ما هي أهم التحديات التي تنتظر حكومة ألمانيا الجديدة مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة؟

آخر تحديث: الخميس 6 فبراير 2025 - 10:24 ص بتوقيت القاهرة

برلين - د ب أ

خَلَّفَ فشل ائتلاف "إشارة المرور" الحاكم في ألمانيا وراءه العديد من التحديات بالنسبة للحكومة الألمانية الجديدة. تُرَى ما القضايا التي ستتمحور حولها مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها في الثالث والعشرين من الشهر الجاري؟. فيما يلي نظرة عامة على هذه القضايا:

ستكون إحدى أهم مهام الائتلاف الجديد هي إقرار ميزانية اتحادية لعام 2025. حتى ذلك الحين، سيستمر العمل بميزانية مؤقتة تواصل الدولة من خلالها الوفاء بالتزاماتها القانونية، على سبيل المثال الإنفاق على المعاشات التقاعدية أو إعانات المواطنين (بورجرجلد). ومع ذلك، فإن بدء أي مشاريع جديدة لن يخلو من المعوقات. ذلك أن فشل ائتلاف "إشارة المرور" يرجع بشكل رئيسي إلى عدم قدرته على الاتفاق على ميزانية نتيجة لضعف الموارد المالية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. على الأرجح ستكون هناك حالة من الترقب تصاحب السؤال عما إذا كان سيتم إجراء إصلاح لقاعدة كبح الديون المنصوص عليها في الدستور الألماني والتي تنص على الحد من استعانة الحكومة بالقروض الجديدة.

يشار إلى أن الاقتصاد الألماني كان قد سجل انكماشا في عام 2024 وذلك للعام الثاني على التوالي، الأمر الذي أدخله في أطول فترة ركود له منذ أكثر من 20 عامًا. كما أنه من المتوقع ألا يحقق أكبر اقتصاد في أوروبا سوى نمو ضئيل في العام الحالي. ترى العديد من الروابط الاقتصادية أن هناك أزمة هيكلية بسبب تراجع جاذبية ألمانيا كموقع اقتصادي. ويأتي على رأس الأسباب التي أدت إلى ذلك، ارتفاع أسعار الطاقة مقارنة بدول أخرى، بالإضافة إلى ارتفاع العبء الضريبي والرسوم، وكذلك البيروقراطية المفرطة. ومن المرجح أن تكون السياسة الاقتصادية من القضايا المحورية بالنسبة للحكومة الألمانية الجديدة منذ اليوم الأول.

وتشكل رسوم الشبكة المرتفعة عبئًا كبيرًا بشكل خاص على الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة. يمكن للحكومة الاتحادية الجديدة تقديم إجراءات لتخفيف هذا العبء، لكن ذلك سيكلف مليارات. كما قد تشهد الفترة التشريعية الجديدة مناقشات حول إمكانية صرف معونة مناخ لتعويض ارتفاع تسعير انبعاثات الكربون على الوقود والتدفئة. كما لا يزال من غير الواضح كيف ستدعم الدولة بناء محطات غاز جديدة، والتي يُفترض أن تعمل مستقبلا كاحتياطي عندما لا تسطع الشمس أو تهب الرياح بالقدر الكافي. ويتوقف على هذه الخطوة موعد تخلي البلاد عن الفحم في استخراج الطاقة.

ومن أجل ردع روسيا عسكريًا بالدرجة الأولى، يتعين على ألمانيا في غضون سنوات قليلة تحويل قواتها المسلحة التي تم تقليص تمويلها على مدى عقود، إلى قوة قادرة على الدفاع وبالتالي إلى قوة مؤهلة لخوض الحروب. ولهذا السبب، أعلنت الحكومة عن إجراء ما أطلقت عليه "التحول الزمني" في سياساتها الدفاعية. ومع ذلك، لا يزال هناك على الأقل سؤالان أساسيان بحاجة إلى إجابة حاسمة، وهما: من أين سيأتي الجنود اللازمون لهذا التحول؟ وكيف سيتم تمويل هذا التحول على المدى الطويل؟ كانت الحكومة الألمانية أنشأت صندوقا خاصا بقيمة 100 مليار يورو لتمويل الجيش من خارج الميزانية العادية وتحقيق هدف حلف شمال الأطلسي "ناتو" المتمثل في تخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو للإنفاق الدفاعي. ومن المتوقع أن يتم استنفاد موارد هذا الصندوق بحلول عام 2027. وكانت تقديرات وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أشارت إلى أن ألمانيا ستحتاج اعتبارًا من عام 2028 إلى نفقات دفاعية لا تقل قيمتها عن 85 مليار يورو سنويًا، أي بما يزيد بمقدار حوالي 30 مليار يورو عما تنفقه سنويا على هذا الغرض في الوقت الحالي.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، ستعتمد الكثير من الأمور على ما سيفعله الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، في المرحلة الأولى من ولايته. ففي حال تسبب في اندلاع حرب تجارية عالمية فإن ألمانيا باعتبارها دولة مصدرة ستكون أكثر دول أوروبا تأثرا بذلك، ومن ثم ستضطر إلى لعب دور رئيسي في رد فعل الاتحاد الأوروبي على واشنطن.

أما فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، فسيتعين على الحكومة الألمانية الجديدة اتخاذ قرارات بشكل سريع للغاية. وشهدت المعركة الانتخابية الحالية جدلا حادا حول كيفية توفير 3 مليارات يورو إضافية لشراء أسلحة لأوكرانيا، هل عن طريق الاقتراض كما اقترح المستشار أولاف شولتس، أم عن طريق نفقات غير مجدولة في الميزانية كما يفضل الاتحاد المسيحي (الذي يتزعم المعارضة) والحزب الديمقراطي الحر(الذي كان يتولى حقيبة المالية قبل انهيار ائتلاف إشارة المرور) وحزب الخضر. وبالنسبة للصين، من المتوقع أن يطالب ترامب ألمانيا باتخاذ موقف أكثر وضوحًا في مواجهة القوة العالمية الموجودة في الشرق. وبالتالي، سيتعين على الحكومة الألمانية الجديدة أن تحدد كيف ستتعامل مع هذا الضغط وتتخذ موقفًا واضحًا في هذا الشأن.

وتشهد ألمانيا ارتفاعا في عدد المتقدمين في السن وبالتالي عدد المحتاجين إلى الرعاية التمريضية. ووفقًا للتقرير الحكومي حول الشيخوخة، من المتوقع أن يصل عدد من هم فوق 80 عامًا إلى 10 ملايين شخص بحلول عام 2050، أي بزيادة تتراوح بين 2 و4 مليون شخص مقارنة بعددهم اليوم. في الوقت نفسه، تتزايد تكاليف تأمين الرعاية التمريضية بشكل مطرد.

وعلى صعيد البنية التحتية، تتطلب عملية التحديث الشاملة التي بدأت لتحسين شبكة السكك الحديدية المتدهورة جزئيًا استثمارات بمليارات اليوروهات، والهدف من هذه العملية هو تحسين دقة مواعيد القطارات. ومع ذلك، لا يزال التمويل غير مضمون على المدى الطويل، وينطبق الأمر نفسه على ترميم الجسور المتضررة. لذلك، ستتركز المناقشات حول كيفية ضمان تمويل الاستثمارات اللازمة على المدى البعيد، بحيث لا تكون هناك حاجة إلى إعادة التفاوض عليها سنويًا في الميزانية الاتحادية وفقًا للوضع المالي. وهناك بالفعل اقتراحات لإنشاء ما يُسمى بـ"صندوق البنية التحتية متعدد السنوات".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved