باحثة في الحركات البيئية: دول شمال إفريقيا بحاجة إلى 280 مليار دولار عام 2023 لتلبية احتياجات آثار تغير المناخ
آخر تحديث: الأحد 6 أبريل 2025 - 2:47 م بتوقيت القاهرة
زينة منير لـ"الشروق": المغرب ومصر حصلتا على 48% و28% على التوالي من إجمالي تمويل المناخ المُعتمد للمنطقة في الفترة من 2003 إلى 2023
قالت زينة منير، حاصلة شهادة الدكتوراه في السياسات البيئية من جامعة فرايبورغ في ألمانيا، ومهتمة وباحثة في الحركات البيئية، العدالة البيئية، الاتصال البيئي، السياسات الدولية للمفاوضات والتكيف مع تغير المناخ، إن معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه عقبات مالية كبيرة في جهودها للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، ووفقًا للبنك الأفريقي للتنمية، فإن دول شمال أفريقيا بحاجة إلى حوالي 280 مليار دولار بحلول عام 2030 لتلبية احتياجاتها في هذا المجال، مع فجوة تمويلية سنوية تتراوح بين 10 و30 مليار دولار، ومع ذلك، تتلقى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أقل حصة من التمويل الدولي للمناخ. على سبيل المثال، بينما تلقت منطقة شرق آسيا وجزر المحيط الهادئ ما يقدر بنحو 293 مليار دولار لتمويل للمناخ في عامي 2019 و2020، بلغت حصة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 16 مليار دولار فقط.
وأضافت منير لـ"الشروق" أنه علاوة على ذلك، لا يُوزَّع تمويل المناخ بالتساوي بين دول المنطقة، ففي حين حصلت المغرب ومصر على 48% و28% على التوالي من إجمالي تمويل المناخ المُعتمد للمنطقة في الفترة من عام 2003 إلى عام 2023، لم تتلقَّ الدول التي تعاني من أوضاع أمنية هشة أو متأثرة بالصراعات، مثل اليمن وليبيا وسوريا، سوى أقل حصة من تمويل المناخ المُقدَّم للمنطقة، وفضلًا عن ذلك، كانت غالبية هذه التمويلات على شكل قروض أو قروض مُيسَّرة، ويؤدي هذا الاعتماد المُفرط على أدوات الدين إلى تفاقم ضائقة الديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالت إن أزمة الديون المتفاقمة بالإضافة إلى المخاطر المناخية، تدفع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى حلقة مفرغة، حيث يؤدي تزايد المخاطر المناخية إلى رفع تكاليف الديون الدولية، ويحد من الحيز المالي والنقدي للاستثمار في التكيف مع المناخ والقدرة على الصمود، ومع فشل الدول المتقدمة في الوفاء بتعهداتها المناخية، نجد ان التدفقات الدولية لتمويل جهود التكيف مع المناخ محدودة للغاية كما أنها تأتي بأعباء جديدة فى صورة رسوم خدمة الدين مما يفاقم من أزمات الديون و يدفع بأولوية مكافحة تغير المناخ إلى آخر اهتمامات دول المنطقة.
وردًا على سؤال ما هي أبرز التحولات التي شهدها النشاط البيئي النسوي في الشرق الأوسط، وما مدى تأثير هذه الحركات على صنع القرار والسياسات العامة؟، ذكرت أنه فى السنوات الأخيرة خصوصا فى العقد الاخير تكاثرت الحركات البيئية التى تطالب بحقوق المواطنين فى بيئة نظيفة و تشمل الأمثلة حركة طلعت ريحتكم فى لبنان و الحركة التي رفضت التنقيب عن الغاز الصخري فى الجزائر و غيرها من الحركات الشعبية.
وأوضحت انه من اللافت أن هذه الحركة لم تقتصر مطالبها على الحقوق البيئية فقط و لكنها تناولت أبعادا سياسية واجتماعية. فمثلا فى الجزائر تمتزج الأطر البيئية بأطر المخاطر الصحية والتهميش والاستعمار الجديد والعدالة الاجتماعية.
وتابعت: في دراسة الحالة اللبنانية، نجحت حركة "طلعت ريحتكم" في إبراز الفساد السياسي بشكل كبير ليس فقط من خلال إبراز المخاطر الصحية للقمامة، بما تحمله من مجازات التعفن والرائحة والمرض، ولكن أيضًا من خلال تأكيد عجز النظام السياسي الطائفي على القيام بأبسط الوظائف للمواطنين وهو جمع القمامة بشكل امن و صحى، وكان لهذه الحركات آثار اجتماعية و سياسية ملحوظة فنجد مثلا فى الجزائر أوقفت الحكومة عمليات التنقيب عن الغاز الصخري في الصحراء الجزائرية، وفي لبنان، حققت حركة طلعت ريحتكم بعض الانتصارات: أبرزها استقالة وزير البيئة المشنوق من اللجنة الحكومية لإدارة النفايات؛ وإقرار الحكومة بوجوب جمع السلطات البلدية للنفايات.
واستطردت: ومع ذلك، فإن الإنجاز الأكثر ديمومة لهاتين الحركتين البيئتين هو الشبكات والتحالفات الجديدة التي تنبثق عن الحركة بمرور الوقت، إلى جانب مجموعة جديدة من الأسئلة التي كانت مخفية سابقًا في طيات الصراع الطائفي في لبنان وتهميش مجتمع عين صالح فى الجزائر. . ومن المثير للاهتمام أن الناشطين البيئيين ومن ضمنها النساء بالطبع اعتمدوا على وسائل التواصل الاجتماعي فى إبراز المشاكل البيئية فى مجتمعاتهم و ربط هذه المشاكل والمخاوف السياسية والاجتماعية الأوسع. والأهم من ذلك، أن حملة "طلعت ريحتكم" أدت إلى صعود أحزاب جديدة مثل "بيروت مدينتي" التي تحدث الأحزاب السياسية الراسخة في الانتخابات البلدية التي جرت في مايو 2016، وعلى الرغم من أن التحالف السياسي الجديد لم يفز في الانتخابات، إلا أن دعمه كان كبيرًا جدًا كحزب سياسي ناشئ
ونوهت إلى أنه من الملفت أن هذه الحركات البيئية الشعبية لفتت أنظار منظمات المجتمع المدنى الدولية الناشطة فى مجال البيئة والتي شكلت تحالفات مع المنظمات المحلية و ادى ذلك الى تنوع وسائل الترويج والتوعية بالمخاطر البيئية فى المنطقة وجذب اهتمام الفئات المختلفة التى تجاوزت مطالبها الحقوق البيئية إلى إصلاحات سياسية و اجتماعية و اقتصادية، وبالنظر إلى أن المفاوضات المناخية غالباً ما تفتقر إلى التمثيل العادل للمرأة.
وحول الإجراءات التي يمكن أن تتخذها مصر لضمان تعزيز دور النساء في هذه المفاوضات على المستوى المحلي والدولي، قالت إن في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين، مثلت النساء 20% فقط من رؤساء الوفود، مما يشير إلى زيادة عن مؤتمر الأطراف السادس والعشرين 13% ولكنه انخفاض عن مؤتمرات الأطراف السابقة، في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، كان 15 فقط من أصل 133 من قادة العالم المشاركين في المفاوضات من النساء.
وأضافت أن مشاركة النساء كمندوبات للأطراف لا تعني أنهن يتمتعن بنفس مكانة السلطة أو أن لديهم الفرصة لمشاركة معارفه ومخاوفهم بشكل كامل في مفاوضات المناخ، على سبيل المثال، أظهر تقرير تكوين النوع الاجتماعي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لعام 2022 أنه في حين أن الرجال شكلوا 51% من مندوبي الحكومات، إلا أنهم مثلوا 60% من المتحدثين النشطين في الجلسات العامة، تلك الاجتماعات التي حضرها جميع الأطراف - وألقوا محاضرات لمدة 74% من الوقت.
وقالت إن الافتقار إلى المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة واضح ليس فقط في دوائر صنع القرار والمفاوضات المتعلقة بتغير المناخ، ولكن أيضًا في المناصب القيادية في جميع القطاعات الاقتصادية والحكومية. في حين أن هناك جهود متزايدة لإشراك المرأة في المناصب القيادية، إلا أن تمثيل المرأة لا يزال ناقصًا بشكل منهجي في مواقع صنع القرار الرئيسية، مما يحد من تمثيلها في المناقشات الحكومية ومناقشات القطاع الخاص حول سياسات المناخ ومبادرات إزالة الكربون.
وتابعت: وفقًا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة ، فإن منطقة الشرق الأوسط لديها أقل نسبة من النساء في المناصب القيادية الإدارية (حوالي 10%)، هذه الفجوة بين الجنسين في الإدارة بارزة في جميع أنحاء المنطقة، حيث لوحظت أكبرها في ليبيا، وعلى الرغم من ذلك تشير الدراسات العلمية و التقارير الأممية ان الشركات التي تتمتع بتنوع أكبر بين الجنسين في مجالس إداراتها و تُشرك النساء فى المناصب القيادية تكون أكثر قابلية بنسبة 60% لتقليل كثافة استهلاك الطاقة، وأكثر نجاحا بنسبة 39% لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأكثر نجاحا بنسبة 46% لتقليل استخدام المياه.
اعتقد ان تخصيص كوتة محددة تضمن إشراك النساء فى المناصب القيادية و الوزارات و المؤسسات خصوصا المعنية بادارة الموارد الطبيعية و الاستثمارات فى العمل المناخي هي أحد الوسائل لضمان أن تحجز النساء مكانا فى دوائر صنع القرار محليا وعلى طاولات المفاوضات الدولية، عفا على ذلك لابد من سن قوانين و تشريعات ووضع السياسات التى تضمن وصول تمويلات المناخ الى المشروعات المناخية التى تطلقها و تديرها النساء أو المبادرات النسوية حتى يتمكن من قيادة التحول الأخضر فى بلاد المنطقة.