قاضيتان بالمحكمة العليا الأمريكية تحذران من انهيار دولة القانون جراء تطبيق ترامب لقانون الأعداء الأجانب
آخر تحديث: الثلاثاء 8 أبريل 2025 - 11:08 ص بتوقيت القاهرة
محمد بصل
القاضيتان سوتومايور وجاكسون توجهان نقدا شديد اللهجة لحكم المحكمة العليا الذي أسعد البيت الأبيض
عاصفة من الجدل أثارها حكم المحكمة العليا الأمريكية الصادر أمس بإمكانية استمرار الإدارة في استخدام قانون "الأعداء الأجانب" الصادر عام 1798 لترحيل الأجانب من الولايات المتحدة، في قضية إبعاد إدارة الرئيس دونالد ترامب لأعضاء في عصابة "ترين دي أراجوا" الفنزويلية العنيفة.
اعتُبر هذا الحكم انتصارا لسياسات ترامب، الذي يتمسك بتطبيق هذا القانون لترحيل الأجانب المشتبه في ضلوعهم بأنشطة غير قانونية.
ورحب ترامب بسعادة بالغة بصدور الحكم، وكتب على حسابه في "تروث سوشيال": "لقد رسّخت المحكمة العليا سيادة القانون في بلادنا بتمكين رئيس، أياً كان، من تأمين حدودنا وحماية عائلاتنا وبلدنا. يومٌ عظيمٌ للعدالة في أمريكا"
أما نائبه چي دي ڤانس فكتب على منصة X مرحبا بالحكم ووصفه بـ"خسارة فادحة للمجانين وانتصار كبير للولايات المتحدة".
وألغى هذا الحكم حكما سابقا أصدره القاضي الديمقراطي جيمس بواسبيرغ الشهر الماضي، عندما أمر طائرتين كانتا في طريقهما إلى السلفادور وعلى متنهما 261 مهاجرًا غير شرعي بالعودة أدراجهما وإعادتهم إلى الولايات المتحدة. وزعمت إدارة ترامب أن الطائرتين كانتا بالفعل فوق المياه الدولية، وأنهما توجهتا إلى السلفادور، حيث أقلت أفراد العصابة إلى سجن السلفادور الكبير.
أغلبية بسيطة تؤيد سياسة ترامب
على الرغم من أن الحكم قال إنه يجب عقد جلسة استماع في المحكمة قبل ترحيل الأجانب المشتبه في ضلوعهم بأعمال عنف أو جرائم من الولايات المتحدة ومنحهم "وقتا معقولا" للمثول أمام المحكمة، إلا أنها سمحت لإدارة ترامب باستخدام القانون الذي يعود إلى القرن الثامن عشر من زمن الحرب لترحيل المهاجرين، وبالأخص في هذه الحالة أفراد مزعوم انتماؤهم لعصابة ترين دي أراجوا (TdA) التي صنفتها وزارة الخارجية الأمريكية كمنظمة إرهابية أجنبية.
وصدر الحكم بأغلبية 5-4 بشكل مفاجئ، حيث انضمت القاضية إيمي باريت المحسوبة على اليمين والتي رشحها ترامب نهاية فترته الأولى، إلى القاضيات الليبراليات الثلاث اللاتي رُشحن للمحكمة في عهدي باراك أوباما وجو بايدن: سوتومايور، كاجان، چاكسون.
بينما أيد الحكم أغلبية مكونة من خمسة قضاة رجال هم: روبرتس، توماس، أليتو، جورساش، كاڤانو. وجميعهم دخلوا المحكمة العليا في عهود رؤساء جمهوريين: جورج بوش الأب وجورج بوس الابن ودونالد ترامب.
هجوم قاس على الحكم من القاضيتين الليبراليتين
كتبت القاضيتان سونيا سوتومايور وكاتي چاكسون رأيين مستقلين ضد الحكم، عكس اتساع البون بين أعضاء المحكمة، إزاء الإجراءات اللازمة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم في أوقات الطوارئ أو لشبهات أمنية، كما أوضحا الاستقطاب الحاد داخل المحكمة حول سياسات الإدارة الأمريكية الحالية.
اعتبرت القاضية سوتومايور أن موقف الحكومة يهدد بأن الأمر ليس مقتصرا على الأجانب "بل أيضًا مواطنو الولايات المتحدة، قد يُطردون من الشوارع، ويُجبرون على ركوب الطائرات، ويُحتجزون في سجون أجنبية دون أي فرصة للحصول على العدالة إذا رُفض الاستئناف القضائي بشكل غير قانوني قبل الترحيل".
وأبدت سوتومايور اتفاقها مع أمر المحكمة بمنح المدعين "إشعارًا بعد تاريخ هذا الأمر بأنهم عرضة للترحيل بموجب القانون،... في غضون فترة زمنية معقولة وبطريقة تسمح لهم فعليًا بطلب أمر الإحضار في المحكمة المختصة قبل حدوث هذا الترحيل" مستدركة بأن "هذا لا يعني بالطبع تمكين الحكومة من اصطحاب أي محتجزين إلى الطائرات تحت غطاء السرية، كما فعلت مع الأفراد الفنزويليين في 15 مارس الماضي. كما لا يمكنها "استئناف" ترحيل الأفراد "فورًا" دون إشعار عند إلغاء أمر تقييدي مؤقت.
وشددت على أنه عندما ترحل الحكومة فردا واحدا دون إخطاره وبدون فرصة حقيقية لتقديم طلب الحصول على أمر قضائي، فإنها تنتهك بشكل مباشر مبادئ المحكمة العليا.
ووصفت قانون الأعداء الأجانب بأنه خارج على الدستور قائلة: "هذه الأنظمة الخارجة عن القانون ليست غريبة عن التاريخ، لكن نظام قوانين هذه الأمة مُصمم لمنعها، وليس لتمكينها من الظهور. ويُشكل سلوك الحكومة في هذه الدعوى تهديدًا بالغًا لسيادة القانون".
وانتقدت سوتومايور زملاءها بحدة: "إن قيام أغلبية أعضاء هذه المحكمة الآن بمكافأة الحكومة على سلوكها بتعويض عادل تقديري أمرٌ لا يمكن الدفاع عنه. إننا، كأمة وكمحكمة، ينبغي أن نكون أفضل من هذا".
وفي نفس الاتجاه كتبت القاضية كاتاني چاكسون منتقدة السرعة غير المعتادة في إصدار الحكم وبدون دراسة شافية لكل جوانب القضية: "إن هذا النهج غير الموثوق/غير المسئول fly-by-night في عمل المحكمة العليا ليس مُضلِّلًا فحسب، بل هو خطير أيضا".
وانتقدت ترامب لاستناده إلى "قانون يعود إلى قرون من زمن الحرب لنقل أشخاص إلى سجن شديد الوحشية تديره جهات أجنبية. بالنسبة لأنصار الحرية، ينبغي أن يكون هذا مقلقا للغاية".
واستطردت چاكسون: " عندما تبت هذه المحكمة في قضايا معقدة وهامة، فإنها عادة ما تسمح للمحاكم الأدنى بمعالجة تلك المسائل أولا، ثم تتلقى إحاطة كاملة، وتستمع إلى المرافعات الشفوية، وتتداول داخليا، وأخيرًا تُصدر رأيا مُسَلَّمًا به. قد لا تفضي هذه الإجراءات الصارمة دائما إلى نتائج صحيحة. ولكن عندما نحيد عنها، يزداد الخطر بشكل كبير".
ودعت بذلك إلى اتخاذ إجراءات قضائية شافية وأطول فترة لتمكين الأجانب المتضررين من الطعن على قرارات إبعادهم، وعدم الشروع في تنفيذ ذلك قبل استيفاء تلك الإجراءات.
يُذكر أن أنصار ترامب عبر مواقع التواصل الاجتماعي يشنون هجوما عنيفا منذ صدور الحكم على القاضية باريت بسبب انحيازها للجناح الليبرالي من المحكمة، كما انتشرت "كوميكس" و"تدوينات" تنتقد القاضيات الأربع وتتهم بعضهن بالشيوعية.