المسجد العمري بغزة.. منارة تاريخية حولها الاحتلال الإسرائيلي إلى أطلال
آخر تحديث: الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 - 9:22 ص بتوقيت القاهرة
غزة - الأناضول
- أقدم مسجد في غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة قرب سوق شعبي، وتبلغ مساحته نحو 1600 متر مربع
- يستند على 38 عمودا من الرخام المتين، تعكس هندسته الطراز القديم، ما جعله تحفة معمارية متوارثة
- حرب الإبادة الإسرائيلية حولت معالمه التاريخية إلى كتل من الركام، وانهارت جدرانه الحجرية
لم يعد المسجد العمري الكبير كما عرفه أهل غزة؛ فحرب الإبادة الإسرائيلية حولت معالمه التاريخية إلى كتل من الركام، وانهارت جدرانه الحجرية التي شهدت على السجود والدعاء، بينما بقي جزء من مئذنته شامخا وسط الدمار.
وسط البلدة القديمة في مدينة غزة، يقف ما تبقى من المئذنة التي قاومت السقوط، شاهدة على عمق الجرح الذي لحق بأقدم وأعرق مساجد المدينة.
كان المسجد العمري الكبير قبل الحرب القلب النابض لغزة القديمة ومقصد روادها وعلمائها، غير أن غارات الجيش الإسرائيلي سوت معظم أجزائه بالأرض، لتتحول ساحته الرحبة إلى كومة حجارة يختلط فيها الغبار برائحة التاريخ.
وخلال حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت لعامين، والتي دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فيها في 10 أكتوبر الماضي، دمرت إسرائيل أكثر من 835 مسجدا تدميرا كليا، فيما لحقت أضرار جزئية متفاوتة بأكثر من 180 مسجدا.
** معلم ديني وتاريخي عريق
يعد المسجد العمري الكبير أقدم مسجد في غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة قرب سوق شعبي، وتبلغ مساحته الإجمالية نحو 1600 متر مربع، منها 410 مترا مربعا للمصلى الداخلي، و1190 مترا مربعا لفنائه الواسع الذي كان يحتضن آلاف المصلين.
يستند المسجد على 38 عمودا من الرخام المتين، تعكس هندسته الطراز القديم، ما جعله تحفة معمارية تتوارثها الأجيال.
ويعدّ "العمري" أيضا من أكبر وأعرق مساجد غزة، وثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجدين الأقصى وأحمد باشا الجزار في عكا، ويوازيه بالمساحة جامع المحمودية في يافا.
** تحولات دينية عبر العصور
أطلق عليه المسجد العمري تكرما لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب صاحب الفتوحات، كما يطلق عليه أيضا اسم الكبير لأنه أكبر جامع في غزة.
يعود تاريخ موقع المسجد إلى ما قبل الميلاد، إذ كان معبدا قديما قبل أن يحوله البيزنطيون إلى كنيسة في القرن الخامس الميلادي.
وبعد الفتح الإسلامي في القرن السابع، أعاد المسلمون بناءه مسجدا، قبل أن يتعرض لانهيار مئذنته بفعل زلزال العام 1033 ميلادي.
وفي العام 1149 حول الصليبيون المسجد إلى كاتدرائية مكرسة ليوحنا المعمدان، لكن الأيوبيين استعادوه بعد معركة حطين عام 1187، وأعادوا بناءه.
ثم قام المماليك بترميمه في القرن الثالث عشر، قبل أن يتعرض للتدمير على يد المغول عام 1260، لكنه ما لبث أن استعيد على يد المسلمين وأعيد بناؤه.
وتعرض المسجد للتدمير مرة أخرى بسبب زلزال ضرب المنطقة في أواخر القرن الثالث عشر.
** إعادة إعمار متكررة
وفي القرن الخامس عشر، رممه العثمانيون بعد الزلازل، ثم تضرر مجددا بالقصف البريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى.
وفي العام 1925 أعاد المجلس الإسلامي الأعلى ترميمه ليعود معلما مركزيا في حياة الغزيين حتى دمرته الغارات الإسرائيلية الأخيرة.
والشهر الماضي، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، أن القطاع "منطقة منكوبة بيئيا وإنشائيا" جراء الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي خلفت نحو 70 مليون طن من الركام، وقرابة 20 ألف قذيفة وصاروخ غير منفجرة تشكل خطرا دائما على المدنيين.
وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار عامين من حرب الإبادة الجماعية التي بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر 2023 بدعم أمريكي، وخلفت 68 ألفا و865 شهيدا فلسطينيا، وما يزيد على 170 ألف جريح.