهمته منه وعنه؟ وكيف تتمثله؟ ولماذا يلهمها إلى الآن؟».
تحولت الأسئلة العامة إلى حقيقة شديدة الخصوصية عايشتها وأنا أحب النبى محمدًا مرات ومرات كأنما أتعرف إليه من جديد كلما اتسعت الرؤية وزادت المعطيات، بالقراءة والأسفار ومقابلة المشايخ والعلماء فى أركان العالم الإسلامى، لينتهى بى البحث واقعًا فى غرام الشخصية المحمدية المكرمة (صلوات الله وسلامه عليها).
فى هذا الكتاب أتناول بعضًا من فصول حياة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) كأب وابن وحفيد وجد وكابن أخ وقائد وصديق وزوج.. أراوح- فى كل هذا- بين محمد النبى تارة.. ومحمد الإنسان تارات.
«الحبيب».. هو رجاء أن يظل هذا التقليد قائمًا فى المكتبة المصرية ولا ينقطع عنها، فالسيرة النبوية - فى رأيى- ليست حكرًا على أحد ولا مصادرة لصالح طائفة مخصوصة تستأثر بها، بل هى هدية عابرة للأزمان، يمكن للجميع الطواف برياضها العطرة.
هذه كلمات واضحة ومدخل مهم للكاتب أحمد الدرينى فى كتابه الجديد: «الحبيب.. زيارة جديدة للسيرة النبوية» الصادر عن دار الشروق، وذلك بالتزامن مع فعاليات معرض القاهرة للكتاب.
فى تصدير الكتاب بالإهداء وهو مفتتح ومفتاح تلك الزيارة النورانية لسيرة النبوية، وهى بإهداء الكتاب للإمام محمد السعيد أبوالمواهب، نتعرف من الصفحة الأولى للكتاب أن تلك الزيارة هى زيارة محب زيارة صوفية روحية.
فى المقدمة نرى ذلك الطرح الأولى من أحمد الدرينى عن لماذا خاض تلك الرحلة وقام بالزيارة إلى السيرة النبوية، ونستشف مقادير اللغة التى يخاطبنا بها الدرينى، والتى سيستمر فى استخدامها على مدى رحلة الكتاب، والتى هى لغة موضوعه فهى ليست لغة معقدة، لكنها ليست اللغة السهلة هى لغة بها السلاسة وبها أيضًا بعض التراثية ولا تخلو اللغة من بعض الشاعرية، وربما يمكننا أن نتحدث على تناص قرآنى مخفى وتناص حديثى يتماشى مع لغة السيرة النبوية بشكل عام.
نرى بعد ذلك تقسيمة الفصول وعنونتها بشكل يشرح تلك التفاصيل التى يطرحها الدرينى فى الكتاب فنبدأ الفصل الأول «محاولات أولية للتعرف على محمد بن عبدالله»، وهى مفتتح الحديث عن سيرة أشرف الخلق بمحاولة التعرف الأولى على محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، فيحكى لنا الدرينى من السيرة عن مواقف الرسول وشهادات المعاصرين حول معاملاته فى صحبته وفى خدمته لمن معه حتى لو كان يعد مساعده وأن هذا من قبل حتى النبوة، ويؤكد الدرينى أن محمد بن عبدالله كان معدًا لتلك الرسالة السماوية والتى كانت تتويجا لشخصيته الفريدة التى ليس لها مثيل بين البشر العاديين.
الفصل الثانى هو «من ملامح الشخصية المحمدية» هو يوضح سمات وصفات الرسول، ويتواصل ذلك الرسم لسيرة النبوية المشرفة ومعه رسم لشخصيته وعن بلاغته وفصاحته وعلمه الغزير، الذى اصطفاه به الوحى الإلهى والذى تغلب صفات النبوية على صفاته البشرية، وأن كل الاختبارات التى وضع فيها تفوق فيها النور الإلهى النبوى على الصفات البشرية.
فى الفصلين الأولين اللذين هما بداية الزيارة وأساس استكمال الرحلة إلى مداخل السيرة النبوية برؤيتها الحديثة نرى تلك السنن التى عددها الكاتب من دعاء وبسملات وذكر وعن كل حركة بسيطة فعلها الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، وعن تدوين أصحابه لها كأنه قصد فعلها أمامهم لكى يدونها، وتبقى مساعدة دائمًا لأمة محمد التى لا يوجد من يحبهم أكثر من محمد بن عبدالله نفسه.
تتابع الفصول بعد ذلك وتتنوع عن مشاهد من السيرة النبوية المشرفة وعن مشاهد من حياة الرسول: «النبى زوجًا»، «النبى وأعمامه»،
«الصاحب»، «الموت»، «لغته وكلامه وتذوقه الشعر»، «الدعاء»، «كيف أدركت الأمة محمدًا عبر القرون».
إنها صورة بانورامية للمشاهد التى أحب الزائر المحب أن يزورها ويطرق بابها ويتحمل عناء مشقة الحديث والبحث عنها، إن كتاب «الحبيب.. زيارة جديدة للسيرة النبوية» هو كتاب يعيد فكرة الكتابة عن السيرة النبوية للمشهد من جديد بعد غياب كبير، هى زيارة وكتابة بنظرة العصر المعاصر الذى نعيش فيه وبنظرة محب يطرح ويتتبع السيرة ليس لشىء إلا من أجل الحبيب.