مستوطنون في مهمة إبادة غزة.. هل يعود الاستيطان من بوابة الدمار؟

آخر تحديث: الأحد 7 سبتمبر 2025 - 2:47 م بتوقيت القاهرة

أحمد علاء

لم تعد غزة اليوم كما كانت من قبل، فنبضها بالحياة يتوقف ومعالمها تمحى وشوارعها ومبانيها التي كانت متراصة وتصل لحد الاختناق بفعل صغر مساحتها حافظت على اختناقها هذا ليس بارتفاعات تعانق السماء لكن بركام مهول ربما يكون رفعه أصعب وأقسى من إعادة الإعمار حوله.

الدمار في غزة بفعل آلة حرب الاحتلال والمستمر منذ ما يزيد على 700 يوم لم يكن نتاج عمليات عسكرية بالمعنى المباشر والمعروف، لكن إسرائيل أدخلت آلة جديدة، غير رسمية في التنظيم، متشابهة في الدمار من حيث التكتيك.

 

- مستوطنون في مهمة تدمير غزة

إسرائيل أدخلت على خط حرب غزة، شركات مقاولات مدنية ومجموعات استيطانية متطرفة، تم تجنيدها من قِبل الجيش لمهمة توسيع رقعة الدمار.

مجموعة «قوة أوريا» انضمت إلى آلة الدمار الإسرائيلية في حرب غزة، وهي مجموعة مرتبطة بشكل مباشر بشركة مقاولات يديرها المستوطن بتسلئيل زيني، شقيق رئيس جهاز الشاباك دافيد زيني.

وفيما تقول صحيفة هآرتس إن هذه المجموعة بشكل مستقل وخارج الأطر العسكرية الرسمية، إلا أن الغرض يظل واحدًا وهو تدمير كل شيء في غزة، وهو أحد أهداف الحرب الإسرائيلية على القطاع.

ومن خلال تمويل توفره وزارة الأمن الإسرائيلية، تعمل هذه المجموعات على إحداث دمار هائل في غزة، باستخدام جرافات ومعدات ثقيلة.

تضيف هآرتس أن مجموعة "قوة أوريا" ترتكب تجاوزات خطيرة في قطاع غزة، وتنفذ عمليات ميدانية تُوصف بأنها حساسة بشكل مستقل، والأكثر من ذلك أنها تتم دون تنسيق أو موافقة من الجيش.

 

- تدمير المنزل بـ1500 دولار

يتقاضى عناصر هذه المجموعات مبالغ كبيرة تصل إلى 1500 دولار عن كل منزل يتم تدميره في قطاع غزة، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.

وفي حديث لـ"الشروق"، يقول الأكاديمي الفلسطيني أيمن الرقب إن هذه المجموعات المتطرفة شاركت من قبل في تدمير مدينة رفح وكذلك أعمال الدمار في خان يونس ومحافظة الشمال.

وعلى غرار جرائم جيش الاحتلال، تعمد عناصر هذه المجموعة إلى استخدام مواطنين فلسطينيين كدروع بشرية، ويتم إجبارهم على دخول أنفاق أو مبان للكشف عن ألغام أو مسلحين من المقاومة الفلسطينية.

جيش الاحتلال يوفر الوقود اللازم لجرافات هذه المجموعات التي تعمل على توسيع رقعة الدمار بغزة. ووفق "هآرتس"، فإن تزايد الاعتماد على هذه المجموعات المستقلة يرتبط بأزمة نقص الآليات الثقيلة لدى الجيش.

 

فقد تراجعت - وفق الصحيفة - أعداد الجرافات المدرعة المتاحة من 20 لكل لواء مع بداية الحرب إلى أقل من 10 اليوم، وغالبا من دون سائقين مؤهلين.

يتفق مع ذلك الرقب الذي قال لـ"الشروق"، إن هذه المجموعات يفترض أنها غير مرخصة في إسرائيل، لكن سماح الجيش بعملها يعني أنه شرعن وجودها.

يُرجع الرقب هذا الأمر إلى أن جيش الاحتلال سمح بعملها بسبب نقص المعدات العسكرية في أعقاب إعطاب الكثير من الآليات العسكرية الإسرائيلية (على إثر ضربات المقاومة الفلسطينية).

يذكر أن قوة أوريا ظهرت للمرة الأولى في أواخر عام 2024، وتضم نحو 15 مشغلاً للجرافات والمعدات الثقيلة، وأغلب عناصرها من مستوطني الضفة الغربية.

وتتمثل مهام هذه الوحدة في هدم المنازل والمدارس والمساجد وحتى أحياء بأكملها، وتفكيك الأنفاق تحت مبررات أمنية، لكن الأخطر من ذلك أنها تتخطى النطاق العسكري إلى أيديولوجي واستيطاني.

- هل يعود الاستيطان لغزة؟

وجود مجموعات استيطانية في قطاع غزة أثار مخاوف مع عودة فكرة الاستيطان إلى القطاع.

ويقول الرقب إن مهمة هذه المجموعات المتطرفة إحداث أوسع تدمير ممكن في غزة، وبالتالي التجهيز لبؤر استيطانية في القطاع.

إسرائيل كانت - بعد احتلالها قطاع غزة في 1967 - قد أقامت نحو 21 مستوطنة داخل غزة وكان يسكنها 8000 مستوطن إسرائيلي.

في 2005، قررت إسرائيل تنفيذ خطة الانسحاب الأحادي من غزة، فجرى إخلاء جميع المستوطنين وتفكيك المستوطنات كليًا.

- تغير مطلوب في التعامل العربي

صحيح أن الدمار في غزة عامل مشترك لكل إسرائيلي ينشط ضمن العمليات في القطاع، لكن الرقب حذر من أن هذه القوة تهدم بعقائدية لكون عناصرها من اليمين المتطرف الذي يعتبر نفسه يخوض حربًا دينية.

مواجهة كل هذا الذي يتعرض له قطاع غزة - يرى الرقب - أنه يتطلب تحركًا عربيًّا مغايرًا، ويضيف بأن الدول العربية والإسلامية اتبعت على مدار الفترات الماضية اللغة الدبلوماسية والسياسية في مواجهة إسرائيل وهو أمر وصفه بأنه لم يكن مجديًّا.

وفيما أوضح أنه لا يقصد أن المطلوب هو خوض حرب، لكنه أشار إلى أوراق أخرى يمكن للحرب إتباعها، وهي فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل في محاولة لكبح جماح تطرفها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved