تراث مصري (7).. تأسيس الأهلي والزمالك واستقلال الرياضة عن النفوذ الأجنبي وبداية التمصير

آخر تحديث: الجمعة 7 مارس 2025 - 5:10 م بتوقيت القاهرة

عبدالله قدري

تواصل جريدة "الشروق" خلال شهر رمضان نشر سلسلة "تراث مصري"، المستمدة من كتاب "موسوعة تراث مصري" للباحث أيمن عثمان، والتي تسلط الضوء على المعالم التراثية التي تركت بصمتها في التاريخ المصري. وفي هذه الحلقة، نستعرض تأسيس الأندية الرياضية وتمصير الاتحاد الوطني.

شهدت مصر في أوائل القرن العشرين تطورًا كبيرًا في المجال الرياضي، حيث بدأت الأندية الرياضية في التأسيس والنمو. في عام 1906، جرى إنشاء نادي باسم "الاتحاد" في الإسكندرية بمبادرة من الإخوة محمود وسيد حودة وشقيقهم حسن حودة المعروف باسم حسن رسمي، بالإضافة إلى آخرين. تميز النادي منذ إنشائه بعدم قبول الأجانب بين أعضائه، وضم عددًا من الأندية الصغيرة في الإسكندرية.

وفي عام 1907، تأسس النادي الأهلي للرياضة البدنية ليكون بديلًا لمنتدى طلبة المدارس العليا للألعاب الرياضية، الذي كان يترأسه عمر لطفي بك. ورغم أن النادي كان في طريقه ليكون مصريًا خالصًا، إلا أن الإنجليز تدخلوا لإدخال السير ميشيل أينس ضمن الأعضاء المؤسسين.

في عام 1911، قامت الجالية البلجيكية في مصر، بقيادة مرزباخ، بتأسيس "نادي قصر النيل"، الذي عُرف لاحقًا باسم "نادي المختلط"، نسبة إلى المحكمة المختلطة التي كان يرأسها مرزباخ.

بحسب الباحث، شهد النادي زيادة كبيرة في شعبيته بعد انتقال اللاعب حسين حجازي إليه، مما دفعه إلى الانتقال لمقر جديد بالقرب من مسرح البالون، حيث أصبح يُعرف باسم "نادي الزمالك".

في العشرينيات من القرن الماضي، تأسست أندية رياضية أخرى ذات طابع شعبي، مثل النادي المصري ونادي الترسانة ونادي الإسماعيلي، مما ساهم في انتشار النشاط الرياضي في مختلف أنحاء مصر.

ثورة 1919 وتأثيرها على الرياضة

لم تقتصر ثورة 1919 على الجانب السياسي الذي قاده سعد زغلول، بل امتدت لتشمل مجالات أخرى، حيث لعب طلعت حرب دورًا في الثورة الاقتصادية، بينما قاد سيد درويش نهضة في المجال الغنائي، وفي الرياضة، كان كل من إبراهيم علام وحسين حجازي في طليعة من واجهوا سيطرة الأجانب على الاتحاد المصري المختلط.


قام إبراهيم علام بنشر تفاصيل تحركاته الرياضية في صحيفة "البلاغ"، وساهم ذلك في تعزيز فكرة أن ثورة 1919 كانت بمثابة تحرك شامل في مختلف المجالات.

تأسيس الاتحاد المصري لكرة القدم

في عام 1920، وجهت اللجنة الأولمبية الدولية دعوة إلى مصر للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية بمدينة "أنفرس" البلجيكية. تلقى الدعوة مسيو أنجيلو بولانكي، سكرتير عام اللجنة الأولمبية المصرية التي تأسست عام 1910 تحت إشراف الإنجليز وأصحاب المصالح. نظرًا لأن الاتحاد الرياضي كان مختلطًا، مثل المحاكم المختلطة، فقد كان الرياضيون الوطنيون يعارضون إدارة بعثتهم من قبل شخص أجنبي.

اندلع خلاف بين إبراهيم علام وبولانكي، حيث رفضت الفرق الشعبية في بورسعيد والإسكندرية المشاركة في بعثة يترأسها أجنبي، كما رفضت ضم مسابقة "كأس السلطانية" إلى الاتحاد المختلط. انضم النادي الأوليمبي إلى هذا الرفض، مما أدى إلى عزل إبراهيم علام من منصبه في إدارة المسابقة، وسافرت البعثة المصرية إلى بلجيكا برئاسة مسيو هيرمان، سكرتير الاتحاد المختلط، بتمويل تم جمعه عبر الاكتتاب.

بعد عودة البعثة بنتائج مخيبة للآمال، تعززت مطالب جماعة "التمصير"، التي قررت الاستمرار في جهودها لتأسيس اتحاد رياضي مصري مستقل. استغل القائمون على هذه المبادرة ضعف الاتحاد المختلط وفشله في إدارة البعثة الأولمبية لكسب المزيد من الدعم بين الجماهير المصرية.

الإعلان عن تأسيس الاتحاد المصري لكرة القدم

في 3 ديسمبر 1921، اجتمع مندوبو أندية الأهلي والمختلط والقاهرة والسكة الحديد والعباسية في نادي خريجي التجارة العليا، وتواصلوا مع فرق أخرى مثل الاتحاد السكندري والمصري البورسعيدي واتحاد السويس، بهدف تأسيس اتحاد رياضي مصري مستقل.

قبل هذا الاجتماع بعدة أشهر، قام إبراهيم علام بترجمة قانون اللعبة ولوائحها وتنظيم المسابقات المحلية، وعرضها على الحاضرين في اجتماع لاحق يوم 9 سبتمبر 1921، حيث تمت مناقشتها واعتمادها رسميًا.


تم انتخاب أول مجلس إدارة للاتحاد المصري لكرة القدم، حيث تولى جعفر والي رئاسة الاتحاد، وفؤاد أباظة وفؤاد أنور منصبي الوكيلين، وإسماعيل يسري أمينًا للصندوق، ويوسف محمد سكرتيرًا، بينما شملت عضوية المجلس كلًا من إبراهيم علام، محمد صبحي، رياض شوقي، علي صادق، وطه السرجاني.

بهذا التأسيس، أصبح للرياضة المصرية كيان مستقل، مما مثل نقطة تحول في تاريخ كرة القدم في مصر، وأدى إلى تطويرها بعيدًا عن السيطرة الأجنبية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved