المكتبة الإسلامية ( 8 ).. مسند الإمام أحمد بن حنبل أضخم موسوعة حديثية في الإسلام

آخر تحديث: السبت 8 مارس 2025 - 10:38 ص بتوقيت القاهرة

محمد حسين

اكتمل الوحي الإلهي، بقول الله -تعالى- في سورة المائدة: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"، في يوم عرفة من حجة الوداع؛ ليكون الإسلام دينًا مكتمل الأركان مستندًا إلى كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، حمل العلماء على عاتقهم مسئولية فهم الدين واستنباط الأحكام، فكان الاجتهاد بابًا واسعًا أثرى الأمة بعلوم شتى، وعلى مدار أكثر من 1000 عام ظهر تراث إسلامي زاخرا بالكتب في التفسير والحديث والسيرة والفقه وغيرها من العلوم الشرعية.

وفي هذه السلسلة، نطوف معًا بين رفوف "المكتبة الإسلامية"، نستكشف في كل حلقة كتابًا أثرى الفكر الإسلامي، ونتأمل في معانيه وأثره في مسيرة العلم والدين.

الحلقة الثامنة..

-نبذة عن الإمام أحمد بن حنبل

الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وُلد عام 164 هـ في بغداد، ونشأ في بيئة علمية جعلته من كبار علماء الحديث والفقه، وفقالما ورد في "طبقات الحفاظ" للذهبي.

رحل بين بلاد المسلمين طلبًا للعلم، فزار الشام، الحجاز، واليمن، وتتلمذ على يد أكابر المحدثين، واشتهر بتمسكه بالسنة وصبره خلال محنة خلق القرآن، حسب ما جاء في "سير أعلام النبلاء" للذهبي.

وتوفي الإمام أحمد عام 241 هـ بعد مسيرة طويلة في العلم والتعليم، وفقًا لما ورد في "وفيات الأعيان" لابن خلكان.

-ما مميزات مسند الإمام أحمد؟

يُعتبر "المسند" من أبرز الكتب الحديثية، إذ اعتمد الإمام أحمد على ترتيب الأحاديث وفق رواة الصحابة، وليس وفق الأبواب الفقهية، مما أعطاه طابعًا مختلفًا عن بقية كتب الحديث، حسب ما ذكره السخاوي في "فتح المغيث".

ويمثل الكتاب أضخم موسوعة حديثية في الإسلام، إذ يضم أكثر من 27 ألف حديث، وهو ما جعله أحد أكبر المراجع التي حفظت السنة النبوية، كما ورد في "الرسالة المستطرفة" للكتاني، يتميز كذلك بترتيبه الفريد، حيث جمع الإمام أحمد الأحاديث تحت أسماء الصحابة الذين رووها، وليس حسب الموضوعات الفقهية، ما يجعل البحث فيه مختلفًا عن كتب الصحاح والسنن، وفقالما ورد في "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم.

وحرص الإمام أحمد على صحة الأحاديث التي رواها، رغم احتواء الكتاب على بعض الأحاديث الضعيفة، إلا أن معظم الروايات جاءت عن طريق الثقات، وكان شديد الانتقاء في روايته، حسب ما ورد في "مقدمة ابن الصلاح"، حظي الكتاب بمكانة كبيرة بين العلماء، وكان مرجعًا أساسيًا يستند إليه الفقهاء والمحدثون، نظرًا لغزارة مادته الحديثية، كما جاء في "الباعث الحثيث" لابن كثير.

-ما يميز الأحاديث في مسند الإمام أحمد؟

في فضل الدعاء، روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدعاء هو العبادة" (حديث صحيح)، حسب ما ذكر الألباني في "صحيح المسند".

وفي فضل حسن الخلق، ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا" (حديث حسن)، كما جاء في "عون المعبود شرح سنن أبي داود" للعظيم آبادي.


-شروحات مسند الإمام أحمد

نال المسند اهتمام العلماء، وظهرت له شروحات متعددة، كان من أبرزها كتاب "فتح الرب الغفور في ترتيب أحاديث المسند على أبواب الفقه" للساعاتي، حسب ما جاء في "كشف الظنون" لحاجي خليفة، كما اعتنى به الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "إتحاف المهرة بفوائد مسانيد أحمد والبزار وأبي يعلى"، وفقًا لما ورد في "البدر المنير" لابن الملقن، إضافة إلى ذلك، وضع ابن الجوزي شرحًا خاصًا للمسند، وهو من أهم الكتب التي تناولت تحليل رواياته، وفقالما ذكر الشوكاني في "إرشاد الفحول".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved