تراث مصري ( 8 ).. أسطورة الكرة حسين حجازي
آخر تحديث: السبت 8 مارس 2025 - 10:26 ص بتوقيت القاهرة
عبدالله قدري
تواصل جريدة "الشروق" خلال شهر رمضان نشر سلسلة "تراث مصري"، المستمدة من كتاب "موسوعة تراث مصري" للباحث أيمن عثمان، والتي تسلط الضوء على المعالم التراثية التي تركت بصمتها في التاريخ المصري.
وفي هذه الحلقة، نستعرض تاريخ أسطورة من أساطير الكرة المصرية اللاعب حسين حجازي.
يُعد حسين حجازي أحد أبرز رواد كرة القدم المصرية، حيث تميز بأسلوب لعبه الفريد ومهاراته العالية، ليصبح من أوائل اللاعبين المصريين الذين حظوا بشهرة عالمية. وُلِد حجازي عام 1885 في قرية "قريملة" بمركز بلبيس، في محافظة الشرقية، قبل أن ينتقل مع عائلته إلى القاهرة، حيث التحق بمدرسة الناصرية الابتدائية عام 1902.
-بداية عشق كرة القدم
بدأ اهتمام حجازي بكرة القدم عندما شاهد مجموعة من الشباب يلعبون في حوش نظارة المالية، وهو ما دفعه إلى شراء كرة قدم بمساعدة والدته، مع مرور الوقت، بدأ في التمرن يوميًا مع صديقه محمد محمود، الذي لعب كحارس مرمى، بينما كان حجازي يسعى لإتقان التسديد والتسجيل، لاحظ المشرف على فريق كرة القدم بمدرسة الناصرية مهاراته، فاختاره للعب ضمن الفريق الثاني، رغم كونه أصغر لاعبي الفريق سنًا وحجمًا.
بعد إنهاء تعليمه الأساسي، التحق حجازي بالمدرسة السعيدية الثانوية، حيث تألق في كرة القدم وألعاب القوى، وحقق العديد من البطولات المدرسية، ما جعله حديث زملائه والجمهور الرياضي في ذلك الوقت، نتيجةً لذلك، تهافتت الأندية للتعاقد معه، وكان نادي السكة الحديد أول نادٍ ينضم إليه، حيث لعب في فريق المصريين بالنادي ضد فريق الإنجليز.
-رحلته إلى إنجلترا وبداية المجد الأوروبي
نال حجازي إعجاب ناظر مدرسة السعيدية، الذي كان إنجليزيًا ومحبًا لكرة القدم، فأقنعه بالالتحاق بجامعة كمبريدج عام 1910، وهناك، انضم إلى فريق الجامعة وشارك في تحقيق أول فوز تاريخي لجامعة كمبريدج على جامعة أكسفورد عام 1911، مما جعل الجماهير الإنجليزية تهتف باسمه، مختصرةً إياه بـ"هيجي.. هيجي".
ونتيجةً لأدائه المتميز، حصل حجازي على الشارة الزرقاء من مدير الجامعة، وهو تكريم نادر يمنح لأبرز الرياضيين. وخلال وجوده في إنجلترا، شارك في تدريبات الأندية الكبرى، مما عزز شعبيته هناك، إلى حد ضمه للمنتخب الإنجليزي، في إحدى المباريات الدولية بين إنجلترا وإسبانيا، لفت حجازي انتباه الملك ألفونسو، الذي قال له بعد المباراة:
"لو كان في العالم أحد عشر لاعبًا مثلك، لسلمت لهم الكرة الأرضية بالسيادة على اللعبة."
-العودة إلى مصر والقيادة الوطنية
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، عاد حجازي إلى مصر، حيث استأنف نشاطه الكروي مع الأندية المحلية، وأصبح كابتن المنتخب الوطني، قاد الفريق المصري لأول مرة في دورة الألعاب الأولمبية في أنتويرب ببلجيكا عام 1920، إلا أن الإصابة حرمته من إكمال مشواره، ما أدى إلى خسارة المنتخب أمام بلجيكا رغم تحقيقه انتصارات سابقة عليها.
في أولمبياد باريس عام 1924، قاد حجازي الفريق المصري مجددًا، ورغم إصابته في ساقه، أصر على المشاركة، حقق المنتخب تحت قيادته فوزًا تاريخيًا على منتخب المجر بنتيجة 3-1، حيث أحرز الأهداف كل من إبراهيم يكن، حسين حجازي، وسيد حودة، ما جعل الفريق المصري حديث الصحافة العالمية.
وفي دورة الألعاب الأولمبية بأمستردام عام 1928، غاب حجازي عن المشاركة لأسباب عائلية، لكنه ترك إرثًا كبيرًا في تاريخ الكرة المصرية، حيث حقق المنتخب المركز الرابع بعد التغلب على منتخبي تركيا وبلغاريا.
-مكانته في تاريخ الكرة المصرية
حصل حجازي على تقدير خاص من الجماهير التي منحته لقب "حجازي بك"، وهو اللقب الذي لم يحصل عليه أي لاعب آخر من قبله أو بعده. وصفه المعلق الشهير محمد لطيف بأنه "كان وحده قمة في كرة القدم، وكان الجمهور هو الحكم في مثل هذه الأمور"، كما أكد أنه كان يتمتع بمكانة رياضية واجتماعية متميزة، كونه وريثًا لمائتي فدان، وكان لاعبًا يتمتع بأخلاق رفيعة داخل الملعب وخارجه.
ترك حسين حجازي إرثًا رياضيًا كبيرًا، حيث كان أول لاعب مصري يحترف في إنجلترا، وقائدًا للمنتخب المصري في أولى مشاركاته الأولمبية، وأحد أهم رموز كرة القدم المصرية في بداياتها، ولعب للقطبين الأهلي والزمالك.
اقرأ أيضا: