50 عامًا على رحيلها.. أم كلثوم في عيون النقاد والمثقفين: أسطورة مصرية تربعت على عرش الغناء
آخر تحديث: الجمعة 7 مارس 2025 - 6:25 ص بتوقيت القاهرة
- الناقد والباحث هيثم أبو زيد: لديها إعجاز غنائي
- أشرف عبد الرحمن: تربعت على عرش الغناء
- هدى زكريا: توحدت مع بلدها وقدمت أروع الأغاني الوطنية
- سالي جاد: نموذج راقٍ لإعادة تشكيل الوجدان
- الكاتبة سمية عبد المنعم: رمزٌ للذكاء الفريد
- إيناس فؤاد: استطاعت توصيل حبها وانتمائها لمصر إلى جمهورها
في إطار احتفال وزارة الثقافة بعام كوكب الشرق أم كلثوم، ومرور ٥٠ عامًا على رحيلها، أقام قطاع الإنتاج الثقافي برئاسة المخرج خالد جلال حلقة جديدة من ملتقى الهناجر الثقافي، الذي جاء هذا الشهر بعنوان "أم كلثوم: ذاكرة أمة وتاريخ شعب"، وذلك أمس الخميس، بمركز الهناجر للفنون.
أدارت اللقاء الناقدة الأدبية الدكتورة ناهد عبد الحميد، مدير ومؤسس الملتقى، التي رحبت في بداية كلمتها بضيوف المنصة، وقالت: "اليوم نتحدث عن شخصية مصرية استطاعت أن تصنع نفسها وتوفر لها كل عوامل النجاح، فهي أسطورة مصرية خالصة، هي كوكب الشرق أم كلثوم، صاحبة العصمة وفخر مصر والوطن العربي، التي كانت القوة الناعمة الأولى لمصر، وساهمت في بناء الشخصية المصرية، وهي أول من فكر في إنشاء نقابة للموسيقيين، وارتبط اسمها بالمناسبات القومية والدينية للوطن". وأكدت أن عبقريتها لم تكن في حنجرتها فقط، بل في شخصيتها أيضًا، مشددة على أنها رحلت عنا بجسدها فقط، لكنها بقيت بيننا بصوتها وفنها الجميل.
وقال المؤرخ والناقد الفني هيثم أبو زيد إن أم كلثوم تمتلك إعجازًا غنائيًا، وإن من يسمع صوتها يتحتم عليه الإنصات تمامًا. واستعرض على شاشة العرض مقاطع من أغانيها توضّح ملكاتها الفريدة وجماليات صوتها وشخصيتها، والتي من بينها: "القفلة التجويدية، القدرة على تلوين الكلمة عدة مرات في الكوبليه الواحد، الغناء وكأنها زعيمة سياسية، توظيف بعض القوالب الغنائية داخل قوالب أخرى، امتلاك معدل ذبذبات عالٍ، وإتقان لغة الجسد بمستوى عالٍ جدًا"، مشيرًا إلى أنها احتلت مكانة كبيرة في قلوب محبيها، وهو ما ظهر جليًا حين ودعها جمهورها إلى مثواها الأخير في جنازة مهيبة.
وأكد الدكتور أشرف عبد الرحمن، رئيس قسم النقد الفني بأكاديمية الفنون، أن كل الظروف وعوامل النجاح تجمعت لدى أم كلثوم، وأنها عاصرت أجيالًا موسيقية مختلفة، وتتمتع بصوت قوي معبّر يجمع بين نقيضين يصعب اجتماعهما في صوت واحد، وهما القوة وبراعة التعبير)، فهو صوت لا يعرف النشاز.
وأضاف أن أم كلثوم عاصرت جيلًا من الشعراء الجدد الذين لعبوا دورًا كبيرًا في تطوير الغناء، مما مكنها من المساهمة في تطوير الموسيقى العربية وخلق عصر يُعرف بـ "عصر أم كلثوم"، حيث تربعت على عرش الغناء، مؤكدا أن الفنان، لكي يحتل مكانة مرموقة، لا بد أن يمتلك عقلًا يدير موهبته.
من جانبها، أوضحت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، أن أم كلثوم قامت بتطهير الواقع الثقافي، وجمعت الجهود المبعثرة للثقافة المصرية بأسلوبها الراقي في الغناء، وفي ظل تشجيعها وتوفير مناخ ثقافي مناسب، جسدت أم كلثوم حلم الصعود الاجتماعي، ومهدت الطريق بأسلوبها الرفيع لكثير من المطربين الممتازين مثل عبد الحليم حافظ وغيره، مشيرة إلى أن أم كلثوم توحدت مع بلدها مصر، وتغنت بأروع الأغاني الوطنية التي وثقت الأحداث التاريخية للوطن.
من جهتها، قالت الدكتورة سالي جاد، وكيل كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إن أم كلثوم نموذج حيٌّ وراقٍ لإعادة تشكيل وجدان الشباب، وهي من الشخصيات المؤثرة جدًا، وهو ما لمسته من خلال أبحاث الطلاب في الجامعة. وأضافت أن أم كلثوم استطاعت، بما تتميز به من لغة جسد وثبات انفعالي، أن تسيطر على الحالة المزاجية للجمهور في المسرح.
كما أكدت ضرورة تعزيز فكرة الاستعانة بالنماذج المشرفة لتقديم القدوة للشباب، مثمّنةً استخدام تقنية "الهولوجرام" التي جذبت الأجيال الجديدة، ومشددة على ضرورة استغلال كافة التقنيات الحديثة لإعادة تقديم الفن الراقي والمشرف للشباب.
وأشارت الكاتبة الصحفية والقاصة سمية عبد المنعم إلى أن عبقرية أم كلثوم تجلّت أيضًا في إحاطتها نفسها بكوكبة من العظماء من الصحفيين، مثل محمد التابعي، ومصطفى وعلي أمين، وإحسان عبد القدوس، ومحمود عوض، ومحمد حسنين هيكل.
وقال التابعي عنها في إحدى مقالاته إنه يعجز عن وصف هذا الصوت، بينما أجرى محمود عوض حوارًا مع أم كلثوم يُعد من أعظم الحوارات، حيث تناول شخصية أم كلثوم الإنسانة منذ طفولتها، وكان عنوانه الرئيسي "أم كلثوم التي لا يعرفها أحد"، ليصبح لاحقًا عنوان كتابه الأشهر. وأضافت أن كوكب الشرق مارست الصحافة، فقد أجرت حوارًا مع محمد حسنين هيكل، كما أجرت حوارًا إذاعيًا مع إحسان عبد القدوس، ما يجعلها رمزًا للذكاء الفريد وكل ما هو جميل في حياتنا.
بدأت الدكتورة إيناس فؤاد، رئيسة مؤسسة "عظيمات مصر والوطن العربي للتنمية المستدامة"، كلمتها متسائلة: "ماذا كان بينها وبين الله حتى يحبها كل هذا الجمع من جيل إلى جيل؟"، مؤكدة أن أم كلثوم حظيت بحب مليارات القلوب، واستطاعت أن توصل حبها وانتماءها لمصر إلى جمهورها. كما أشارت إلى الدور الهام لوالد أم كلثوم في دعمها منذ البداية، مما يعكس دور الأب والأم والأسرة بصفة عامة في دعم أبنائهم وإظهار مواهبهم للنور. ثم قدمت أصغر متطوعة في المؤسسة، وهي الطفلة "جويرية"، التي ألقت عددًا من الأبيات الشعرية.
تخلل برنامج الملتقى باقة من الفقرات الغنائية لأغاني كوكب الشرق، قدمتها فرقة "عشاق النغم" بقيادة المايسترو الدكتور محمد عبد الستار، منها "هذه ليلتي، أنساك، غني لي شوية، اسأل روحك، يا مسهرني" وغيرها. كما أدى الدكتور شادي نصيف، الأستاذ بكلية التربية الموسيقية بالزمالك، وهو أحد المبدعين من ذوي الهمم، أغنية "الأمل" لكوكب الشرق، مصحوبة بعزفه على العود.