بعد القفزة التاريخية.. رحلة البيتكوين من البيتزا إلى 100 ألف دولار

آخر تحديث: الجمعة 6 ديسمبر 2024 - 5:06 م بتوقيت القاهرة

أدهم السيد

أثار كسر عملة البيتكوين الرقمية حاجز سعر الـ100 ألف دولار جدلًا واسعًا، لما أبدته العملة ذات الـ16 عامًا من عمرها من قوة ملحوظة. فقد استطاعت الصعود في أسعارها خلال سنوات قليلة رغم التشكيك المتواصل في مصداقية تلك العملة غير الملموسة، لكنها قد تملك مستقبلًا واعدًا مع دعم متواصل من الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وحكومته المرتقب تشكيلها خلال أسابيع.

وتسرد جريدة الشروق أهم المحطات في مسيرة عملة البيتكوين الرقمية منذ أن كانت بأسعار متواضعة تجعلها مناسبة لطلب بيتزا حتى أصبحت نقدًا يساوي 100 ألف دولار نهاية عام 2024.

عصر ما قبل البيتكوين

بدأ التفكير في الاستفادة المالية من برامج الإنترنت مبكرًا مع انتشار الشبكة العنكبوتية، إذ كانت أولى المحاولات ببرنامج "إي كاش" نهاية الثمانينيات، ثم برنامج "هاش كاش" نهاية التسعينيات، ولم يكن أي من البرنامجين يمثل عملة رقمية مستقلة بذاتها، وفقًا لدراسة بعنوان "العائلة الأكاديمية للبيتكوين" للباحث جيرامي كلارك.

وأضاف البحث أن أولى تجارب العملات الرقمية حدثت بين 2004 و2006 بعملة "بيت جولد" وعملة "موني بي"، ولكن كلتا العملتين لم تكونا مأمنتين ضد الاختراقات، ما أفشل وجود شعبية لهما.

مولد البيتكوين على يد الرجل الغامض

شهد أغسطس عام 2008 انطلاق الموقع الرسمي لبيتكوين على يد شخص مجهول يسمي نفسه ساتوشي ناكاموتو، لم يتعرف أحد على هويته حتى الآن، مع ترجيحات بكونه شخصًا يابانيًا أو أن ذلك الاسم مستعار لتغطية عدد من الأشخاص. قام ناكاموتو بعد شهرين من إنشاء الموقع بإرسال بريد إلكتروني واسع النطاق يشمل ورقة بحثية توضح طريقة الاستفادة من عملة البيتكوين الجديدة، وذلك وفقًا لموقعي بزنس إنسايدر وصحيفة وايرد.

بدأت صفقات بيع البيتكوين عام 2009، ليكون هيلفان صاحب شركة شهيرة للعملات الرقمية أول مشتري لـ10 من عملات البيتكوين، التي كانت تقدر قيمة الواحدة منها بأكثر من 3000 بيتكوين للدولار، وفقًا لـنيويورك تايمز. وكان سعر البيتكوين يتوقف على تكلفة الطاقة الكهربائية اللازمة لإنتاج العملة على جهاز حاسوب.

طلب بيتزا وأول عملية شراء بالبيتكوين

تم أول تداول لغرض الشراء بالبيتكوين في مايو 2010، على يد الأمريكي لازلو هانيكس، الذي اشترى قطعتين من البيتزا بـ10 آلاف من البيتكوين، وفقًا لموقع سي بي إس، وكانت البيتزا تقدر وقتها بـ20 دولارًا.

أنتج ناكاموتو مليون عملة بيتكوين خلال سنة 2009، قبل أن يبيع الموقع وعملات البيتكوين لشخص يدعى جافين أندرسون، وفقًا لصحيفة وايرد، لينسدل الستار تمامًا على ناكاموتو، المؤسس الغامض لبيتكوين، الذي ظلت هويته مخفية خلال سنوات.

أعوام صعود البيتكوين

حقق البيتكوين أحد أهم إنجازاته عام 2011، حين تساوت قيمته مع الدولار، ليكتسب شهرة إعلامية واضحة، حيث انتشر الحديث عنه في أكثر من عمل درامي، قبل أن تصل شعبيته إلى درجة بيع مليون عملة بيتكوين خلال شهر واحد من عام 2013، وفقًا لموقع فينشربيت.

لاقى البيتكوين ترحيبًا خلال عامي 2013 و2014 لدى عدد من شركات المنتجات الإلكترونية، التي سمحت باستخدامه لشراء سلعها، مثل مايكروسوفت، وورد، وإنترنت أركايف، وشركة دل، وذلك بحسب مواقع ذا فيرج، وباريتي نيوز، وديجيتال تريندز.

تقبل الحكومات لواقع البيتكوين وثورة العملات الرقمية

وشهد عام 2017 قفزة نوعية للبيتكوين، تصاعد خلالها من مئات الدولارات ليصل نهاية السنة المذكورة إلى 19 ألف دولار للبيتكوين الواحد، وذلك لتزايد القبول الدولي بين الحكومات للعملة الرقمية المثيرة للجدل. إذ أصدرت روسيا واليابان تشريعات تقنن استخدام البيتكوين، وفقًا لموقع سي إن بي سي. بينما تزايد الإقبال على العملة عقب اضطراب اقتصادي خلال انقلاب في دولة زيمبابوي الإفريقية.

وقد رصدت جامعة كامبريدج خلال دراسة لها ارتفاع عدد المتعاملين بالبيتكوين خلال سنة 2017 لأكثر من 5 ملايين شخص حول العالم. بينما ذكرت إحصائيات أخرى تضاعف الشركات المتعاملة بالبيتكوين 4 مرات، ونمو حجم التعامل بالبيتكوين في المكسيك 15 ضعفًا.

وتلت ثورة البيتكوين كسادًا في سوق العملة الرقمية في ما يعرف بأزمة فقاعة البيتكوين، وفقًا لموقع جلوب آند ميل. إذ هبطت أسعار البيتكوين من 19 ألف دولار إلى بضعة آلاف خلال أشهر، بالتزامن مع موجة تضييق حكومية على البيتكوين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية، وفقًا لـالتايمز والإندبندنت، ما جعل عددًا من المواقع يتخلى عن العملة الرقمية في تعاملاته الإلكترونية.

قبلة الحياة من إيلون ماسك

تلقت بيتكوين انتعاشة قوية بعد سنوات من التخبط في مطلع عام 2021، على يد رجل الأعمال الأمريكي الشهير إيلون ماسك، الذي أعلن تضامنه واستعداده لاستخدام البيتكوين في معاملات شركة تسلا، وفقًا لـسي إن بي سي. لترتفع قيمة البيتكوين من 19 ألف دولار نهاية 2020 لتبلغ 40 ألف دولار، مع ارتفاع مستمر خلال السنة.

تراجع ماسك في منتصف السنة عن دعمه للبيتكوين، لكن مكتسبات أخرى حافظت على قوة العملة الرقمية، إذ اعتمدتها السلفادور كعملة للتداول، لتصبح أول دولة تعتمد البيتكوين حول العالم، وفقًا لـبي بي سي. وكانت بلدية زوخ الكبيرة في سويسرا قد أعلنت قبولها تلقي أموال الضرائب بالبيتكوين.

بيتكوين والسقوط الكبير

وتلقت بيتكوين ضربات متتالية خلال سنة 2022، وفقًا لـالإيكونوميك تايمز، إذ هبطت أسعار العملة من 60 ألف دولار في 2021 إلى 16 ألف دولار نهاية 2022، وذلك بعد سقوط شركتين قائمتين بتداول العملات الرقمية مثل "تيرالونا" و"ستابلكوين"، وإفلاس شركة إف تي إكس، وتعطل العمل بشركة سلسياس نيت وورك.

ترامب عراب القفزة التاريخية للبيتكوين

وذكرت الإيكونوميك تايمز أن البيتكوين بدأ بالتعافي والصعود مع مطلع 2024، خلال موجة من زيادة الطلب عليه أعادته لمستويات عالية تشابه مستواه في 2021. ولم تمضِ أشهر حتى بلغ سعر البيتكوين 73 ألف دولار، وفقًا لـبلومبيرج، محققًا رقمًا قياسيًا لم يصله من قبل.

وقد واصل البيتكوين الصعود الملحوظ مع إعلان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، وفقًا لـرويترز. وهو من كان وعد بزيادة الاعتماد على العملات الرقمية، وخاصة البيتكوين، مع عزمه على إقالة مسؤولي الحكومة الديمقراطية السابقة المعادين لفكرة العملات الرقمية.

وقد أثار إعلان ترامب تنصيب باول آدكينز، المؤيد للبيتكوين، بمنصب هام متعلق بالمالية الأمريكية، موجة صعود عالية للبيتكوين، جعلته يكسر حاجز الـ100 ألف دولار، وسط توقعات بمستقبل مرحب بالعملات الرقمية، حيث تقل القيود القانونية ويزداد الدعم الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved