صدر لها حديثًا «شباك المنور».. فاطمة الشرنوبي: الفوز بجائزة خيري شلبي شهادة ميلاد ذهبية لىّ
آخر تحديث: الثلاثاء 4 فبراير 2025 - 6:59 م بتوقيت القاهرة
حوار - محمود عماد:
- أعظم ما تعلمته عن الكاتب الكبير إعادة اكتشاف العالم فى أبسط صوره
قدمت جائزة خيرى شلبى للعمل الروائى الأول منذ انطلاقها، وعلى مدى خمس دورات العديد من الأقلام الأدبية المميزة، وأخرجت للنور أصوات إبداعية شابة تتطمح لتأسيس مشروع كتابى أدبى يجعل لها مكانًا مميزًا فى دنيا الإبداع، وساهم فى ذلك ارتباط الجائزة باسم الأديب الكبير خيرى شلبى، وبتبنى دار الشروق الجائزة ونشرها للروايات الفائزة بالإضافة أيضًا إلى بعض الروايات التى تزكى من لجان تحكيم الجائزة فى دوراتها المختلفة.
فى الدورة الخامسة من جائزة خيرى شلبى للعمل الروائى الأول لعام 2024 فازت الكاتبة فاطمة الشرنوبى بالجائزة عن روايتها «شباك المنور»، وأصدرت دار الشروق الرواية حديثًا.
ماذا مثل لك الفوز بجائزة خيرى شلبى للعمل الروائى الأول؟
- الفوز بجائزة خيرى شلبى للعمل الروائى الأول كان بمثابة شهادة ميلاد ذهبية لى ككاتبة. خيرى شلبى هو أعظم كتّاب جيل الستينيات وكم هى صدفة جميلة أن تجرى هذا الحوار معى، وأنا أعيش هذه الأيام مع رائعة «وكالة عطية» لشيخ الحكّائين ونصير المهمّشين خيرى شلبى. أن أدرك أننى أحمل جائزة لروايتى الأولى باسم صانع الشوادفى وسيّد (وإن لم يكن قد ذكر اسمه فى الرواية، ولكن اسمه كان كذلك فى المسلسل المأخوذ عن الرواية) ودميانة القرداتية وداية والحانوتى وبدرية وقطيطة أمرٌ يحمّلنى المسئولية كى أُسائل نفسى فى كل مرة أكتب فيها نصًا جديدًا. ولدى العديد من الأصدقاء الذين يحاربون من أجل نشر رواياتهم مع دور نشر عريقة وكبيرة، فإن يأخذنى القدر لأنشر أولى رواياتى مع دار نشر كبيرة بحجم «دار الشروق» يعنى أنه القدر الذى قرّر أن يصاحبنى والحظّ الوفير الذى حظيت به مع تلك الجائزة. و«دار الشروق» هى دار عريقة نشر معها أغلب كبار الكتّاب فى مصر والعالم العربى، وقد حظيت من اليوم الأول فى رحابهم بالاحترام والتكريم والاحتواء شاعرة أنه بيتى الثانى الذى أطمئن إلى التواجد فيه.
حدثينى أكثر عن شخصية رقية بطلة الرواية والمشاكل التى تعانى منها؟
- رقية ببساطة تمثّل فتيات كُثُر هن بيننا، نلتقى بهنّ فى المدرسة والجامعة والمكاتب والشارع والمواصلات العامة، غير أننا لا نعرف شيئًا عمّا يجرى معهنّ فى أوقات حالكة كالحة غير مرئية للجمهور؛ رقية كأنثى تعرضت لما تتعرض له فتيات كثيرات فى مجتمعنا من سوء معاملة فى المدرسة وفى البيت والشارع وساحات العمل؛ الختان والتحرش وكشف العذرية، إذا شكّ أحد بأمرها، كل ذلك مباحًا ما دام أن المجتمع أعطى الحقّ لنفسه كى يحقّق ويحكم ويجلد ويطهّر ويُؤدّب، تمامًا مثلما صرخت رقية فى سرّها، ولم تكن لها الجرأة بأن تبوح بما يدور فى خلدها، «أنا بخسة حقًّا.. أنا من شأنكم وليسَت لنفسى شأن بى!»، كما وصفت نفسها لاحقًا، قائلة: «كبضاعة رخيصة». رقية عاقبها الزمن مرتين: مرة لأنها أنثى، ومرة من خلال أمها لسِرّ قد انكشف ستاره لها.
حدثينا عن فكرة قفزات الزمن بالرواية؟
- تقديمًا لنظرة أشمل على حياة رقية وإبرازًا للتغيرات النفسية بفعالية كان لا بدّ من بعض القفزات من نقطة زمنية إلى أخرى بشكل مباشر متجاوزة الفترات الزمنية التى لن تضيف الكثير للحبكة. كانت هذه التقنية، التى كنت أخشاها كثيرًا قبيل الفوز بالجائزة، المفاجأة الكبرى؛ إذ تحولت إلى إحدى أبرز النقاط التى أجمعت لجنة التحكيم على الإشادة بها، فرفعت من مستوى التقييم وجعلت الرواية فى الصدارة.
وماذا عن تأثير خيرى شلبى عليك؟
- الحروف تعجز عن احتواء هذا الأثر. خيرى شلبى، بسحر قلمه، جعل المستحيل ممكنًا، وحوّل اللا معقول إلى واقع مألوف، وأعاد صياغة العادى، بل شديد العادية، ليغدو فى عينى القارئ قمة فى الإثارة.
أراقب البشر من حولى طيلة الوقت: أصواتهم، أنفاسهم، نظراتهم، لغة أجسادهم، كلماتهم، وحتى اهتماماتهم الصغيرة العابرة. كنت أعتقد أن بعض التفاصيل ليست مثيرة بما يكفى لأضمنها فى كتاباتى، أو أن تأثيرها هامشى. لكن حين قرأت بعض أعمال خيرى شلبى، فوجئت بحرفيته المدهشة. كان قادرًا على التقاط أكثر اللحظات بساطة وإضفاء قيمة درامية عميقة عليها، بل ربطها بمجرى الأحداث بسلاسة. بأسلوبه، أعاد تعريف العادى ليصبح استثنائيًا، وتجلت عبقريته فى استغلال اللغة وذائقته الأدبية التى تخطت حدود المتوقع.
ربما هذا هو أعظم ما تعلّمته عن خيرى شلبى حتى الآن: إعادة اكتشاف العالم فى أبسط صوره، وتوظيف هذه البساطة بحرفية تجعلها تخطف القلوب وتجذب الأرواح إلى السطور.
كيف تفكرين فى القادم؟
- أودّ ألا أتكاسل أو أتباطأ فى كتابتى الإبداعية. أعمل منذ شهور على روايتى الثانية التى كتبت منها حتى الآن ما يزيد على 28 ألف كلمة. ستحمل فى طياتها قضايا جديدة غير تلك التى أثرتها فى «شُباك المنور»، كما ستقدم تنوعًا أكبر فى الشخصيات الروائية، ولن تكون الأحداث متمركزة حول شخصية واحدة، وفقط كما كان فى «شُباك المنور».