البابا تواضروس الثاني يزور مدرسة القديس ساڤا اللاهوتية وكنيسة ميلاد السيدة العذراء في بلجراد
آخر تحديث: الثلاثاء 6 مايو 2025 - 12:36 م بتوقيت القاهرة
محمد فتحي
زار البابا تواضروس الثاني، أمس، مدرسة القديس ساڤا اللاهوتية في بلجراد حيث كان في استقباله إلى جانب القس رادومير فروشينيتش عميد المدرسة، نيافة المطران إيلاريون الأسقف المساعد لبطريرك صربيا، وعدد كبير من أساتذة المدرسة وطلابها.
رحب عميد المدرسة بقداسة البابا، قائلاً: "مرحبًا بكم يا قداسة البابا في أقدم مدرسة ثانوية في مدينة بلجراد، معهد القديس ساڤا اللاهوتي، يشرفني ويشرف أساتذة وطلاب هذا المعهد أن نستقبلكم اليوم، ضيفًا عزيزًا على قلوبنا، ممثلاً للكنيسة القبطية المجيدة والعريقة".
ثم قدم القس فروشينيتش نبذة عن تاريخ ومسيرة المدرسة التي تأسست عام ١٨١٠، لافتًا إلى أن المدرسة سعت طوال تاريخها إلى البحث عن الحقيقة وفهم العالم في عالم مليء بعدم المساواة، والعنف، والهجرة القسرية، والتمييز، والفقر، وظلت ركيزة ثابتة للروحانية والثقافة والعلم. فخرجت منها عقول عظيمة شهدت للإيمان بالقيامة، إيمان يبدد الخوف ويعطي رجاء وسط المعاناة.
ووجه حديثه إلى البابا قائلاً: "قداسة البابا إن محاضرتكم اليوم تمثل بناء جسر آخر من الانفتاح الصادق والمحبة الأخوية بين الكنيسة الأرثوذكسية الصربية والكنيسة الأرثوذكسية القبطية".
ثم ألقى البابا محاضرته والتي جاءت بعنوان: "الجهاز الروحي للإنسان المسيحي"، فبدأها بقوله: "أفرح أن أكون معكم في هذا المكان العريق، وأتحدث مع شباب يبني المستقبل مثلكم.
وأضاف: أود أن أحدثكم عن الجهاز الروحي للإنسان المسيحي، من الناحية الروحية، يتكون الجهاز الروحي من ثلاث مكونات: الأذن، والعين، والقلب"
(١) الأذن: وهي عضو خارجي وداخلي، وليس المهم ما نسمع أو من نسمع، بل كيف نسمع.
السمع يأتي من فضيلة اسمها الطاعة، وهي كلمة محبوبة تمثل حياة الإنسان الناجح.
هناك أناس يسمعون ولا يفهمون: مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ (مت ١٣: ١٣).
أمثلة لمن سمعوا صوت الرب بإصغاء وانفتاح قلب: موسى النبي (في العليقة)
القديس أنطونيوس (في الإنجيل) القديس أغسطينوس (في سيرة أنطونيوس)
وحدد البابا سبعة مجالات لسماع صوت الله، وهي:
١- صوت الضمير: اجعل ضميرك حيًا مستيقظًا، اسمعه في أوقات الهدوء لا الضوضاء.
٢- صوت الوصية: عبر القراءة المنتظمة لكلمة الله.
٣- صوت المرشد الروحي: من خلال الاعتراف وجلسات التدبير الروحي.
٤-صوت الطبيعة: الزلازل، الأوبئة، الكوارث، رسائل سماوية للتوبة.
٥- صوت الحياة: أحداث وقصص الآخرين.
٦- صوت الكنيسة: عبر الآباء والتقليد الشفهي.
٧- صوت الآخر: الله يتكلم من خلال المحيطين بك.
(٢) العين: وهي عضو النور لدى الإنسان
العين البسيطة تنير الجسد: "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ" (مت ٦: ٢٢ - ٢٣) العين البسيطة تنير الجسد، والشريرة تظلمه. البصر للعين الخارجية، البصيرة للداخلية. إبليس أغوى حواء بثمرة شهية للنظر، داود نظر فسقط.
العين النقية ترى بطريقة الأمور بشكل صحيح: "وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ" (مز ١٩: ٨).
كيف تحصل على عين نقية؟!
١- مطالعة وجه المسيح: في الصلاة والأسرار.
٢- مطالعة الإنجيل: بالقراءة والتأمل.
٣- مصاحبة القديسين: بأسمائهم وسيرهم.
٤- مشاهدة المقدسات: بالزيارات والخلوات.
٥- خدمة المحتاجين: افتقاد الأيتام والأرامل.
(٣) القلب: هو عضو الحياة، مركز المحبة والمعرفة الإلهية.
القلب النقي يعاين الله: "طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ" (مت ٥: ٨). نقاوة القلب تتحقق بالصحبة الجيدة، القراءات الجيدة، المشاهدات الجيدة، السماعات الجيدة.
إن كنت تريد قلبًا نقيًا، ادخل أعماق نفسك، صل بندم، ارتم في أحضان الكنيسة، واجعل النقاوة هدف حياة. اجعل قلبك مختونًا: إذا رأيت حقدًا، حسدًا، شهوة، اطردها فورًا، ليبقى قلبك نقيًا يعاين الله هنا وفي الأبدية.
بعد المحاضرة، أجاب قداسة البابا عن أسئلة الطلاب حول سلطان الله في صوت الطبيعة، والتعايش الجماعي، والتوازن بين الإصغاء للآخر وهمسات الضمير، قائلاً: الله له سلطان على كل الخليقة، أصغر خلية وأعظم كوكب. الكنيسة هي المكان حيث يجد الإنسان الحرية والخلاص، فهي بيت الخلاص الوحيد، حيث جسد المسيح ورأسه. التوازن يتحقق بمحبة الله المنسكبة في قلوبنا، وبالصلاة والوصية، وبحياة الطاعة والمحبة.”
واختتم اللقاء بكلمات شكر وتقدير لقداسة البابا، وسط تصفيق الطلاب والأساتذة، الذين عبروا عن امتنانهم لهذه الزيارة التاريخية، وللمحاضرة التي وصفوها بأنها علامة محبة وتواصل بين الشعبين والكنيستين.
كان قداسة البابا تواضروس قد زار كنيسة ميلاد السيدة العذراء مريم بحي زيمون، حيث كان في استقباله نيافة المطران إيلاريون، الأسقف المساعد لبطريرك صربيا، وعدد من الآباء الكهنة، في لقاء ساده المحبة، واطلع قداسته خلال الزيارة على تاريخ الكنيسة العريق وطرازها المعماري المميز.
يأتي هذا في إطار زيارة قداسة البابا لصربيا ضمن جولته الرعوية الحالية بإيبارشية وسط أوروبا التي بدأها يوم ٢٥ أبريل الماضي، حيث تعد زيارة صربيا المحطة الثالثة من محطات جولة قداسته بالايبارشية.