فرنسا على صفيح ساخن: رئيس الوزراء بايرو يواجه لحظة السقوط في جلسة التصويت على الثقة

آخر تحديث: الإثنين 8 سبتمبر 2025 - 5:35 م بتوقيت القاهرة

هايدي صبري

شهدت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، الإثنين، واحدة من أكثر الجلسات توتراً منذ سنوات، حيث خضع رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو لتصويت حاسم على الثقة بدا منذ البداية أنه سيؤدي إلى سقوط حكومته.

وقالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إن الجلسة التي امتدت لساعات تحولت إلى مواجهة سياسية كبرى بين اليمين واليسار، وسط اتهامات متبادلة واتهام رئيس الوزراء معارضيه بـ"العجز عن مواجهة الواقع".

**لحظة الحسم: بايرو يختتم كلمته

في تمام الساعة 15:47 (بتوقيت باريس)، أنهى بايرو خطاباً استمر نحو 40 دقيقة، قوبل خلاله بمقاطعات وصفير من بعض النواب. دقائق بعد ذلك، تولى الكلمة بوريس فالود، رئيس الكتلة الاشتراكية، ليعلن بوضوح أن حزبه لن يمنح الثقة للحكومة، مؤكداً أن "الاشتراكيين مستعدون للحكم مع اليسار والخضر"، وواصفاً خطوة بايرو بأنها "هروب من المسؤولية"، وفقاً للصحيفة الفرنسية.

**هجوم اليمين: ووكوييه يستهدف ميلانشون

وصعد لوران ووكوييه، زعيم الجمهوريين، خطابه ضد اليسار المتطرف، متهماً جان لوك ميلانشون بالسعي إلى "الفوضى" واستغلال الحركات الاحتجاجية لتحقيق مكاسب سياسية. ووكوييه شدد أن "اليسار المتطرف هو الخطر الأول على الجمهورية الفرنسية"، رافضاً أي احتمال لدعم حكومة يسارية أو جبهة شعبية جديدة.

**الاشتراكيون يعلنون القطيعة

قبل ذلك بدقائق، أعلن النائب الاشتراكي بوريس فالود أن حزبه لن يمنح الثقة للحكومة الحالية، وهاجم الرئيس ماكرون ورئيس وزرائه باعتبارهما مسؤولين عن "الأزمة والشلل والكارثة السياسية". وأضاف أن "ما يجري ليس شجاعة بل مهزلة سياسية"، مؤكداً أن الاشتراكيين "لن يشاركوا في هذه اللعبة".

**بايرو: أنتم تستطيعون إسقاط الحكومة لكن لا تستطيعون محو الواقع

 

 

في أكثر اللحظات قوة في خطابه قال بايرو موجهاً كلامه للنواب:
"لديكم القدرة على إسقاط الحكومة، لكنكم لا تملكون القدرة على محو الواقع. الواقع سيبقى حاضراً بكل أزماته، من الديون المتراكمة إلى التحديات الاجتماعية".

وأكد أن الانقسامات بين القوى السياسية لن تحل الأزمات البنيوية التي تواجه فرنسا، وفي مقدمتها الدين العام الذي وصفه بأنه "يهدد حرية الأمة كما تفعل قوة عسكرية غازية".
تنازلات للتجمع الوطني ومحاولات

**استمالة اليسار

في خطابه، حاول بايرو تقديم إشارات متوازنة للتيارين المتعارضين في البرلمان: عند الساعة الثالثة والنصف بتوقيت باريس، أعلن استعداده لتقليص المساعدات الطبية للدولة وهي مطلب تقليدي لحزب التجمع الوطني (RN).

وبعد دقائق، تحدث عن "ضرورة مساهمة أصحاب الثروات الكبيرة" في خفض العجز، معتبراً أن استهداف التهرب الضريبي أولوية، في محاولة لاستمالة اليسار.

**إنذار حول الدين العام

منذ بداية كلمته، شدد بايرو على خطورة المديونية الفرنسية، التي بلغت 3415 مليار يورو، مؤكداً أن فرنسا لم تعرف ميزانية متوازنة منذ 51 عاماً. ووصف الدين العام بأنه "استعباد صامت"، يعادل "الهيمنة العسكرية".

**امتحان الحقيقة

 

افتتح بايرو خطابه بتأكيد أنه هو من طلب هذا التصويت على الثقة، معتبراً إياه "امتحان الحقيقة". وقال:
"الخطر الأكبر لم يكن في المخاطرة، بل في الاستسلام للاستمرار كما نحن، بلا أي تغيير".

وافتتحت الجلسة الاستثنائية افتُتحت عند الساعة الثالث ظهراً بتوقيت باريس برئاسة يائيل برون-بيفيه، رئيسة الجمعية الوطنية، قبل أن تعطي الكلمة لرئيس الوزراء.

ووفقاً للصحيفة الفرنسية فإن جلسة الثقة هذه لم تكن مجرد مواجهة برلمانية عادية، بل محطة فاصلة في المسار السياسي لفرانسوا بايرو، الذي بدا محاصراً بين معارضة يسارية مصممة على إسقاطه، ويمين يراه غير قادر على إنقاذ البلاد.

وأوضحت الصحيفة أنه بينما يستعد البرلمان للتصويت النهائي، فهل يمثل سقوط بايرو نهاية مرحلة سياسية مرتبطة بإيمانويل ماكرون، وبداية فوضى سياسية جديدة في فرنسا؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved