الخشت: العقلية المغلقة هي أساس التطرف.. . والحل يكمن في تفكيك الحواضن الأولى

آخر تحديث: الأحد 8 يونيو 2025 - 2:20 ص بتوقيت القاهرة

قال الدكتور محمد عثمان الخشت، أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب بجامعة القاهرة، إن التطرف يبدأ بعقل مغلق يرى العالم من زاوية واحدة، ويظن أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، مؤكدًا أن هذه الذهنية تُشكّل أساسًا لفكر يمكن أن يتحول لاحقًا إلى عنف مادي.

وأضاف الخشت، في لقائه بالإعلامي عماد الدين أديب، عبر شاشة سكاي نيوز عربية، مساء السبت، أن المتطرف "يؤمن بثنائية جامدة من نور وظلام، حق مطلق وباطل مطلق، فرقة ناجية وأخرى هالكة، ويستند إلى مفاهيم دخيلة على الدين مثل الحاكمية، والولاء والبراء، والجاهلية المعاصرة".

وأوضح أن هذه المفاهيم تُرسّخ بنية عقلية مغلقة تشترك فيها جماعات مختلفة، رغم ما قد يبدو من تناقض بينها، حيث "يظل النموذج العقلي واحدًا حتى وإن كفّر بعضهم بعضًا".

وأكد الخشت أن البيئة التي تنتج هذا النوع من التفكير لا تتوقف عند الأفراد الذين مارسوا العنف، بل تشمل الحواضن الأولى التي تزرع فيهم تلك المفاهيم وتمنحهم تفسيرًا أحاديًا للواقع. مستكملا: "بعض المؤسسات التعليمية والدعوية لا تزال تدرّس بطريقة تخلق هذا النوع من العقليات، وهو ما يجعل الحل في تفكيك البنية الفكرية منذ جذورها، لا في التعامل مع النتائج فقط".

وعن الأسباب التي تدفع المتطرف إلى التضحية بحياته عن قناعة تامة، أشار الخشت إلى أن العقيدة المغلقة تُقدّم له وعدًا بالخلاص: "يؤمن أنه إذا قَتل أو قُتل، فهو شهيد في الجنة، وله الحور العين، وهذا الإيمان ناتج عن بناء تصوري كامل للعالم والآخرة".

ويرى الخشت أن هناك ثلاث مسارات يمكن أن تدفع الشخص لمراجعة أفكاره: "أولًا.. الانفتاح على أفكار جديدة: عبر كسر العزلة الفكرية وفتح نوافذ العقل على رؤى مختلفة، ثانيًا.. الوعي بالتناقضات الداخلية: حين يكتشف الشخص أن الجماعة التي ينتمي إليها لا تمثل ما كانت تدّعيه، بل قد تمارس ما يناقض الدين نفسه، ثالثًا.. النضج الذاتي وتراكم الخبرة: فبعض الأفراد يبدأون في إعادة تقييم أفكارهم مع التقدم في السن أو عند المرور بتجارب عميقة كالسجن".

وتطرق لتجربة السجن، معتبرًا إياها سلاحًا ذا حدين، حيث يمكن أن تنتج متطرفًا أكثر شراسة إذا شعر بالظلم، أو قد تخلق فرصة للتأمل والمراجعة الذاتية في بيئة إصلاحية. وقال: "في بعض الدول، يُعامل السجن كدار إصلاح حقيقي، بينما في حالات أخرى يصبح بيئة لتفريخ العنف، كما حدث في بعض التنظيمات التي نشأت داخل السجون".

وشدد أن النفس البشرية لا تحكمها قوانين جامدة كالفيزياء، بل تختلف ردود أفعالها من شخص لآخر، متابعًا: "قد يمر ثلاثة أشخاص بنفس التجربة، لكن استجابتهم تختلف تمامًا. لا يوجد قانون موحد يحكم الطبيعة الإنسانية".

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved