هياكل عظمية على أسِرّة المستشفيات.. الجوع ينهش صغار غزة وسط حصار إسرائيلي خانق

آخر تحديث: الجمعة 4 يوليه 2025 - 11:08 ص بتوقيت القاهرة

غزة - الأناضول

- أم الرضيع محمد اللوح: طفلي يعاني من سوء تغذية والتهابات صدرية نتيجة نقص الحليب

 

- أم الطفلة رزان: طفلتي تعاني من حرارة مستمرة وضعف عام وكل يوم تزداد سوءا بسبب نقص الطعام والماء

 

- الطبيب إياد أبو معيلق: نستقبل يوميا بين 50 إلى 60 حالة معظمها ناتجة بشكل مباشر أو غير مباشر عن سوء التغذية

 

بأجساد نحيلة كأنها هياكل عظمية، يرقد الأطفال محمد ورزان وأمل بمستشفيين بقطاع غزة، بعدما أنهكتهم أمراض ناجمة عن الجوع وسوء التغذية الحاد، جراء حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 21 شهراً على الفلسطينيين.

وعلى أسرة العلاج تختفي مظاهر الطفولة عن وجوه الثلاثة؛ إذ لا تظهر عليهم أي استجابة للعب أو التفاعل، ويقضون معظم أوقاتهم في حالة خمول تام، نتيجة الهزال الشديد وسوء التغذية.

* أجساد ضعيفة

مع هذا المشهد الناجم عن حرب الإبادة الإسرائيلية، يرتفع أنين الأطفال المرضى الذين أنهكهم الجوع، فيما يبذل الأطباء جهودا مضنية لتقديم الحد الأدنى من الرعاية، وسط نقص حاد في الإمكانات.

وبينما تتصاعد التحذيرات من داخل قطاع غزة من انهيار النظام الصحي، تتفشى المجاعة بصمت بين آلاف الأطفال الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة بوجه التجويع الممنهج الذي تمارسه إسرائيل.

ورغم تدهور الأوضاع الصحية وتصاعد تحذيرات المجاعة، تواصل إسرائيل منع إدخال الغذاء والماء إلى غزة، متجاهلة بذلك الدعوات الدولية المتكررة لفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية.

والجمعة، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن نحو 112 طفلا فلسطينيا يدخلون المستشفيات بقطاع غزة يوميا لتلقي العلاج من سوء التغذية منذ بداية العام الجاري، جراء الحصار الإسرائيلي الخانق.

والسبت، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة ارتفاع عدد الأطفال الذين "استشهدوا" جراء سوء التغذية الحاد إلى 66 منذ 7 أكتوبر 2023، نتيجة تشديد الجيش الإسرائيلي حصاره على القطاع ضمن استخدام "التجويع سلاحا لإبادة المدنيين".

* طفولة مفقودة

في "مستشفى شهداء الأقصى" بمدينة دير البلح وسط القطاع، تقف أم فلسطينية عاجزة أمام رضيعها محمد اللوح، البالغ من العمر 3 أشهر، غير قادرة على توفير الحليب الذي يحتاجه بشدة.

ومنذ لحظاته الأولى في الحياة، لم يعرف الطفل سوى الجوع والحصار، ولد في قلب المجاعة، ولم ير يوماً جميلاً كغيره من أطفال العالم.

وخلال الأشهر الثلاثة منذ ولادته، تنقل الطفل مع عائلته بين النزوح والحرمان، دون أن ينعم بيوم آمن حيث سرقت طفولته مبكرًا وسط حرب لا ترحم ولا تترك له حق البكاء كما يفعل أطفال العالم في سنواتهم الأولى.

تقول للأناضول: "طفلي يعاني من سوء تغذية والتهابات صدرية نتيجة نقص الحليب، والمستشفيات لا تملكه، والمعابر مغلقة بسبب الحصار".

ولا يختلف الحال كثيرا لدى والدة الطفلة رزان أبو زاهر، التي تجلس بجانب صغيرتها المريضة متمنية أن تستعيد عافيتها.

تقول الأم للأناضول، رزان تعاني من حرارة مستمرة وضعف عام، وكل يوم يمر حالتها تزداد سوءًا بسبب نقص الطعام والماء.

وتضيف أن طفلتها حرمت من الحليب المغذي وحبوب القمح الجاهزة "السيريلاك"، ما فاقم تدهور حالتها الصحية.

أما الطفلة أمل، فترقد في قسم الأطفال بـ"مستشفى ناصر" في خان يونس، بجسد هزيل تبرز منه عظام صدرها بوضوح، جراء معاناتها من حساسية القمح، في وقت لا يتوفر فيه بديل غذائي مناسب وسط تفاقم المجاعة.

يقول والدها: "أصيبت بسوء تغذية بعد النزوح، وشخص الطبيب حالتها بحساسية قمح، ونصحنا بتوفير لحوم وفواكه، لكن كل شيء مفقود".

ويشير إلى أن وزنها انخفض من 20 كغم إلى 12 كغم بسبب الجوع.

* تفش لسوء التغذية

من جانبه، قال الطبيب إياد أبو معيلق، رئيس قسم الأطفال في "مستشفى شهداء الأقصى": "نشهد ازدحاما شديدا في القسم حيث نستقبل ما بين 50 إلى 60 حالة يوميا، معظمها التهابات صدرية ومعوية وحمى شوكية، ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بسوء التغذية".

ويتابع: "لا تتوفر لدينا أي أنواع من الحليب الصناعي، وسوء التغذية يضعف مناعة الأطفال، ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض".

ووجه أبو معيلق نداء للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بضرورة التدخل العاجل، وتوفير الحليب للرضع والمستلزمات الطبية والأدوية.

وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس بشكل محكم معابر غزة أمام شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.

وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تنفذ تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو، خطة لتوزيع مساعدات محدودة بواسطة "مؤسسة غزة الإنسانية"، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بقصف الفلسطينيين المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص.

وأدت الآلية الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات في غزة، حتى الأحد الماضي إلى 600 قتيل وأكثر من 4278 مصابا، وفق وزارة الصحة في غزة.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved