تقرير: طوفان الأقصى يطارد نتنياهو ويعمق أزمات إسرائيل

آخر تحديث: الإثنين 6 أكتوبر 2025 - 9:11 م بتوقيت القاهرة

القدس/ الأناضول

بعد مرور عامين على عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما تزال تداعياتها تعصف بالمشهد الإسرائيلي وتلقي بظلالها الثقيلة على القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب.

ومنذ ذلك الهجوم الذي شكل أكبر اختراق أمني وعسكري في تاريخ إسرائيل، تطارد المسئولية عن الإخفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يرفض حتى اليوم تحمل المسئولية عما يصفه مسئولون عسكريون وأمنيون وسياسيون بأنه "إخفاق عسكري وأمني واستخباري وحتى سياسي".

ففي صباح 7 أكتوبر 2023، فاجأت حركة حماس إسرائيل بهجوم غير مسبوق على عشرات القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة ما أدى إلى مقتل وإصابة وأسر المئات من الإسرائيليين.

ويرى محللون إسرائيليون أن هجوم 7 أكتوبر وما أعقبه من حرب على غزة مثّلا أخطر لحظة في تاريخ إسرائيل، كاشفين عن انهيار صورتها الأمنية والعسكرية. ويؤكدون أن تداعياته ما تزال تلاحق نتنياهو وحكومته، وتعمّق أزماتهم الداخلية والخارجية.

وقال المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية بن كسبيت، الاثنين: "إن الهزيمة التي مُنيت بها إسرائيل في 7 أكتوبر هي الأشد ألما والأكثر إذلالاً في تاريخها. حتى في أسوأ كوابيسنا، لم نتخيل قط أن يحدث لنا شيء كهذا".

وأضاف: "أن تسحق منظمة (حماس) فرقة من الجيش الإسرائيلي دون أي جهد يذكر، وتحتل تجمعات سكنية وقواعد عسكرية، وتتصرف داخل الكيبوتسات (المستوطنات) والمدن كما لو كانت تابعة لها، وتختطف (تأسر) مئات المدنيين والجنود، وتُذل أقوى جيش في الشرق الأوسط، وتترك وراءها أرضًا محروقة".

وتابع بن كسبيت: "لن يمحو أي شيء حدث لاحقًا هذا الحدث، أو يشفي الجرح، أو يخفف الصدمة".
واعتبر أن "دولة إسرائيل، التي أُسست لتكون المكان الوحيد في العالم الذي يُمكن فيه حماية اليهود، فشلت في دورها".

وفي سياق حرب الإبادة الجارية ضد غزة، أشار بن كسبيت إلى أن استمرارها لم يعد مبررا من وجهة نظره، قائلا: "كان ينبغي أن تنهي هذه الحرب منذ وقت طويل"،

وأضاف: "أوقفنا الحرب على إيران بعد اثني عشر يومًا. وكان ذلك محقًا. وأوقفنا الحرب على حزب الله بعد بضعة أسابيع. وكان ذلك محقًا".

وادعى بن كسبيت أن إسرائيل، في كلتا الحالتين، حققت "إنجازات عسكرية مبهرة"، وتجلى خلالها "تفوقها الحاسم على أعدائها في مختلف المجالات تقريبًا".

لكن في غزة، بدا أن الإصرار على استمرار الحرب لا يرتبط بأهداف عسكرية حقيقية بقدر ما يعكس حسابات سياسية داخلية، وفق المحلل الإسرائيلي.

وقال بن كسيبت: "هذه الحرب مستمرة حتى هذه اللحظة فقط بسبب القيود السياسية التي يفرضها رهينة يُدعى بنيامين نتنياهو".

وأضاف: "في غزة فقط أصررنا على الاستمرار حتى يزول التهديد، ربما كان القصد إزالة التهديد عن ائتلاف نتنياهو".

وتابع: "لم تحدد إسرائيل قط التدمير الكامل للعدو كهدف حرب لسبب بسيط: إنه مستحيل".

ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، خلّفت 67 ألفا و160 قتيلا، و169 ألفا و679 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.

أما المحلل في صحيفة "هآرتس" العبرية، نير حسون فحمل نتنياهو وحكومته والذي وصفها بـ"الفاشلة" المسؤولية عما أسماها "أعظم كارثتين في تاريخ إسرائيل"، وهي "مذبحة 7 أكتور وردود الفعل الإسرائيلية عليها".

وقال: "في الكارثة الأولى، قتل حوالي 1200 شخص، واختُطفت النساء والأطفال، وارتُكبت جرائم مروعة ضد الإنسانية"، وفق تعبيره.

وأضاف حسون: "في الكارثة الثانية، قتلنا عشرات الآلاف من المدنيين، وتسببنا في موت الأسرى، وألحقنا الدمار بمنطقة بأكملها، وبدأنا مجاعة جماعية، وارتكبنا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا تُحصى".

وشدد على أن "الكارثة الأولى شكلت صدمة ستظل تداعياتها محسوسة لعقود قادمة".

وتابع حسون: "لكن الكارثة الثانية دمرت الأسس التي بُنيت عليها دولة إسرائيل: الشرعية الدولية، والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع العالم العربي، والتضامن داخل المجتمع الإسرائيلي"، وفق قوله.

وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى نتنياهو بإجهاض أي فرصة للتوصل إلى صفقة لإنهاء الحرب وإعادة ذويهم حفاظا على مصالحه السياسية والبقاء بالحكم، رغم موافقة حماس على مقترحات الوسطاء لصفقة جزئية وكذلك شاملة.

وقال حسون إن الكارثة الثانية "تدفع عددا متزايدا من الدول والمؤسسات في العالم إلى النأي عن إسرائيل وجرائمها ومن يقفون وراءها، وتستمر المقاطعة والعقوبات والازدراء بكل ما تمثله دولة إسرائيل في مختلف المجالات".

وتابع أن "الأمر لا يقتصر على الساحة الدولية، فداخل إسرائيل نفسها يزداد عدد من يرفضون المشاركة في هذه الجرائم، إذ يهاجر كثيرون ويشعرون بالخجل من هويتهم مع انكشاف الحقيقة أمامهم".

وفي 15 سبتمبر الماضي، أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الأولى، بأن بلاده تدخل في "نوع من العزلة".

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن نتنياهو، في مؤتمر لوزارة المالية الإسرائيلية قوله: "نحن ندخل في نوع من العزلة، وسيتعين علينا التكيف أكثر فأكثر مع اقتصاد يتمتع بخصائص الاكتفاء الذاتي".

وفي 26 سبتمبر، أظهر استطلاع جديد للرأي تراجعًا كبيرًا في دعم الأمريكيين لتل أبيب، إذ عبّر نحو نصف المستطلعة آراؤهم عن استيائهم من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جراء مواصلة الإبادة في قطاع غزة.

ووفقًا لاستطلاع أجرته جامعة "كوينيبياك" الأمريكية ونشرت نتائجه صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الخميس، فإن 47% فقط من المشاركين اعتبروا أن دعم إسرائيل يخدم المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، مقابل 41 بالمئة رأوا العكس، بينما امتنع 12 بالمئة عن الإجابة.

وشدد المحلل الإسرائيلي نير حسون على أن "هذه ليست سوى هوامش الكارثة، أما الكارثة الحقيقية فهي موت عشرات الآلاف - مدفونين تحت الأنقاض، أو مصابين برصاص الجنود وهم ينتظرون الطعام، أو يموتون ببطء من الجوع في المستشفيات. والمدن التي محيت وتحولت إلى أكوام، واللاجئون الذين تاهت أجسادهم".

وعاما بعد آخر تتحول إسرائيل بشكل لافت إلى بيئة طاردة للسكان إذ يتجاوز عدد مَن يغادرونها أولئك الذين يهاجرون إليها.

وفي 17 سبتمبر الماضي، قال مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي إن 79 ألف إسرائيلي غادروا البلاد العام الماضي 2024، فيما عاد إليها 21 ألف إسرائيلي.

وفي العام 2023 هاجر نحو 55 ألفا و300 إسرائيلي البلاد، فيما اختار العودة أو الهجرة إليها 27 ألفا، بحسب مكتب الإحصاء في سبتمبر 2024.

وتشهد إسرائيل أوضاعا اقتصادية خانقة وانقسامات سياسية عميقة، ضمن تداعيات حرب الإبادة الجماعية التي تشنها بدعم أمريكي على قطاع غزة إضافة لعدونها بالضفة الغربية.

ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved